تواصلا لبرنامج العروض المسرحية المنتجة بمناسبة ستينية استرجاع السيادة الوطنية، التي يستقبلها المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، قدم المخرج حبيب مجاهري، مساء أول أمس، مسرحية "132 سنة"، عن نص ولد عبد الرحمان كاكي، وإنتاج المسرج الجهوي "عبد القادر علولة" لوهران، في قالب استعراضي غلب عليه التوثيق بالفيديو، أكثر من الأداء المسرحي على الخشبة. في 80 دقيقة، لخص المخرج 132 سنة من الاحتلال الفرنسي للجزائر، وقد استعرض أهم المحطات التاريخية والأحداث السياسية التي شهدتها الجزائر المستعمرة من 1830 إلى 1962، مستعينا بدعامة بصرية غلبت على المشهدية ككل، عبارة عن صور فيديو، تظهر في كل فترة من فترات التاريخ المجسدة رمزيا على الخشبة، ولم تكن تلك الصور بالقيمة الفنية التي من شأنها أن تعزز المنحى الدرامي للنص، باستثناء المشهد الأخير، عندما نزل العلم الفرنسي، لتعلو الراية الجزائرية معلنة عن استقلال البلاد أخيرا. وقد رافق المشهد عبارات راقية من لدن الراويتين. ظهر الممثلون في أزيائهم السوداء، وانضموا إلى المسرح بتصميم رقص بسيط، لكنه يستعيد واقع الشعب الجزائري ومحنته أثناء وصول العدو، ثم يظهر على الشاشة هبوط الفرنسيين عام 1830، في ميناء سيدي فرج. افتتح العرض بأداء كوريغرافي غير مدروس، كعتبة استهلال المسرحية كان الوقت المخصص له طويلا، واستعمل المخرج تقنية الظل في بعض المشاهد، غير أن معظم المسرحية طغى عليها بث فيديوهات تؤرخ لتاريخ الجزائر، والتي تعد بمثابة إعادة لما تقوله الراوية، وإعادة أخرى لما قدمه الممثلون من أداء على الركح. يستمر العرض مع دخول اثنين من الرواة على خشبة المسرح، ويصفون معاناة الشعب الجزائري، ثم نضالهم لتخليص البلاد من المحتل، فتنتقل المسرحية من حادثة المروحة، ومقاومة الأمير عبد القادر 1832-1847، ووصول الشعب الفرنسي، ثم الأقدام السوداء، وأخيرا انتفاضة ومعركة الجزائريين الذين ضحوا بحياتهم، حتى تعيش الجزائر في حرية. حتى وإن كان استعمال الفيديو لغرض توثيقي، غير أن الزمن الذي نحن فيه يغني عن ذلك، فمن شأن أي شخص مشاهدة هذه الوثائقيات في هاتفه، بجودة ومعلومات أكثر، ثم إن الشكل المقترح على المتفرجين أشبه بدروس تقدم في أقسام مدارس، لكن أداء ياسين أورابح الغنائي خفف من ثقل العمل، وقد غنى عددا من الأناشيد الوطنية بصوته الجميل. المسرحية التي اعتمدت في بنائها الجمالي على الإضاءة، لم تكن للأسف في المستوى، إذ شهد العرض أخطاء كثيرة في تسليط الإنارة في بعض المشاهد على الممثلين مواقعهم، ولم تؤد للأسف، وظيفتها المنشودة.