❊ مقاربة رئيس الجمهورية ترتكز على إعطاء الأمازيغية القيمة التي تستحقّها لتعزيز حضورها في الحياة العامة ❊ الجزائر بذلت مجهودات معتبرة لترقية اللغة الأمازيغية في الفضاء الإعلامي ❊ البعد الأمازيغي مكوّن أصيل وجوهري في الهوية الوطنية التي تشكلت عبر التاريخ ❊ سي الهاشمي عصاد: الهوية الوطنية قدر مشترك ومصير لا رجعة فيه ولن نرضى بالمساس بأي ثوابتها أكد وزير الاتصال محمد مزيان، أمس، بباتنة، على ضرورة دعم الرؤى الطيبة والمبادرات الهادفة إلى تعزيز مكانة اللغة الأمازيغية في الإعلام الوطني وفقا لأحكام الدستور، معتبرا التنسيق البنّاء بين مؤسسات الدولة ووزارة الاتصال ضرورة استراتيجية من أجل إعلام وطني يعكس التعدّد الثقافي للجزائر. أوضح الوزير، خلال إشرافه بجامعة "الحاج لخضر- بباتنة1" على افتتاح فعاليات اليوم الدراسي الموسوم "الإعلام بالأمازيغية في الجزائر...تثمين للتجربة واستشراف المستقبل" أن مشاركته في هذا اليوم الدراسي، تعتبر انسجاما مع المقاربة المستنيرة لرئيس الجمهورية، السيّد عبد المجيد تبون، التي ترتكز على إعطاء الأمازيغية القيمة التي تستحقها لترقيتها وتعزيز حضورها في الحياة العامة، مؤكدا أن الدولة الجزائرية بذلت مجهودات معتبرة لترقية اللغة الأمازيغية في الفضاء الإعلامي من خلال إدماجها في البداية في المجال الإذاعي باستحداث قناة ناطقة بالأمازيغية بمتغيراتها المستعملة في الجزائر. كما نوّه الوزير، بالمجهودات التي بذلتها المحافظة السامية للأمازيغية على مدى أعوام لإدراج اللغة الأمازيغية بمختلف متغيراتها ضمن المنظومة الإعلامية الوطنية، من خلال الحضور القوي لهذه اللغة الوطنية والرسمية وموروثها الثقافي والإبداعات الفنّية لأبنائها في الشاشة الوطنية، وكذا من خلال إطلاق موقع بهذه اللغة من طرف وكالة الأنباء الجزائرية، "والذي تطور وأصبح اليوم قسما لبث الأخبار باللغة الأمازيغية بفضل نخبة من الإعلاميين القائمين عليه". وأكد وزير الاتصال، في هذا الشأن بأن البعد الأمازيغي هو مكون أصيل وجوهري في الهوية الوطنية التي تشكلت عبر التاريخ، حيث أن الثورة التحريرية في برامجها الإذاعية التي كانت تبث في أتون حرب التحرير باللغتين العربية والأمازيغية جنبا إلى جنب للدفاع عن حق الجزائريين في الانعتاق من نير الاستعمار وحشد الصفوف خلف القضية الوطنية الكبرى. واستغل الوزير، المناسبة للترحم على أرواح كل الصحفيين والتقنيين الجزائريين الذين مارسوا مهنتهم إبان الثورة التحريرية المجيدة، وساندوا إخوانهم المجاهدين وأولئك الذين سجنوا وعذّبوا وحكم عليهم بالموت على شاكلة الراحلة زهية خرف الله، التي تقلدت بعد الاستقلال منصب مديرة القناة الإذاعية الثانية باللغة الأمازيغية. من جهته أبرز الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، سي الهاشمي عصاد، أن الأمازيغية تمثل ركيزة أصيلة من ركائز الهوية الوطنية وشريانا حيا نابضا في وجدان الأمة الجزائرية، مشيرا إلى ترقية هذه اللغة "لا تعني إقصاء أو بديلا، بل تعزيزا للحمة الوطنية وتكريسا لانسجام مكونات النسيج المجتمعي الواحد، فهي أحد روافد التنوع الثقافي المتكامل الذي يثري تراثنا ويقوي روابطنا". وأضاف قائلا "نؤكد أن وحدة الهوية الوطنية ليست مجرد خيار بل قدر مشترك ومصير لا رجعة فيه ولن نرضى بالمساس بأي