وزير الاتصال يشارك في تأبينية الصحفي ذراع    رزيق يشارك في قمة أممية بأديس أبابا    بن قرينة يُثمّن جهود رئيس الجمهورية    سفير تونس بالجزائر يؤكد حرص بلاده المتواصل للارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين    الجزائر مُحرّك رئيسي لتعزيز الاندماج الاقتصادي القاري    تقدم متسارع لأشغال المشروع    عرقاب يستقبل الرئيس المدير العام للشركة السعودية مداد للطاقة-شمال إفريقيا    مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين الجزائر وإيطاليا    تطبيق صارم للمعاملة بالمثل مع فرنسا    المجلس الوطني الفلسطيني: اعتراض الاحتلال للسفينة "حنظلة" جريمة قرصنة وتصرف خارج القانون    منصّة لصقل مواهب الشباب    استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية    وزارة الداخلية تدعو الأولياء إلى مراقبة أبنائهم القصر    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 59821 شهيدا و144851 مصابا    برنامج البيع بالإيجار: وكالة "عدل" تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    استشهاد 15 فلسطينيا في استهداف صهيوني    نواب بريطانيون يطالبون بالاعتراف بدولة فلسطين    انطلاق مرحلة تأكيد التسجيلات الأولية لحاملي شهادة البكالوريا الجدد    الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): وفود افريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد في مستهل الحدث    بطولة إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين 2024 /المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يستأنف تحضيراته للمنافسة القارية    "بريد الجزائر" تحذر من روابط وهمية تروج لمسابقات كاذبة على مواقع التواصل    "تمويل 2025": صالون وطني جديد لتحفيز الاستثمار وتطوير الخدمات المالية في الجزائر    يضبط أزيد من 18 كلغ من الكوكايين ويفكك شبكة إجرامية    تدخلاً للحماية المدنية خلال 24 ساعة: حصيلة ثقيلة لحوادث المرور والغرق    موجة حر ورعود يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من جنوب وشرق البلاد    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    الخضر يهزمون تونس    بورتس: لا مفر من تحرير فلسطين    إنفانتينو يهنّئ المولودية    وهران: إسدال الستار على مهرجان الموسيقى و الأغنية الوهرانية    هذه الشروط الجديدة للالتحاق بنخبة "الجيش"    التحضير لإنجاح الدخول الجامعي المقبل    الشعب الصحراوي سينتصر لأن العدالة بجانبه    استشهاد 1200 مسن نتيجة التجويع خلال الشهرين في غزّة    بديل السكر الشائع قد يسبب تلفا في الدماغ    حملات تحسيسية بالمساحات التجارية في البليدة    حالة تأهب ضد تسمم الأطفال بالمنظفات    سنكون سعداء بتواجد ميسي.. والأمر يعتمد عليه    تحديد موعد لقاءي "المحاربين" ضد بوتسوانا وغينيا    هذا الموعد سيكون بوابة لألعاب أنغولا وأولمبياد داكار    تعزيز آفاق التنمية وإعادة بعث القطاع الحضري    فتح نافذة على المعاهد والمدارس العليا الفنية    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    فنان بيروت الذي عزف للجزائر أيضًا    21 فيلما روائيا يتنافس على جوائز مهرجان البندقية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعلام وأقلام
سيدي محمد بن عودة قاهر الغزاة
نشر في المساء يوم 24 - 08 - 2009

تكاد الجزائر لا تخلو منها ربوة أو تل أو قمة جبل إلا وكان على رأسها علم من أعلامها، وقلم من أقلامها، كتب وألف، وتعبد وتصًّوف، وأصلح ذات البين بين الناس وعدل وأنصف، وإذا جّد الجدُ، جاهد وتصدر الصف ولم يتخلف، ومن هؤلاء الأعلام العلماء سيدي محمد بن عودة قاهر الإسبان.
كثيرا منا من يسلك طريق الغرب الجزائري وتشد نظره تلك القباب التي اعتلت الهضاب والتلال وبعض رؤوس الجبال، ويبقى محتارا، وربما إذا نال قسطا من العلم يستنكر على مواطني هذه المناطق الأمر، ويرجمهم بالشرك وعبادة القبور وإقامة "الوعدات والزردات"، وهذا أمر حصل وما يزال يحصل في كثير من مناطق الوطن، لكن الشيء الذي قد يغفل عنه من ينكر هذه الأشياء هو عدم السؤال والبحث عن سبب وضع هذه القباب التي جعلت من هؤلاء الناس يرفعون أمواتها إلى مرتبة القداسة وتنزلق بهم عقولهم إلى مهاوي الشرك.
السؤال حول هذه القباب وعن أسباب بنائها وتعلق المواطنين بأضرحتها يعد سؤالا مشروعا يتطلب دراسة المنطقة والتغلغل في المجتمع الجزائري، وخصوصا مجتمع المنطقة الغربية.
