اتخذت وزارة التجارة إجراءات صارمة وفرضت الرقابة على صالونات التجميل والحلاقة، التي حولت نشاطها من مجرد عمليات تجميل سطحي، وماكياج وتصفيف الشعر، إلى عمليات تجميل عميقة باستعمال مواد وأدوات، وتقنيات خاصة بالجراحة التجميلية، خارج المسموح به قانونا، ما عرض الكثير من الزبونات إلى تشوهات ومشاكل صحية، جاء ذلك إثر حملة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تندد بهذا الواقع الذي انتشر في صالونات الحلاقة. وقد جاءت الحملة شعار "المسموح والممنوع في قاعة الحلاقة"، وذلك للفصل بين ما هو مسموح وما يجدر به أن يكون ممنوعا داخل تلك الصالونات، مما دفع بالكثير من خبراء الصحة، وكذا المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، إلى عرض مخاطر تلك العمليات التي رغم خطورتها إلا أنها تلقى رواجا من الباحثين عن الجمال والكمال الزائف. وقد شهد المجتمع الجزائري قبل فترة، انتشار موضة التوجه نحو التجميل، وعرفت العمليات الجراحية وغير الجراحية إقبالا كبيرا، والتي تستعمل فيها مختلف التقنيات الحديثة التي شهدها هذا المجال، وحظيت باهتمام كبير من طرف المهتمين بهذا المجال، بل وأخذ حيزا من أولويات الكثير منهم، لدرجة تخصيص ميزانية كبيرة له، وليس بالأمر الغريب بل يبقى في سبيل الجمال، والطلة الشبابية الدائمة. شمل هذا النوع من التجميل تقريبا كل أجزاء الجسم، ولم يقتصر كما كان عليه الحال سابقا على الوجه، بل أصبح لكل جزء بسيط من الجسم علاجات خاصة، إحداها خاصة بالتنحيف، وأخرى لملء بعض المناطق، والترطيب، والنحت، والتخلص النهائي من الشعر الزائد وتركيب الشعر، وكذا إعادة زراعة الأسنان وتعديلها، وتسوية الأنف، إلى جانب ملء الشفاه والخدود، ونحت الفك، وتكبير الأرداف، وتصغير الخصر...، كلها حلم تفاصيل وإن كان البعض لا يرى أهميتها، إلا أن آخرين يرونها الحلم المثالي، قد لا يحالف البعض حظ إجراء العملية لتكلفتها الباهظة، في حين تسمح الراحة المادية للبعض بالوفاء للمظهر، أما فئة أخرى فتبحث عن بديل تلك التكاليف الباهظة لدى مختصين، لتتوجه نحو صالونات تعد هي الأخرى بالمثالية بأقل تكلفة، لكن الى اي مدى تصدق صحة تلك الوعود؟، ومدى أمنها على الصحة وسلامة الفرد؟. ودفعت تلك التكاليف الباهظة في عيادات التجميل الخاصة، من جهة والرغبة في اجراء العمليات التجميلية تماشيا مع معايير الجمال التي يروج لها، والتي تتغير من فترة لأخرى، الى انتشار صالونات من نوع آخر، ليست صالونات مختصة، وإنما بعضها قاعات حلاقة، حولت اهتمامها وفق اهتمام المجتمع خاصة النسوة، وازدياد الطلب على تلك الخدمات، ووجدت فيها ربحا كبيرا، فخدماتها لا تكون بنفس تكاليف العيادات الخاصة التي يديرها ويسيرها خبراء تجميل واطباء وجراحون، لكن تبقى منافسة لها بفارق بسيط في التكلفة، عملت منذ سنوات على اجراء تجارب "مخبرية" على الاكثر جرأة والاقل خوفا مما قد تؤول اليه تلك العمليات، وما قد تحدثه من اخطاء قد تكلف الكثير للباحثات عن الجمال. صالونات لا يحوز أصحابها على شهادات وبين ليزر ميزوتيرابي، بوتوكس، فيلر، ميكرونيلديغ، وغيرها من المصطلحات الطبية، تستعرض الكثير من تلك الصالونات التي كان