نقل جامعي: وزير النقل يشدد على ضرورة ضمان جاهزية الحافلات وتجديد الأسطول    وزير الثقافة والفنون يشرف على افتتاح "أيام الفيلم الثوري" بالجزائر العاصمة    إبراهيم غالي: خطة التسوية الأممية الأفريقية هي إطار الحل الوحيد لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    محروقات : السيد عرقاب يشرف على تدشين عدة منشآت بتين فوي تابنكورت بإليزي    كرة السلة/ مهرجان "الميني باسكت": مشاركة منتظرة ل 400 لاعب من 15 دولة بمدينة جيجل    المرصد الوطني للمجتمع المدني ينظم لقاء تشاوريا مع فعاليات المجتمع المدني بأولاد جلال    الجزائر العاصمة : حجز ازيد من 13 قنطارا من اللحوم البيضاء غير صالحة للاستهلاك    توقيف المشتبه فيهما في قضية قتل شاب بحسين داي بالجزائر العاصمة    تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية, سايحي يشرف غدا على إعطاء إشارة انطلاق القافلة الطبية المتنقلة    اليوم الوطني للمجاهد: تدشين وإطلاق عدد من المشاريع بغرب البلاد    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 62122 شهيدا    الجمهورية الصحراوية تشارك في مؤتمر طوكيو للتنمية بإفريقيا "تيكاد 9"    بطولة افريقيا لرفع الاثقال (اشبال وأواسط): الجزائر تحصد 22 ميدالية منها 6 ذهبيات بعد يومين من المنافسة    تأهّل غير مُقنع    المخزن وخيانة فلسطين    خريطة جديدة؟    الجيش الوطني يساهم في إخماد النيران    الدولة ملتزمة بالمضي في مسار الاستدراك التنموي    مشاورات لتفعيل مقاربة تسيير تشاركية    عرقاب يستقبل الأمين العام لمنتدى الدول المُصدّرة للغاز    فرق الزرنة النسوية تقتحم الأعراس    الإسلام يدعو إلى البناء الجماعي الهادئ    موقع تيمقاد يستقطب 50 ألف زائر    وهران: افتتاح الجولة الثانية لمهرجان الراي بحضور جمهور لافت    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    دخول جامعي: السيد بداري يجتمع برؤساء الندوات الجهوية للجامعات    حريصون على بناء جزائر قوية مستقلة بقرارها    إيداع 4 أشخاص الحبس المؤقت    رصيد وطني يلهم الأجيال للاستمرار في تعزيز مكانة الجزائر    "شان-2024": المنتخب الجزائري يواجه نظيره السوداني في الدور ربع النهائي    الشريط الساحلي بتلمسان قِبلة واعدة للمصطافين    الحملات التحسيسية تدفع إلى تخفيض أسعار الكراريس    عرض فرنسي مفاجئ لبوداوي قبل غلق الميركاتو    مناطق لجذب الأجانب وتعزيز الوجهة المتوسطية    الكاتبان عزيز موات وخيدر وهاب يستحضران الذكرى    إدانة استيلاء الكيان الصهيوني على التراث الفلسطيني    فيديو البرغوثي يثير قلق الأمم المتحدة    عملان جزائريان في فئة روايات الفتيان    ذاكرة الثورة تروى في مكتبة المطالعة    بحث عن الخصوصية شكلا ومضمونا وحنين لأبطال رافقوا يوميات الجزائريين    بنفيكا البرتغالي يصر على حسم صفقة عمورة    بن ناصر يقترب من العودة إلى أولمبيك مرسيليا    توقف الدفع الإلكتروني عبر منصّة فرع "عدل" مؤقتا    تأجيل دخول الأساتذة وموظفي التكوين المهني    برنامج "عدل 3" : تمديد آجال تحميل الطعون إلى غاية 6 سبتمبر    رئيس الجمهورية يوجه رسالة بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد    لن يجري تغييرات جوهرية..بيتكوفيتش يحسم قائمة "الخضر" لقمة بوتسوانا وغينيا    سيشكل منصة لا مثيل لها أمام المؤسسات الافريقية والمبتكرين    الدولة تولي أهمية خاصة لتشجيع الكفاءات الوطنية    عرض تدقيق النتائج لضمان دقة المعطيات    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقليد والتجديد لضمان عرس سعيد
أعراس الشاوية
نشر في المساء يوم 05 - 09 - 2022

ككل المناطق الجزائرية، تقيم العائلات الأوراسية أعراس الزواج والختان في أجواء الفرحة التي تلازم المناسبة قبل أسبوع من اليوم المحدد. وإن كانت هذه ميزة تُحسب لهذه العائلات، فإن الحداثة بالمدن الكبرى أتت على القسط الكبير من العادات التي تلاشت ولا يمكن قراءتها سوى في عيون الشيوخ والعجائز، الذين رغم التطور الذي عرفته المدينة والتجمعات السكانية الكبرى، لايزالون متمسكين ببعض العادات والتقاليد، لا سيما في القرى والأماكن النائية.
