نروي لكم اليوم، قصة "شهيد حي" اسمه جمعة بونوس أو الملقب ب"عمي علي" الذي تخطى اليوم عتبة السبعين سنة، حيث يعيش بمنطقة لقاطة شرق ولاية بومرداس، فرغم أنه لم يعد يتذكر أبسط الاحداث الراهنة أو عشاء أمس، على حد قوله إلا أنه ما يزال يستحضر تفاصيل المجزرة المروعة التي ارتكبها جنود المستعمر الفرنسي وراحت ضحيتها أسرته كلها. الشهادة وثّقها أحد المهتمين بتاريخ منطقة بومرداس على صفحته عبر "الفيسبوك"، وهو عضو المجلس الشعبي الولائي "حمود اباوني" الذي بعث بها الى "المساء" قصد اطلاعها للرأي العام، كونها شهادة تبرز فظاعة المستعمر الفرنسي الغاشم. ويقول إن المدعو جمعة بونوس، البالغ من العمر 72 سنة والملقب ب"عمي علي" هو الشخص الوحيد الذي نجا من مجزرة مروعة راحت ضحيتها عائلته بأكملها في بلدية لقاطة ليلة 23 ماي 1960، لتبقى هذه الليلة المرعبة بتفاصيلها عالقة في ذهنه وكأنها وقعت بالأمس القريب. يحكي عمي علي، قصته بصوت متحشرج تخنقه الدموع، فيقول إنه كان حينها طفلا في 14 سنة من العمر، كتبت له النجاة من موت محقق وطال به العمر ليعيش فرحة الاستقلال، غير أنه استطرد "ولكني تمنيت لو أن أهلي بقوا على قيد الحياة حتى يروا بأم أعينهم أننا أحرار، وأن فرنسا خلاص.. خرجت والجزائر مستقلة". ويعيد عمي علي، بذاكرته إلى تلك الليلة الشنيعة التي اعتبرها أطول ليلة في حياته، حينما داهمت فيها فرقة الموت منزل أسرته، حيث أطلقت النار على الجميع دون شفقة و قال إن أول من سقط شهيدا والده مختار بونوس، ثم والدته بونوس للّوشة المولودة بورنيسة، أطلق عليها أحد جنود المستعمر رصاصتين في الرأس سقطت على إثرها شهيدة. ويواصل عمي علي "قتل أخي محمد وهو نائم في فراشه.. ثم جاء الدور علي"، حيث قام أحد الحركى الخونة بتصويب السلاح نحوه والضغط على الزناد لكن شاء القدر أن يتعطل المسدس ولم تخرج الرصاصة، غير أنه أخذ مسدس جندي فرنسي ليصوبه نحوي وطلب مني الارتماء على جثة أخي الميت لقتلي فوق الجثة، غير أن بعض الجنود الفرنسيين اعترضوا على ذلك وطلبوا منه تركي حيا..وهكذا لم أقتل"، ليبقى بذلك عمي علي شهيدا حيا ويقضى تلك الليلة المروعة بمفرده إلى جانب جثث أفراد أسرته، وأمام هول ما رأى لم يسمح بدفنها إلا بعد مرور ثلاثة أيام..هي قصة أخرى أو بالأحرى شهادة حية عن وحشية "كومندوس" الموت للمستعمر الغاشم يضيف العم علي الذي قال إن الذنب الوحيد لأسرته هو رفضها الإدلاء بمعلومات تخص أخاه المجاهد أحمد، الذي كان برتبة رقيب أول في صفوف جبهة التحرير الوطني الذي استشهد في ميدان الشرف سنة 1961، بمنطقة ساحل بوبراك، كما أشار إلى أن والده سبق وأن سجن وعذّب لعدة أشهر في مركز التعذيب "غوتييه" الذي ما يزال صامدا ببلدية سوق الأحد، واليوم كل عائلة عمي علي بونوس مدفونة بمقبرة "أولاد زيان" ببلدية لقاطة وبقي هو .."الشهيد الحي".