تعود "مجلة الذاكرة" للموسم الثاني على التوالي، لكنها في رمضان الحالي حملت معها أرشيفا ثمينا يقدَّم لأوّل مرّة على التلفزيون الجزائري من خلال القناة الثامنة. وقد حرصت المؤسسة العمومية على وضع شارتها وكذا اسمها مكتوبا بالكامل على الشاشة؛ حفاظا على هذا الكنز الثمين، علما أن جلّه خاص بالفن الجزائري. تُبث هذه الحصة التلفزيونية كل جمعة وأحد وثلاثاء وخميس. وهي من تقديم المنشطة رمسياء معزوزي، ومن إخراج سهام طهراوي، وموسيقى الحصة للراحل أحمد مالك من فيلم "ليلى والأخريات"؛ ما يعزز الحنين للذكريات. كواليس تصوير بوعمامة قدّمت الحصة خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، بعض التسجيلات النادرة، منها كواليس تصوير فيلم "الشيخ بوعمامة"، حيث بثت حوارات في أماكن التصوير مع نجوم هذا الفيلم منهم عثمان عريوات، وحسن الحسني، ومحمد كشرود، الذين ثمّنوا كلهم العمل، وسعِدوا بالمشاركة في هذا العمل الضخم الذي يبرز تاريخ مقاومة الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي. وقد أسهب الراحل محمد كشرود في تناول موضوع التاريخ. وتحدّث، أيضا، عن ظروف التصوير بالصحراء، التي لم تكن سهلة. وبدوره، تحدّث مخرج الفيلم بن عمر بختي، عن هذا العمل الضخم، وهو في خضم العمل، قائلا إنه من الضروري تسجيل هذه الفترة من تاريخنا الوطني، متمنيا أن تكون هناك أفلام أخرى، ذكر منها فيلم الأمير عبد القادر. وقد بدا المخرج في تمام صحته وشبابه، علما أن الفيلم نزل في سنة 1985. وكان يرافق، عن قرب، سير المعارك. وهنا حيّا مؤسسة التلفزيون على تكفّلها بهذا الإنتاج الضخم، الذي يتطلب، حسبه، إمكانيات كبيرة. "خالتي الجوهر" نكهة رمضانية بامتياز كواليس أخرى عُرضت على الجمهور خاصة بالفيلم التلفزيوني "خالتي الجوهر"، الذي حقق حين عرضه في بداية الثمانينيات، نجاحا باهرا؛ حيث بدت الفتاة جميلة عراس كاتبة سيناريو الفيلم، ترافق الممثلين، وتقرأ معهم السيناريو، مع تسجيل أجواء التصوير والتحضير. وتم التركيز على بطلة الفيلم الراحلة نورية وزوجها الراحل مصطفى قزدرلي، وكيف كانت الأمور تجري في أجواء حميمية، علما أن مُحاور الفنانين كان الفنان مراد زيروني. كما ظهر في هذه الكواليس، أن السيدة جميلة عراس كانت تنادي الراحلة نورية، بخالتي "نون نو". وقالت إن هذا التعاون هو تجسيد للتجاوب بين أجيال الفنانين. وأضافت أن العمل مع هذه القامة ليس صعبا نتيجة التفاهم والتكامل معها، في حين قالت السيدة نورية إن "الجوهر" شخصية عجوز "خرفت"، مضيفة: "هي شخصية قبيحة، وكلوفية، وتوقّب على الناس، لكن قلبها طيب، وتحب الخير للجميع". وبدورها، تحدثت الراحلة فتيحة بربار عن دورها في الفيلم، وهو "بديرة" صديقة الجوهر، علما أنها صديقة نورية أيضا في الواقع. أما مخرج الفيلم خاليدي فأشار في تدخله، إلى أنه كان يقيم في باريس للدراسة في المدرسة العليا