الجزائر تواصل التزامها بحماية حقوق الطفل    النعامة : جثمان المجاهد ضيف الله محمد يوارى الثرى    مداحي: الرقمنة والعصرنة خيار استراتيجي لتسيير المرافق السياحية    مجلس الأمة: تنمية المناطق الحدودية تكتسي طابع الأولوية    المعرض العالمي بأوساكا: عروض فرقة "أروقاس" من جانت تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    بتروكيمياء: استلام مشاريع عديدة بقيمة 7 مليارات دولار خلال الخماسي الجاري    موسم الاصطياف 2025 والاحتفالات بالذكرى 63 لعيد الاستقلال محور اجتماع للمجلس التنفيذي لولاية الجزائر    لجنة ال24 الأممية: مطالب بإلزام الاحتلال المغربي بنزع الألغام وحماية الصحراويين من خطرها    شراع/المنتخب الوطني: ثمانية عناصر وطنية تجري تربصا اعداديا بالجزائر الشاطئ    مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    غزة: 500 شخصية رومانية توقع رسالة تطالب بوقف الإبادة على القطاع    جامعة "جيلالي اليابس" لسيدي بلعباس: مخبر التصنيع, فضاء جامعي واعد لدعم الابتكار    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تضمن بقاءها وأولمبي أقبو وإتحاد خنشلة يقتربان من النجاة    رانييري يرفض تدريب إيطاليا    اختبار مفيد رغم الخسارة    منصوري تشارك في أشغال الاجتماع الوزاري    قافلة الصمود تعكس موقف الجزائر    قافلة الصمود تتحدّى بني صهيون    الاختبارات الشفوية ابتداء من 6 جويلية    الجيش يواصل تجفيف منابع الإرهاب    رفعنا تحدي ضمان التوزيع المنتظم للماء خلال عيد الأضحى    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    ولاية الجزائر : مخطط خاص لتأمين امتحان شهادة البكالوريا    الفواكه الموسمية.. لمن استطاع إليها سبيلاً    جمع أزيد من 721700 كيسا من الدم في سنة 2024    غزة: استشهاد أكثر من 24 فلسطينيا وإصابة العشرات    الجزائر نموذج للاستدامة الخارجية قاريا    بنك بريدي قريبا والبرامج التكميلية للولايات في الميزان    الاحتلال الصهيوني يتعمّد خلق فوضى شاملة في غزّة    فلاديمير بيتكوفيتش: سنستخلص الدروس من هزيمة السويد    تطوير شعبة التمور يسمح ببلوغ 500 مليون دولار صادرات    الارتقاء بالتعاون الجزائري- الكندي إلى مستوى الحوار السياسي    الرباط تحاول فرض الدبلوماسية الصفقاتية    ميسي أراح نفسه وبرشلونة    إنجاز مقبرة بحي "رابح سناجقي" نهاية جوان الجاري    تأجيل النهائي بين ناصرية بجاية واتحاد بن عكنون إلى السبت    "الطيارة الصفراء" في مهرجان سينلا للسينما الإفريقية    تأكيد على دور الفنانين في بناء الذاكرة    برنامج نوعي وواعد في الدورة الثالثة    تحسين ظروف استقبال أبناء الجالية في موسم الاصطياف    رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان    "كازنوص" يفتح أبوابه للمشتركين من السبت إلى الخميس    عنابة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار رابح بيطاط الدولي    انطلاق التظاهرة الفنية الإبداعية "تيندا 25" بالجزائر العاصمة    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    آيت نوري: أتطلع للعمل مع غوارديولا    الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    جريمة فرنسية ضد الفكر والإنسانية    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    قِطاف من بساتين الشعر العربي    معرض أوساكا العالمي : تسليط الضوء على قصر "تافيلالت" بغرداية كنموذج عمراني بيئي متميز    صحة: اجتماع تنسيقي للوقوف على جاهزية القطاع تحسبا لموسم الاصطياف    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    الجزائر تودع ملف رفع حصة حجاجها وتنتظر الرد    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة الشعبية جزء من التاريخ والهوية
مراكز الأرشفة حتمية لحفظ التراث
نشر في المساء يوم 01 - 04 - 2009

استضاف منتدى الإذاعة الثقافية أول أمس، الدكتور الباحث عبد الحميد بورايو، الذي فتح موضوع أهمية الحفاظ على التراث في الجزائر.. مستعرضا أهم الفترات التي شهدت الاهتمام بهذا التراث والسياسات والوسائل المسخرة لذلك، إضافة إلى استعراض اختلاف الرؤى والإيديولوجيات في حفظ هذا التراث، مما انعكس بشكل مباشر على كل الأبحاث والإنجازات المقدمة.
على الرغم من أن الجزائر أمة مليونية التاريخ مما ولد عندها تاركما ثقافيا وحضاريا، إلا أن هذه الكنوز لم تحص ولم تلم بعد، كما ان موضوع التراث لم يطرح بشكل إعلامي منصف وعميق، الدكتور بورايو، المختص في هذا المجال، فتح الموضوع وأعطى صورة على ما نملك وما ضيع، وما يمكن أن يضيع إذا ما استمر الإهمال.
بداية، أشار المحاضر الى ان الاهتمام بالتراث التاريخي الجزائري (الشعبي)، بدأ نهاية الحكم العثماني بالجزائر من خلال كتاب » تقاليد الطب الشعبي« لعبد الرزاق بن حمدوش، الذي ترجم في نهاية القرن ال 19 الى الفرنسية، ويضم تراثا شعبيا طبيا تم توثيقه (أعيد طبعه في بيروت) ويعتبر هذا المرجع هو الرائد في تجميع التراث الشعبي عندنا.
