فضاء تلتقي فيه الأصالة وأهل المدينة

سوق العصر ببجاية

تعرف ولاية بجاية انتشارا كبيرا للأسواق، سواء تعلق الأمر باليومية أو الأسبوعية، في العديد من البلديات، على غرار الأسواق الأسبوعية ممثلة في سوق "اديمكو" ببلدية بجاية، وأسواق أوقاس، خراطة، سيدي عيش وغيرها، والتي غالبا ما يكون الإقبال عليها كبيرا من قبل سكان مناطق المدن والأرياف لقضاء حاجياتهم، إلا أن الأسواق اليومية المنظمة قليلة، رغم أن أغلب المدن تعرف انتشارا عشوائيا لهذه الأسواق خلال السنوات الأخيرة.
وإذ ساهمت عدة عوامل في تفشي الظاهرة، بالنظر إلى عدم تنظيم الأسواق واتخاذ الإجراءات اللازمة. لكن مع ذلك، تبقى بعض الأسواق اليومية مرتبطة بتاريخها واستجابتها لتطلعات المواطنين، الذين يقصدونها بأعداد كثيرة ويومية، على غرار السوق اليومي بمدينة بجاية، أو ما يعرف باسم "سوق العصر" المتواجد بالقرب من حي سوماري، وسط مدينة بجاية، إذ تسيره البلدية، ولعل تسميته تدل على عدة معاني، كما أنه يعرف إقبال أهل المدينة، في الوقت الذي يعتبره البعض سوقا تتجذر فيه أصالة المدينة، بسبب ارتباط الكثير من سكانها القاطنين بمختلف أحياء بجاية به، وهو ما يعطي صورة أخرى للسوق في الولاية.
السوق يفتح أبوابه يوميا مع حلول وقت العصر
ما يميز "سوق العصر" بمدينة بجاية، مقارنة بالأسواق الأخرى المتواجدة عبر الولاية، هو موعد افتتاحه المرتبط بحلول وقت العصر (ابتداء من الثالثة زوالا) إلى غاية وقت المغرب، وهو ما جعل العديد من المواطنين يطلقون عليه هذا الاسم، كما أنه يعتبر قبلة للكثير من المواطنين، خاصة خلال شهر رمضان الكريم، حيث يعود تاريخ افتتاح هذا السوق إلى العهد الاستعماري، وكان يعتبر مكانا لبيع الخضر والفواكه، وقد تم غلقه بعد الاستقلال لأسباب تنظيمية، قبل أن يعاد فتحه في السنوات الأخيرة، لأن الأسواق الأسبوعية أضحت لا تلبي احتياجات العديد من العائلات. ورغم الوضعية التي يتواجد عليها السوق بسبب إهماله من طرف مصالح البلدية، من خلال تنظيم النشاط التجاري وتوفير مختلف الوسائل، لتمكين التجار من ممارسة نشاطهم في أحسن الظروف، إلا أن الإقبال لا يزال على عهده من طرف سكان مدينة بجاية، من أجل اقتناء الخضر والفواكه واللحوم بمختلف أنواعها، على غرار البيضاء، الحمراء والسمك.
الأسعار والوفرة زادت من شهرة السوق
لعل ما زاد من شهرة "سوق العصر" بوسط مدينة بجاية، وإقبال أغلب سكان المدينة عليه؛ وفرة كل المستلزمات الخاصة بالخضر والفواكه ومختلف أنواع اللحوم التي تعتبر كثيرة الاستعمال في الأطباق اليومية، بالإضافة إلى الأسعار التي تعتبر في متناول المواطنين، حيث أن التجار ملزمون بعرض أسعار معقولة تسمح للمواطنين بقضاء حاجياتهم، في حين أن التوقيت الذي ينشط فيه هذا الفضاء، يساعد الكثير من السكان على شراء المواد الأكثر استهلاكا خلال الشهر الكريم، حيث تكثر الحركة، كما أن التعود يعتبر من بين الأسباب التي زادت من إقبال المواطنين على هذه السوق.
التوابل الأكثر طلبا خلال شهر رمضان
إذا كانت الخضر والفواكه ومختلف أنواع اللحوم تٌعرض يوميا، وتستقطب السكان يوميا، فإن التوابل من جهتها تعتبر الأكثر طلبا خلال شهر رمضان، بالنظر إلى توافد الكثير من النساء على اقتناء هذه المواد التي يتم استعمالها في مختلف أطباق الشهر الفضيل، وهو ما يجعل أرباب العائلات يفضلن اقتناءها على مستوى "سوق العصر" لعدة أسباب، مثلما كشفه العديد من بائعي هذه المواد، كما أن إقبال عدد كبير من النساء على اقتناء بعض المواد الاستهلاكية الهامة، على غرار الحشائش، هي من بين ميزات هذا السوق خلال الشهر الكريم، في ظل توفرها بالكميات اللازمة والأسعار المعقولة التي تسمح بقضاء شهر رمضان في ظروف جيدة.
علما أن الأسعار بمختلف الأسواق اليومية والأسبوعية في ولاية بجاية، تعرف تغيرا يوميا، خاصة عند حلول شهر رمضان. كما يتميز "سوق العصر" بانحصار ساعات فتحه ما بين توقيت صلاتي العصر والمغرب، والذي يسمح للمواطنين بقضاء حاجياتهم بدون متاعب، عكس الأسواق الأسبوعية التي تفتح أبوابها في الصباح فقط.