❊ معارضة جزائرية منذ البداية.. وحشد دبلوماسي أفشل المؤامرة ❊ مع فلسطين ظالمة أو مظلومة.. وهي أم القضايا وقضية مقدسة نجحت الدبلوماسية الجزائرية في صدّ محاولة اقتحام الكيان الصهيوني لمنظمة الاتحاد الافريقي، بعد قرار القمة القارية بتعليق منحه صفة مراقب، وتشكيل لجنة من سبعة رؤساء دول من بينهم الجزائر لتقديم توصية لقمّة الاتحاد بشأن هذه المسألة، ما يعزز رصيدها من الإنجازات في الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقّ الدول في تقرير مصيرها. بذلك، يكون الكيان الصهيوني قد تلقى صفعة جديدة بسبب هذا القرار الذي أخلط حسابات بعض الاطراف الداعمة له داخل المنظمة القارية خدمة لمصالحها السياسوية، غير آبهة بالأضرار والانقسامات الخطيرة التي قد يخلفها بين الدول الآعضاء، وهو ما لمح إليه الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي ماكي سال، عندما قال إنه لا ينبغي أن تكون إفريقيا منقسمة بسبب مسألة "غريبة عنها"، لشرح قرار تعليق المشروع والذي يحمل تبعات خطيرة على مستقبل المنظمة. ولم تتوقف الجزائر منذ أن قرّر رئيس مفوضية الاتحاد موسى فقي في 22 أكتوبر الماضي، منح صفة عضو مراقب للكيان الصهيوني في معارضة هذا القرار المنافي للمبادئ التأسيسية للاتحاد الافريقي، حيث كثّفت من جهودها إلى جانب دول كجنوب إفريقيا ونيجيريا من أجل إحباط محاولات تغلغل هذا الكيان المعتدي على حقوق الشعب الفلسطيني. وكان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة قد كشف شهر أكتوبر الماضي، أن النقاش اتضمن المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي"أبرزت انقساما للدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بشأن هذه المسألة"،آملا في أن تتميز القمة بخطوة إيجابية لإفريقيا، تليق بتاريخها وأن لا تزكي انشقاقا لا يمكن تداركه. سقوط المخزن في مستنقع العار فباستثناء المغرب الذي شنّ حملة لصالح قرار منح صفة مراقب للكيان الصهيوني، رفضت البلدان الأخرى العضوة في كل من الجامعة العربية وكذا الاتحاد الإفريقي هذه الخطوة، حيث ذكر رئيس الدبلوماسية الجزائرية في تصريح سابق، بأن الحصول على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، يفرض على "مقدم الطلب أن يتصرف بطريقة تتوافق مع أهداف ومبادئ العقد التأسيسي للاتحاد الإفريقي مثل الحق في تقرير المصير وعدم احتلال أراض بالقوة والالتزام بتسوية الخلافات بالطرق السلمية"، في حين نجد أن الكيان الصهيوني يحتل الأراضي الفلسطينية والسورية. وكان منتظرا برأي مراقبين، أن تصدر قمة الاتحاد الافريقي قرار التعليق، في ظل بروز انقسامات بين الدول الأعضاء كانت المنظمة القارية في غنى عنها، خصوصا أمام التداعيات السياسية التي تشهدها عديد الدول الإفريقية وتفشي بؤر التوتر وانعكاسات ذلك على الأوضاع الاقتصادية والصحية والاجتماعية عليها . كما ظهر جليّا أن الاتحاد الإفريقي غير مستعد للمجازفة بالمبادئ التي قام عليها منذ تأسيسه تحت اسم منظمة الوحدة الافريقية سنة 1963، قبل أن تتحوّل تسميته إلى الاتحاد الافريقي عام 2002، والمرتكزة على دعم قضايا تحرر الشعوب، حيث لم يجد بدا من اصدار قرار التعليق كحل وقائي وسريع لأي تصدع قد يمس بالاتحاد وسمعته. وظهر ذلك جليا خلال الدورة 39 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، المنعقدة يومي 14 و15 أكتوبر الماضي بأديس أبابا، حيث ظهر انقسام عميق بين الدول الأعضاء خلال النقاش الذي دام لعدة ساعات بين وزراء الخارجية الأفارقة. الجزائر تجدّد العهد مع مبادئها وبذلك تكون الجزائر، حسب متابعين، قد جددت العهد مع مبادئها الداعمة لحق الشعوب في الدفاع عن تقرير مصيرها، على غرار معارضتها لنظام الابارتايد في جنوب إفريقيا والوقوف إلى جانب الشعوب المضطهدة في كفاحها من أجل الحق في تقرير المصير والاستقلال خاصة في إفريقيا. فبسبب سياسة الابارتيد، كانت جنوب إفريقيا مهددة بالإقصاء من قبل مجلس الأمن الأممي غير أن المجلس لم يصادق على لائحة من هذا القبيل، حيث تناولت الدول الأعضاء في الاممالمتحدة أثناء الدورة 29 للجمعية العامة في سبتمبر 1974 برئاسة الجزائر علاقة جنوب إفريقيا مع الهيئة الأممية. وصادقت الدول الأعضاء أثناء هذه الدورة على لائحة تدعو جميع الدول للمساهمة بفعالية في صندوق الأممالمتحدة الاستئماني لصالح جنوب إفريقيا، قصد تقديم المساعدة الإنسانية للأشخاص المضطهدين ودعوا إلى فرض حصار على الأسلحة باتجاه جنوب إفريقيا وكذا فيما يتعلق بإقصائها الكامل من المشاركة في المنظمات والندوات الدولية الموضوعة تحت رعاية الاممالمتحدة. كما قدمت الجزائر دعمها لحركات التحرر في الموزمبيق من خلال تدريب 200 فرد من جيشها وكذا حركة التحرر في أنغولا، من منطلق قناعتها بأنها تعد جزءا لا يتجزأ من الكفاح في إفريقيا، في الوقت الذي تتمسك فيه بقدسية تحرير فلسطين وكافة الدول التي تقف تحت نير الاستعمار على غرار قضية بالصحراء الغربية. ويُذكر في هذا الصدد، بما قاله الرئيس الراحل هواري بومدين في حوار أجراه مع جريدة "لوموند" الفرنسية حيث أشار إلى "لا يوجد إلا دولتين لا تعترفان بوجود حدود بين الدول هما الكيان الصهيوني والمغرب"، مؤكدا أن "الجزائر تبقى على مبادئها مهما كان الثمن". كما أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مرارا وتكرارا، بأن فلسطين قضية مقدسة وهي أمّ القضايا، وأن الجزائر لا تبارك التطبيع ولن تشارك فيه أبدا.