مع احتلال فرنسا للجزائر دون أحد أعيان الجزائر، حمدان خوجة، في كتابه "المرآة"، الكثير من تراث الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالعادات والتقاليد، وكان ذلك على شكل مرافعة ضد المحتل، ولتبيين الفرق بينه وبين الجزائريين أصحاب الأرض.
أما فيما يتعلق باهتمام فرنسا الاستعمارية بالتراث الجزائري، فكان منذ بداية الاحتلال، حيث عملت فرنسا بإدارييها وقوافل الأنثروبولوجيين والمعلمين والباحثين والضباط، على تجميع المادة (أي التراث) والتعليق عليها في كتب ومذكرات، قصد التعرف على الجماعات الجزائرية (تقاليد، عادات، دين، زوايا...) وقد استعملت فرنسا هذه الأبحاث لمواجهة المقاومة الشعبية.
وأكد الدكتور بورايو، أن أغلبية الدراسات الاستعمارية مشبوهة تخدم الاستيطان والهيمنة، منها مثلا دراسات أنثروبولوجية تهدف الى استعراض اوجه الخلاف بين العرب والبربر في الجزائر قصد التفرقة بينهما ضمن سياسة "فرق تسد"، ثم تم العدول عن هذه السياسة لأسباب وظروف تتعلق بأحداث تاريخية، خاصة في العلاقة مع تركيا. كما تحاشت فرنسا الاهتمام بهذا التراث، خاصة الراهن، وذلك في فترة الثورة التحريرية وأثناء فترة النضال السياسي في الحركة الوطنية كي لا يوظف سياسيا.
وبالنسبة للنخبة الجزائرية التي اهتمت بهذا التراث الشعبي، فقد بدأت - حسب المحاضر - مع مطلع القرن ال20 من خلال بن شنب، الذي تناول "الأمثال المغاربية.. والرد على المستشرقين"، ومن خلال بوليفة الذي أبرز تراث محند او محند، وعملا على توضيح الفوارق الحضارية والاجتماعية مع فرنسا، بالرغم من تخرجهما من المدارس الفرنسية الكبيرة التي أنشأتها فرنسا في العاصمة، قسنطينة وتلمسان، لتكوين نخبة جزائرية تكون واسطة بين الإدارة الفرنسية. وأضاف بورايو، أنه بعد الحرب العالمية الأولى تكفل المسرح الجزائري بحفظ هذا التراث من خلال رواده كبشطارزي، علالو ورشيد قسنطيني، الذي كان يحمل معه كناشا لتسجيل الحكايات والقصائد الشعبية، وهو الامر الذي أعطى عمقا شعبيا للمسرح الجزائري، فكانت الحركة المسرحية بمثابة تثمين للثقافة الشعبية، وتواصل تعاطي المسرح مع هذا التراث مع رائد المسرح الراحل كاكي، ثم عبد القادر علولة الذي أحيا "ال?وال" و"الحلقة" وغيرهما.
نفس الاتجاه كان مع الرواية التي نضجت بعد الحرب العالمية الثانية، وظهور روادها كمولود فرعون، مولود معمري، محمد ديب وكاتب ياسين، وسنجد التراث في "بابا فكران" عند ديب، و"الجازية" في "نجمة" ياسين.
بعد الاستقلال يردف بواريو، لم يكن للتراث نصيب من الاهتمام لدى المؤسسة الرسمية الجزائرية، باعتبار أن النظرة حينها كانت منصبة على تحديث المجتمع الجزائري الذي يتجاوز إطار الفلكلور الذي كان يعتبر تخلفا، وبالتالي لم يكن مطلوبا في حركة التنمية، وفي هذا الإطار تم استبعاد اختصاص "الأنثروبولوجيا" من المنظومة التعليمية في فترة السبعينيات باعتباره اختصاصا علميا استعماريا، مع الاحتفاظ ببعض الفنون الشعبية والتراث، منها "الأدب الشعبي" في أقسام الأدب العربي في الجامعات، و"الرقص الشعبي" وبعض الفلكلور.. علما أنه كانت هناك اجتهادات في أقسام اللغات الأجنبية بالجامعات الجزائرية لتدريس هذه الثقافة الشعبية.
وإضافة الى الاهتمام بهذه الثقافة في بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ولم تكن سوى مبادرات فردية، تقلص البحث العلمي في هذه الثقافة، الى غاية الانفتاح السياسي الذي عرفته الجزائر نهاية الثمانينيات، إذ اصبحت مطلبا شعبيا وسياسيا، مما أدى الى انشاء مراكز البحث، منها مركز تيزي وزو الخاص بالثقافة الأمازيغية، وفتحت اقسام الماجستير بالعاصمة وبجاية وتلمسان، وتعزز علم الاجتماع الثقافي وانشئت مراكز البحوث، منها مركز الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران (تابع لوزارة التعليم العالي، وله مجلة "إنسانيات") وتعزيز معهد الثقافة الشعبية بتلمسان.. إلا أن هذه المراكز - حسب المحاضر - ليس لها مشروع لجمع التراث ورقمنته على المستوى الوطني، وبالتالي تكمن الحاجة في وجود مركز وطني يهتم بأرشفة وجمع التراث ضمن استراتيجية بعيدة المدى، وتوفير أولويات ووسائل العمل الميداني بالنسبة للمناطق الداخلية وأخذ المادة منها الى الأماكن المركزية، إضافة الى إقحام مؤسسات أخرى في هذا المشروع كالديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للتكفل بجمع التراث غير المادي.
وأوصى المحاضر في الأخير، بضرورة انشاء هذه المراكز طبقا لتوصيات "اليونيسكو".. علما أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والهجرة تهدد باختفاء معالم التراث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.