تعرف فترة الصيف المئات من حفلات الأعراس التي تميز المنطقة. واللافت هذه السنة هو تغيّر العديد من العادات والتقاليد بالمنطقة بحجة الانفتاح والمعاصرة، فعادت هذه الأجواء السعيدة بعد سنتين؛ إذ غيّبتها « كورونا »، التي قلّصت من إقامة الأعراس، تبعا لما فرضه الواقع الأسود بسبب هذا الوباء، ومقتضيات الامتثال لتنفيذ إجراءات الحجر الصحي، والالتزام بالتباعد، وتفادي التجمعات؛ أي كانت احتياطا للعدوى، فانطلقت الأعراس في هذه الصائفة التي تزامنت مع مواكب فرحة النجاح بالبكالوريا عند العائلات الباتنية.
"القشقشة" فوق رأس العروس
جرت العادة أن يتوجه أهل البنت العروس إلى بيت زوجها لتحضير صينية القشقشة، وهي تشكيلة من الحلوى، متوفرة بسوق الرحبة وسط باتنة، تتكون من الجوز، واللوز، والكاوكاو، ويوضع "شاش" فوق رأس العروس، وتتولى ممثلة عن أهل الزوج، وضع الصينية فوق شاش العروس، فتسقط منها بعض حبات الحلوى بصفة متعمدة، تفاؤلا بأن ترزق العروس بالذرية. ولاتزال بعض العائلات الأوراسية متمسكة بهذه العادة إلى يومنا هذا، تجد فيها المتعة، ومعمول بها حتى في المناطق الحضرية. وتُعدّ "الملحفة" سيدة الموقف، وهي قطعة في اللباس الشاوي، مصنوعة من القطن الملوّن بالأسود والأبيض، ترتديه المرأة. وما يزيدها جمالا ورونقا الحلي الفضية، ك "الخلال"، على سبيل المثال، وهو أكسسوار، يمسك طرفي الملحفة بين الكتف وأعلى الصدر، تلبسه العروس عشية زفافها.
طقوس قائمة في لمّة الفرح
يتسم العرس في الأوراس بالحفاظ على مجموعة من العادات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، كليلة حناء العروس، والتصديرة، وطبخ طبق الكسكسي باللحم والمرق الأبيض، وملء غربال بالحلوى والمكسرات، يوزعه أهل العروس على المدعوين. وتقول الحاجة عائشة (71 سنة) في هذا الخصوص: "كنا نقوم بالتحضير لليوم الموعود أسبوعا قبل موعد المناسبة، فيحضر أهل العروس الكسكسي والحلويات التقليدية كالرفيس، والمقرود والزيراوي، ثم يحضرون كبشا وما يتطلب من مستلزمات الطهي لأهل العروس. ويذبح الكبش عند أهل البنت، لإعداد أطباق البربوشة أو الكسكسي، قبل تناول القهوة. وبعودة أهل الرجل لإعداد العشاء ببيتهم. وتقام سهرة للاستمتاع بأغان تقليدية شاوية تؤديها فرق الرحابة المشهورة في منطقة الأوراس.
ويقام غَداء على شرف المدعوين، حيث تحضّر وجبة "البكبوكة"، لينطلق بعدها الموكب من دار أهل الزوج في اتجاه منزل العروس، في موكب فريد من نوعه، باستعمال الخيل، لنقل العروس على طلقات البارود وأنغام فرقة "الرحابة". ولاتزال بعض التقاليد قائمة، حسب محدثتنا، التي أكدت أن ثمة طقوسا لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تزول، في وجود بذرة خصبة وجيل غير منفصل عن هويته، متمسك بتقاليده. واعتبرت المظاهر الجديدة في إقامة الأعراس مكلّفة جدا وليست في متناول الجميع، ككراء أهل الزوج سيارات فخمة تنطلق منها الزغاريد.
وتقوم النساء بإخراج جهاز العروس المتكون من حلي ذهبية وملابس متنوعة، لنقله إلى منزل زوجها، حيث يُستقبل بالزغاريد. وتقدّم لهم القهوة، ثم تقام وجبة العشاء. إلى ذلك تخضب أم العروس يد ابنتها بالحناء، وتضع لها خاتما من ذهب بأصبعها؛ استعدادا لليوم الموعود، وهو يوم الخميس، الذي تزف فيه العروس إلى بيت زوجها في موكب السيارات، الذي تتقدمه سيارة فاخرة تحت وقع الزغاريد وقرع الطبول وإطلاق البارود؛تثبيتا لمرجعية تراثية واجتماعية ودينية وتاريخية وقبلية محضة، تحاول ترسيخ فعل الاحتفاء، ومفهوم الاحتفال، وتكريس الفرح.
