أوصى مشاركون في فعاليات الطبعة الثانية من المنتدى الوطني "الجزائر يحميها الجميع"، من تنظيم "منتدى الأوراس للتضامن والتنمية"، واحتضنتها، نهاية الأسبوع، قاعة المحاضرات الكبرى بجامعة باتنة "1"، بضرورة تعزيز الأمن وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، بهدف التصدي للهجمات الإلكترونية والمحتوى المزيف، مع الحرص على اعتماد الوعي الإعلامي والمعلوماتي، عبر التعليم الرقمي وتدريب الجمهور المستخدم على تمييز الأخبار الكاذبة عبر مناهج تعليمية متخصصة، والعمل إنتاج محتوى إعلامي هادف، يعزز الهوية الوطنية ويفند الروايات المظللة. تم التركيز في هذا الملتقى، الذي كشف عن جوانب مهمة في موضوع اللقاء، الذي يبحث في عدة تساؤلات مفاهيمية وإشكاليات اصطلاحية في المشهد الإقليمي، لمناقشة التهديدات الراهنة على الأمن القومي، من هذا المنطلق، أقر المشاركون بضرورة تعزيز وترسيخ الاتصال المؤسساتي مبنى على الشفافية، بفتح قنوات اتصال بين المؤسسات والهيئات الرسمية، لترسيخ الثقة ومحاربة الأخبار الكاذبة. كما تم التأكيد على ضرورة التعاون الدولي والإقليمي، بوضع أطر قانونية ومواثيق، لتقييد استخدام التكنولوجيا في التضليل في مثال معاهدة دولية لمكافحة التزييف العميق والأخبار الكاذبة، وتثمين دور المجتمع المدني في بناء الوعي الرقمي، مقترحين تأسيس منتدى وطني يشكل منصة فاعلة لمعالجة مختلف القضايا الراهنة، متفتح على جميع الكفاءات الوطنية، لتوحيد الرؤى ومجابهة كل التحديات. وتم بالمناسبة، مناقشة العديد من المحاور التي لها علاقة بموضوع الملتقى، أكد خلالها المشاركون في جلسات نقاش، على ضرورة تبني خطط عملياتية لمواجهة الهجمات الإعلامية، التي تستهدف وحدة الوطن وتماسكه، وأبرزوا جوانب مهمة في البحث في أساليب المواجهة الإعلامية الواعية، والدفاع عن السيادة الوطنية في الفضاءات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، باعتماد خطاب عقلاني، مسؤول وموحد، يستند إلى المعلومة الموثوقة والتحليل الرصين، وفقا لما تضمنه برنامج هذه الفعاليات. وفي مداخلته، تطرق أ.د. مصطفى صايج، ل«الاستراتيجية الجزائرية لمواجهة تهديدات الأمن السيبيرياني الآليات والتحديات". والذي أبرز دور المؤسسة العسكرية في حديثه عن الأمن السبيرياني والحروب الرقمية، والتي بحسبه تهدف إلى تغير الوعي لدى الشباب الجامعي لمواجهة الإرهاب الإلكتروني ومخاطره، واعتماد المواقع المتخصصة في الإرهاب الإلكتروني. وثمن الجهود المبذولة من خلال الاستراتيجية الجديدة في تسيير الأمن المنظوماتي والمعلوماتي، واعتبرها معركة وعي حقيقي. وتناول الأستاذ الإعلامي قادة بن عمار، تجربة الإعلام الوطني وكيفية التعامل مع تدفق المعلومات". واعتبر تدفق المعلومات هاجسا كبيرا، مع انتشار المعلومات المضللة في تهييج الأقليات، مستدلا بما يجري في سوريا، وحادثة "الدرون" المخترقة للأجواء الجزائرية وإسقاطها. ولم يغفل دور المؤسسة العسكرية التي تقدم بيانات، من خلال التفتح على وسائل الإعلام والجمهور. كما تحدث عن مهنة المتاعب ورسالتها، وأردف بالقول: "نحتاج صناع صورة للوطن"، كما تحدث عن دور السينما في الموضوع، مستدلا بفيلم "وقائع سنين الجمر" للمخرج المرحوم لخضر حامينا، الذي رسم معركة الصورة في مهرجان "كان". من جهته، أبرز الدكتور رضوان بوهيدل، في مداخلته "مفهوم الأمن القومي الجديد السمات الأساسية للحروب الجديدة للجيل الخامس"، حروب الجيل الخامس، التي تتميز باستغلال التكنولوجيا المتقدمة، خاصة الذكاء الاصطناعي، في تحقيق الأهداف الاستراتيجية بطرق غير مباشرة وغير تقليدية. وأوضح أن هذا النوع من الحروب، هو "حرب المعلومات والإدراك"، إذ يستهدف التأثير في عقلية المجتمع وسلوكه، وكذا الأفكار والتصورات العامة، بدل التركيز على تدمير البنية التحتية المادية، تعتمد على تقنيات متقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، الذي سمح بفَهْم الأنماط السلوكية، وتوجيه القرارات الفردية والجماعية، وإنشاء واقع جديد من دون إدراك ووعي كاملَين من الأفراد. وقدم أ.