للسينما، ليعود إلى الجزائر في سنة 1983، ويشتغل مع مصطفى بديع في عدة أفلام، آخرها "ماما"، ليخوض الآن تجربته مع "خالتي الجوهر". وبعدها قدّم بورتريه عن الزوجين قزدرلي ونورية، اللذين امتد مشوارهما الفني إلى 62 سنة، مع تقديم أرشيف خاص بهما شوهد لأول مرة. وتحدّث الراحل مصطفى قزدرلي (بوحرير) عن مشواره، وكيف قدمه الراحل بوعلام رايس لبديع. وانضم فنانون، وأسسوا "فنانون شركاء". وقد درس الراحل قزدرلي في المعهد البلدي للفنون بالعاصمة منذ 1959. ومن تلاميذه فتيحة بربار، وأقومي. أما نورية أو خديجة بن عيادة، فدخلت الفن صدفة. ومثلت في دورها الأول البدوية، لتستمر في أدوار الأم والحماة التي تقمّصتها بجدارة، وصولا إلى مسلسل "المصير". وهنا تم استعراض أعمالها مع التوري، ثم فيلمها "سيجارة لعلي"، و"الليل يخاف من الشمس" وغيرها، إلى أن اعتزلت بعد وفاة زوجها. ورحلت في 9 أوت 2020. "أعصاب رمضان" و"الفرقاني" من ريحة قسنطينة عادت الحصة، أيضا، إلى رائعة "أعصاب في رمضان"، والمنافسة الشرسة بين الراحلين عمي البشير ورشيد أمام علاوة في مجال صناعة الزلابية، وسر صناعتها، ليتم بعدها عرض مسيرة المخرج محمد حازورلي المولود سنة 1948 بتبسة، والذي التحق بالتلفزيون سنة 1970، وكان بعمله "رمضان والناس". ثم توالت أعماله ومنها "السخاب" و"حيزية". ومن أرشيف قسنطينة أيضا صور للشيخ الفرقاني تعود للخمسينات، يتجول بأحد جسور قسنطينة ويغني. ثم عرض تراث والده حمو مع صور وتسجيلات نادرة. ثم التحق الطاهر الفرقاني بالعاصمة مع فرقة الميسوم، وصولا إلى تمكنه من دمج المقامات العربية مع الفلامنكو، وإبداعه في "يا الورشان"، و"قالوا العرب قالوا"، و"فراق غزالي". كما عرضت الحصة جلساته العائلية. للتذكير، وقفت الحصة، أيضا، عند رواد الفن، ومنهم الراحل سيد علي كويرات، وكذا التوري وغيرهم. وقدمت أعداد سابقة في الموسم الفارط، صورا أرشيفية في شتى المجالات؛ من فن، وسياسة، ورياضة وغيرها. ومن ضمن ما قدم خطبة المرحوم بلقاسم نايت بلقاسم في أحد المساجد سنة 1970، وشريط عن أحوال الأسواق في رمضان، والمدائح في المساجد والتراويح، وحياة الجزائريين في هذا الشهر الفضيل سنة 1966، وروبرتاجات عن صيام الصغار، من ذلك منطقة ميزاب سنة 1968، ثم أول كاميرا خفية مع الحاج رحيم سنة 1969 التي تعالج ظواهر اجتماعية في قالب فكاهي، ثم سكاتشات مع محمد ونيش وفريدة صابونجي، وحفلات أندلسية مع خزناجي والحاج منور، ثم مع اعمر مكرازة في المدائح، وكلها أصوات رائدة في الفن الجزائري، وغيرها كثير. "شاشة وذكريات" من عبق الزمن الجميل دخلت الشبكةَ البرامجية للقناة الثامنة لهذا الموسم، حصةٌ بعنوان "شاشة وذكريات" للمنشط حليم، الذي سبق له أن نشط حصة تكاد تكون في نفس المضمون على قناة "كنال ألجيري". وقد استضاف في العدد الأول من هذا رمضان، كلا من المخرج المعروف بلقاسم حجاج، والفنان حميدو.