الحنّاء سيدة الفرح
تقول الحاجة عائشة إن تفاصيل الحناء هي جوهر عنوان الفرح عند العروس، ومن جدواها خلق أجواء الفرح والتبرك، إذ تتنافس الفتيات للظفر بحناء العروس، تيمّنا بهذا اليوم المبارك، حيث توضع في صحن مزيّن بالشراشف والشموع على وقع الغناء والزغاريد باستعمال البندير . وتردد النساء أغاني شاوية معروفة، وغالبا ما تكلَّف سيدة سعيدة في حياتها الزوجية، بوضع "الحنة" للزوجة، على أن تكون من أهلها تبركا بها، ليتم بعد ذلك تخضيب أيدي الفتيات الأخريات بنفس الحناء، تفاؤلا بالظفر بزوج في أقرب وقت. كما توضع صينية وسط الغرفة، لجمع ما تجود به المدعوات من هدايا ونقود؛ احتفاء بالعروس. وتحرص أم البنت على أن تقوم بإعدادها تفاديا لكلّ مكروه وما يعتقد لتفادي الحسد والسحر. وفي هذا المشهد المميز تتزين النساء بالحلي الفضية، منها إيزم ولاي، وأحناشي، وأخلخال، وأمقياس، ولمشرف المميّزة لمنطقة الشاوية بالأوراس، وهو ما يمثل زخما ماديا لا يمكن الاستغناء عنه، إضافة إلى اللباس التقليدي؛ من جبة شاوية، ولحاف خاص بالمرأة المزيّنة بالخطوط الصفراء والزرقاء.
وثيقة لتخفيض المهور وتسهيل الأمور
تُطرح بحدة مشكلة غلاء المهور بالمنطقة، ما جعل العديد من الشباب ينفرون من الزواج، وهو الموضوع الذي أخذ الحيّز الكبير من انشغالات بعض الجمعيات النشطة وأعيان القرى، للبحث في اعتماد صيغ للتخفيف من أعباء الزواج، ومشكلة غلاء المهور. وقبل سنوات معدودة، وقّع أعيان وأعراش مدينة عين التوتة، على اتفاق فيما بينهم، على تخفيض مهور الزواج، وقيمة "الشبكة" للعروس، على أن لا يتجاوز المهر 10 ملايين سنتيم، وألا يزيد ما يخصص للزوجة من ذهب وحلي، على خاتمين، للتخفيف عن أسر الفتيات والشباب المقبلين على الزواج، في ظل موجة الغلاء وارتفاع أسعار الذهب، إلى جانب وضع حد لمظاهر التبذير السائدة في أعراس منطقة الأوراس المكلفة، وما يسودها من فوضى تنظيم موكب العروس، الذي يعيق حركة المرور، والاستعمال المفرط للبارود، والولائم المكلفة.
وجاء هذا الاتفاق الذي وقّع عليه الأعيان وكبار المشايخ، قبل هذه السنة، تلبية لمبادرة أطلقها نشطون بالمنطقة، يشجبون فيها هذه المظاهر الدخيلة عن المجتمع الأوراسي، من أجل تشجيع الشباب على الزواج، والقضاء على ظاهرتي العنوسة والعزوبية. كما حذّر القرار من إبرام العقد الشرعي في المسجد، وعلى من يخالف العرف المتفق عليه، تحمّل العواقب، وإثم الخروج عن جماعة المسلمين، حسب ما جاء في ملخص عرف الزواج المعدل، والذي تطرق لبعض التفاصيل التي تحمل في مضامينها، دعوة إلى الالتزام ببنود الاتفاق وتيسير الزواج.
واعتبر منسق الوثيقة الأستاذ ساعد بن يحي، هذه المبادرة، وصفة حقيقية لمعالجة مشاكل ارتفاع المهور في المدة الأخيرة، وعزوف الشباب عن الزواج، وفرصة لإحياء تقاليد الزواج بمنطقة الأوراس، إلى جانب كونها مبادرة تضامنية، آملا أن تتوسع الفكرة إلى كل ربوع الوطن، وهو ما لوحظ بعدة قرى وانتهجه الأعيان، فضلا عما تقوم به الجمعيات الخيرية، التي تبادر بين الفينة والأخرى بتنظيم زواج جماعي للفئات المعوزة والأيتام. كما لقي الاتفاق، وقتها، إشادة مجتمعية واسعة بمدينة عين التوتة والمناطق المجاورة. ومن المتوقع أن تحذو على نهجه كثير من البيوت والعائلات بالأوراس الكبير، في تقديرات المتحدث، الذي أوضح، أن لا مبرر لمخالفة أرضية الاتفاق التي تضمّنها ميثاق الزواج بالمنطقة. كما توقع أن يلقى صداه لدى الشباب، خصوصا المقبلين منهم على الزواج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.