خلص المشاركون في الملتقى الوطني حول "الأمن الفكري في المجتمع الجزائري (الواقع والمأمول)"، إلى التأكيد على ضرورة ترقية الخطاب الديني بما يتوافق ومقتضيات الواقع، ومستجدات العصر، وتعزيز المرجعية الدينية، والتعريف بالرموز الوطنية التاريخية والعلمية، فضلا عن تفعيل التكامل والتعاون والتنسيق بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية وسائر مؤسسات المجتمع، بما يعزز الأمن الفكري، خاصة منها التربوية، والإعلامية، والأمنية والقضائية. وتُوجت أشغال الملتقى المنظم من طرف مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة بالأغواط، عبر تقنية التحاضر عن بعد، بدعوة إلى تضمين المناهج التعليمية في مختلف أطوار التعليم، بكل ما من شأنه أن يدعم ويعزز الأمن الفكري للأجيال علميا وعمليا، ورفع الحجم الساعي الخاص بمادة العلوم الإسلامية في مرحلة التعليم الثانوي، ناهيك عن تعزيز الأمن الفكري في البيئة الرقمية للشباب؛ من خلال اِستقطاب الكفاءات العلمية الوطنية المختصة، وتوفير الآليات المناسبة لذلك. كما دعا المجتمعون بالأغواط، مؤسسات التعليم العالي، إلى تركيز الجهود على إدماج الطلبة بواقعهم الاجتماعي، من خلال الدراسات الميدانية، واِستطلاعات الرأي العام؛ للوقوف على المشكلات الاجتماعية، والمساعدة في حلها، مع دعوة المؤسسات الإعلامية إلى دعم جهود الدولة في تحصين المؤسسات الدينية من الاختراقات المذهبية والطائفية، والوقاية من التشدد والتطرف الفكري، إلى جانب عقد ملتقيات علمية أخرى، تعنى بقضية معيّنة، متخصصة في الأمن الفكري؛ لأن ذلك يشكل موضوعا واسعا للدراسة والتحليل، يتعلق بمجالات السياسة، والإعلام، والدين، والتربية، والثقافة، والتكنولوجيا، وينفتح على مؤسسات كثيرة في التشريع، والقانون، والفقه، واللغة. ومن بين التوصيات التي خرج بها الملتقى أيضا، اقتراح الأمن الفكري في البرامج الوطنية للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، ذات الأولوية، تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ لما له من أهمية، تتأسس عليه رهانات التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، بما يحقق الأمن العام للفرد والمجتمع. للإشارة، أشغال الملتقى أثثتها أربع جلسات علمية، شارك فيها أزيد من أربعين أكاديميا من مختلف جامعات الوطن. وتناولت في مضمونها موضوع الأمن الفكري من مختلف الجوانب الدينية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية، خاصة عند فئة الشباب، أمام ما يواجهه المجتمع الجزائري على غرار المجتمعات الأخرى، من تحديات معاصرة من ثورة رقمية وعولمة، وتهديداتها على الأمن الفكري في المجتمع. ويرمي الملتقى، حسب القائمين عليه، إلى التأصيل لمفهوم الأمن الفكري، ودوره في حماية المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، وكذا بيان الدور الهام الذي تلعبه مؤسسات الدولة في تحصين وتمنيع المجتمع، من كل أشكال الانحرافات الفكرية، والاختراقات الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تفكيك خطابات التطرف والغلو والكراهية والعنف والتمييز العنصري والإرهاب، وتعزيز قيم الأخلاق والوسطية والاعتدال والتسامح، وإبراز سماحة الشريعة الإسلامية، وصلاحيتها لكل زمان ومكان. كما يهدف إلى إبراز المشاريع الفكرية والعلمية، المساهِمة في تعزيز الأمن الفكري والسلام المجتمعي، وتسليط الضوء على الآليات الكفيلة بتحقيق الأمن الفكري في ظل تحديات العولمة.