ثوابتها ولا نقبل المزايدة على انتمائنا لأن أي محاولة للنيل من أحد مكوناتها إنما هي طعن مباشر في وجدان الأمة وفي مشروعها السيادي الوطني". كما اعتبر أن الحفاظ على الأمن الوطني "لا يتحقق إلا بوحدة وطنية متماسكة تعلي من شأن جميع مكونات الهوية الجزائرية وفي مقدمتها الإسلام والعربية والأمازيغية باعتبارها ركائز مترابطة تشكل نسيجا موحدا لا يقبل التجزئة ولا المساس"، مشيرا إلى أن هذا اللقاء "ليس مناسبة علمية بل هو محطة تقييم وطنية نعيد فيها قراءة المسار الذي كرسته الدولة الجزائرية لإعادة الاعتبار للغة الأمازيغية وترقيتها في كنف الوحدة الوطنية". ووجه الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، بالمناسبة دعوة إلى الأسرة الجامعية بكل مكوناتها وإلى الأسرة الإعلامية الوطنية لتظل في طليعة الصفوف الحاملة لرسالة التماسك المجتمعي والمروجة لخطاب العقل والحكمة بما يعزّز الوحدة الوطنية. وتم خلال فعاليات اليوم الدراسي المنظم من طرف المحافظة السامية للأمازيغية بالشراكة مع جمعية المراسلين والصحفيين الأوراس باتنة، تنظيم جلستين علميتين الأولى موسومة ب«الإعلام الأمازيغي بين الواقع والتطلعات" والثانية بعنوان " تحديات واستشراف للمستقبل" تم من خلالهما تقديم 7 مداخلات قبل فتح نقاش مع المشاركين لتقييم تجربة الإعلام الأمازيغي في الجزائر. إعادة بعث اللجنة المشتركة بين الوزارة والمحافظة و كشف وزير الاتصال محمد مزيان أنه تمّ بعث من جديد اللجنة المشتركة بين وزارة الاتصال والمحافظة السامية للأمازيغية، مشيرا إلى أن هذه اللجنة ستعمل على ترقية الأمازيغية في المشهد الإعلامي بشكل عام وفي الفضاء الرقمي بشكل خاص. وشدّد الوزير بالمناسبة على أهمية تكوين الصحفيين، مؤكّدا بأن جهودا ستبذل في هذا المجال من أجل ترقية الصحفي والمؤسّسة الإعلامية. من جانب آخر لفت مزيان إلى أن اليوم الدراسي، شكّل محطة تمّ فيها تثمين التجربة وأيضا استشراف المستقبل حتى تحتل الأمازيغية المكانة اللائقة التي تستحقها وذلك انسجاما مع الدستور وكذا المقاربة المستنيرة التي جاء بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون. وتضمنت توصيات هذا اليوم الدراسي، التأكيد على إعادة بعث المبادرات التكوينية المشتركة عبر تنظيم منتديات ودورات تكوينية دورية لفائدة الصحفيين والمهنيين الناشطين في الإعلام الناطق بالأمازيغية مع فتح آفاق للتخصّص الأكاديمي في مجالات الصحافة المكتوبة والرقمية بالأمازيغية بما يساهم في تطوير المحتوى وتعزيز المهنية. كما أكّدت على ضرورة بلورة إطار مرجعي مهني موحّد خاص بالإعلام الناطق بالأمازيغية يؤسّس لممارسات إعلامية تستند إلى مقوّمات الشخصية الوطنية وتكرّس مساهمة الإعلام في بناء المواطنة وتنمية الوعي الجمعي بما يتماشى مع مبادئ الدستور ويخدم أهداف الدولة في تعزيز التلاحم الوطني. وتمّ خلال اليوم الدراسي تكريم عمار بن جدة، الصحفي ورئيس سلطة الضبط السمعي البصري باعتباره أول مقدّم للأخبار بالأمازيغية بالتلفزيون الجزائري وكذا الفقيد جمال نحالي (1971-2021) أستاذ رئيس سابق لقسم اللغة والثقافة الأمازيغية بجامعة الحاج لخضر باتنة 1، وذلك نظير ما قدماه لخدمة وترقية اللغة الأمازيغية، علاوة على تكريم فريق المسلسل التلفزيوني الناطق بالمتغير الشاوي "منعرجات الحياة".