د. مهدي فتاك من جامعة تيزي وزو مداخلة حول "الأمن الجيوسياسي والرقمي للجزائر في مقاربة شاملة في مواجهة رهانات وتحديات الحروب الهجينة". تطرق فيها للتضحيات من أجل السيادة الوطنية، مبرزا أهمية الهدف الرئيس لبناء دولة قوية محصنة، رغم كل التكالبات على مر الزمن. ودعا إلى تبني سيادة رقمية وبناء قوة سيبيريانية لمواجهة الأخطار، من خلال وكالة وطنية للأمن السيبيرياني، تشرف على البنى التحية الوطنية وتستثمر في كل التفاصيل، للحفاظ على الأمن الرقمي. كما حذرت أ.د بن بوعزيز آسيا في مداخلتها "تهديدات الجريمة الإلكترونية على الأمن القومي الجزائري"، من مخاطر التكنولوجيا على الأمن القومي، وتطرقت للقوانين الخاصة بالوقاية من جرائم الإعلام والاتصال، وطالبت باستحداث هيئة قضائية لمكافحة نشر الأخبار الكاذبة بين الجمهور وجرائم النميمة والكراهية، ونوهت في المقابل، بجهود الدولة في هذا الخصوص، في مكافحة الارهاب الذي أصبح يعتمد على وسائل التكنولوجية الحديثة، على حد تعبيرها. من جهته، ألقى الدكتور أحمد ميزاب مداخلة بعنوان: "الهجمات الهادئة على الجزائر التهديدات غير تقليدية وأدوات الردع الشامل"، وتحدث عن صيغة التهديدات التي تستهدف اليوم النسيج الاجتماعي من الداخل، لإضعاف المؤسسات ومفهوم الدولة الحديثة، وأضاف بالقول: "إننا أمام حروب إعلامية، ونحن في قلبها من خلال تشويه صورة الجزائر لإضعاف قدراتها بدعم كل ما يقود للتصدعات باستغلال خطابات الفتن والتمييز العنصري"، مؤكدا في هذا الصدد، على التماسك وتعزيز اللحمة الوطنية، محذرا من الضغوط الحقوقية والمنظمات المسيسة. أما البروفيسور رامز أمير شوقي من جامعة باتنة "1"، فأكد في مداخلته حول "الذباب الإلكتروني، الأخبار الزائفة وتشكيل الرأي العام"، على محاربة خطر الذباب الإلكتروني الذي ظهر كمصطلح متناول في مواقع التواصل الاجتماعي، تجهل خلفياته في دراسة بحثية للفترة من 2016 إلى 2019، شملت 200 مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي بولاية باتنة. وأرجع البروفيسور رامز إلى ظهور بما اصطلح عليه، بثورات الربيع العربي، وهو مجموعة من الحسابات الوهمية، استغلت لترويج الإشاعات والتضليل، وقدم المتدخل شروحات حول الذباب الإلكتروني واللجان الإلكترونية. والثانية وصفها بالأكثر احترافا وتأثيرا في عملها، كما تطرق لمجالات عمل الذباب الإلكتروني التي تشمل مجالات السياسة والمجتمع والاقتصاد، وقدم بالمناسبة، إحصائيات عن دراسته البحثية حول مخاطر الذباب الإلكتروني، والتي تشير إلى وجود أكثر من 25.6 مليون مستعمل ل«الفايسبوك"، 22.7 مليون ل«اليوتوب"، و12.4 مليون مستخدم ل«الأنستغرام" و4.8 مليون ل«ينكاد" و21.1 مليون ل«تيك توك" و1.15 مليون مستخدم ل«تويتر". وحسب رئيس منتدى الأوراس للتضامن والتنمية، الدكتور شمس الدين بن براهيم، لقي الملتقى نجاحا كبيرا بمضامينه، التي سعت إلى استقراء الراهن والتحدي الواجب رفعه، عندما يتعلق الأمر بتعزيز اللحمة الوطنية، والمساهمة في إثراء النقاش الوطني، وتقديم رؤى إستراتيجية لدعم الجبهة الداخلية، والتصدي لمختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، والتصدي للمحاولات اليائسة لضرب استقرار الوطن، والعمل على رفع مستوى الوعي الوطني، خاصة لدى فئة الشباب.