ل"المساء" جولة في البعض منها، يعد كل صالون بنتائج "جنونية" يصل البعض إلى تأكيد فورية النتيجة بعد حصة واحدة، وتشهد بعض تلك الصالونات زحمة، لا يحالف البعض حظ أخذ موعد إلا بعد أيام بل وأسابيع طويلة من المكالمة الهاتفية لطلب الموعد. في هذا الصدد، حدثنا رجل القانون والمحامي امين نحات، قائلا: "إن الكثير من الشكاوى اليوم تطال تلك الصالونات التجميلية، التي تحول عملها من نشاط وفق ما ينص عليه سجلها التجاري، إلى عيادات تحاول تبني مهام وخدمات الأطباء وجراحي التجميل"، مردفا: "الأدهى ما في الأمر أن البعض من مسيري تلك العيادات لا يحوزون حتى على شهادات تسمح لهم بإجراء بعض العمليات البسيطة، كتطبيق بعض مواد التجميل البسيطة، التي تتطلب كفاءة من عند مختصين، فما بالك إجراء عمليات أكثر تعقيدا، كتطبيق الفيلر، او البوتوكس او الليزر او غيرها من التقنيات". أوضح أنه قد تم خلال السنوات الأخيرة، تسجيل الكثير من المخالفات في هذا الشأن، وتم إحالة العديد من مسيري تلك الصالونات إلى العدالة، كما تم وقف أنشطة البعض وغلق تام لبعض تلك المحلات، بعد مداهمات لأعوان الرقابة، أين تم الوقوف على الكثير من المخالفات القانونية بين إجراء عمليات غير مسموح بها، أو حيازة مواد خطيرة، أو أخرى منتهية الصلاحية، مع وجود مواد صيدلانية كالحقن، ومواد أخرى للاستعمالات التي تحتاج كفاءة طبية أو شبه طبية. أوضح المحامي أن وزارة التجارة، شددت مؤخرا على فرض الرقابة على تلك الصالونات، ومعاينة عملها، وفرض العقوبات الصارمة على كل مخلفة للفصل بين عمل الخبراء والهواة في هذا المجال حماية لصحة المواطن، والقضاء على تلك التجاوزات التي ميعت عالم الجراحة التجميلية التي تحتاج لخبراء مؤهلين في المجال، اذ قد تكون تلك العمليات، عمليات ترميم نتيجة تشوه خلقي أو حتى لحوادث مختلفة، وتعريض صحة الفرد للخطر لم يعد من الامر المسكوت عليه. مصالح التجارة بالمرصاد للمخالفين من جهته، قال كمال يويو رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، إن وزارة التجارة بالمرصاد لكل المخالفين، وتعد بالصرامة ضد كل من يتعدى على القوانين. وقال إن الحملة يقودها الأكثر وعيا وتنتقل عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حول "المسموح والممنوع في قاعة الحلاقة" لتحديد مهام تلك القاعات، إذ أن كل ما يمكن أن مؤذي البشرة لا مكان له في تلك الصالونات، التي لابد أن تقتصر على التجميل السطحي والعناية السطحية، وكل ما يخترق الجلد، يسبب نزيفًا، يتضمن إبرًا أو جروحا هي عمليات غير مسموح بها لأسباب عديدة. وأوضح المتحدث، أن معظم البلدان، تسمح فقط للمهنيين في المجال الطبي من الأطباء، الممرضين المتخصصين، أطباء الجلد، وخبيرات التجميل، المدربات طبيا بإجراء العمليات التجميلية ويمنع قانونا لغير المهنيين بالقيام بهذه المهمة، الخطرة على صحة الفرد. وقال ممثل منظمة حماية المستهلك، انه الى جانب الاخطاء البسيطة قد تؤدي العدوى نتيجة غياب التعقيم الى امراض أكثر خطورة وحدوث مضاعفات بسبب التنفيذ غير الصحيح، كل هذا في غياب وجود التامين الخاصة بتغطية العلاجات الطبية وشبه الطبية في تلك الصالونات، ما يهضم حق الزبون.