معظم هذه القباب والأضرحة تمتد على الخط الساحلي، وإن بعدت على البحر فهي لا تبعد إلا ببعض الكيلومترات، وكأنها أبراج حراسة، بل بالفعل كانت أبراجا للحراسة وأربطة للجهاد، ومن هنا جاء تقدير هؤلاء الأشخاص الذين رابطوا للذود عن الثغور، وكما كانوا يحملون السيوف حملوا الأقلام والكتب يعلمون ويتعلمون، فأحبهم الناس وحفظوا لهم مكانتهم اعترافا لما قدموه بعد وفاتهم، فأشادوا لهم القباب، وأسسوا لهم الزوايا، وحولوهم بعد أن كانوا منارات للعلم إلى مزارات للتبرك، ومن هؤلاء السادة الذين احتلوا مكانة مرموقة سيدي محمد بن عودة.

من هو سيدي محمد بن عودة؟
هو محمد بن يحي بن عبد العزيز، ويعرف باسم بن عودة نسبة إلى مربيته السيدة عودة بنت سيدي محمد المجاجي الذي يعرف بابن بهلول بمنطقة سيدي محمد بن علي بسهول الشلف وغيلزان الذي كانت زاويته قلعة من قلاع الجهاد.
سيدي محمد بن عودة من مواليد القرن العاشر الهجري يعود ميلاده إلى عام 972 بمنطقة وادي مينا بغيلزان، وترعرع في بيت علم ودين وتقى وصلاح، حيث والده هو سيدي يحي الصغير أنشأه المنشأة الجزائرية التي تبني الإنسان على الشرف والعلم والكرم والصلاح، تعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم عن والده سيدي يحي الصغير، ثم التحق بزاوية سيدي محمد بن علي المجاجي.
في زاوية مجاجة وعلى يد شيخها العلامة سيدي محمد بن علي المجاجي أخذ سيدي محمد بن عودة عنه العلوم الشرعية والعربية، فعنه أخذ علم التفسير والحديث والأصول والمنطق علم الكلام والبيان، كما أخذ عنه الفقه والتوحيد، ومكث في زاوية مجاجة إلى غاية استشهاد شيخها سيدي محمد بن علي سنة 1008 .
لم تتوقف رحلة سيدي محمد بن عودة في طلب العلم بعد استشهاد شيخه، بل واصل طريقه في طلب العلم والتحصيل، عاد إلى مسقط رأسه وادي مينا ومنه انتقل إلى الصحراء الجزائرية والتقى بالشيخ سيدي عبد القادر بن محمد الملقب بسيدي الشيخ، وعنه أخذ العلم والتقى بكثير من العلماء وأخذ عنهم.
اشتغاله بالتدريس:
سيدي محمد بن عودة بعد أدائه لفريضة طلب العلم وحصوله على الكثير من المعارف رأى أن من واجبه أن يكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه "فتفرغ للتدريس وأسس زاويته بمسقط رأسه فأصبحت مركزا للإشعاع العلمي والإصلاح الاجتماعي، وقلعة من قلاع الجهاد في سبيل الله ودحر الأعداء، ومأوى لإطعام الفقراء وعابري السبيل، وكانت الزاوية تتألف من خيمتين.
الزاوية التي أسسها سيدي محمد بن عودة أكسبته شهرة كبيرة، فقصده الطلاب والموردين والأتباع واحترمه الناس وقدروا عمله الخيري والإنساني والجهادي خير تقدير، حتى أطلق عليه اسم "مهدي زمانه" لزهده وورعه وتقواه، حيث عرف عنه رحمه الله أنه كان يقوم الليل ويصوم النهار، ولم يكن له في الدنيا زوجة يسكن إليها ولا ولد يحفظ ذكره.
لم يكتف سيدي محمد بن عودة في تنوير العقول وهداية الناس إلى الصلاح فحسب، بل كان مجاهدا لم يغمد له سيف في وجه الأعداء، بل ظل مجردا مسلولا حتى أصبح بطلا من المجاهدين الذين واجهوا الغزو الإسباني على سواحل تنس ومزغران والمرسى الكبير بوهران، فبعد أن كان يمد المجاهدين في طفولته بالمؤن وإطعامهم بثغر تنس، رفع لواء الجهاد وكافح الغزاة الأسبان حتى تم إجلاؤهم عن مدينة مستغانم التي حاصروها، حيث كان لسيدي محمد بن عودة نوبة في حراسة المدينة، كما كان قائدا عسكريا محنكا بقيادته لعدة معارك مابين سنة 1517 و1580م وتوفي سيدي محمد بن عودة إلى رحمة ربه سنة 1034 .
اعترف الأتراك بالمجهود العلمي والجهادي الذي بذله سيدي محمد بن عودة، وتجسد هذا الاعتراف في الأمر الذي أصدره الباي محمد الكبير ببناء مشهد على ضريحه، كما أوصى باحترام صاحب القبر وعدم التعرض لمن يلجا إليه، كما أصدر الباي أمرا بالعفو على كثير من خصومه الذين يلجأون إلى ضريحه.
هذه السيرة، سيرة العالم المجاهد الذي حمل القلم والسيف وأوقف نفسه لهذا الغرض الشريف لو استغلت سيرته في عمل تلفزي لأخرجت تحفة من تحف الشخصيات الجزائرية الجهادية والعلمية ولكانت نموذجا حيا تقتدي به الأجيال على مر الأيام، فرحم الله العلم القلم سيدي محمد بن عودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.