أكد الأستاذان عبد القادر بن دعماش وعمار بلخوجة، أهمية الذاكرة في بناء الأمم، وطالبا بمواصلة الحفاظ عليها، مضيفين أن أعلى سلطة في البلاد تهتم بهذا الموضوع، والدليل إقرار السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون 8 ماي من كل سنة، يوما وطنيا للذاكرة. نظمت جمعية "مشعل الشهيد"، أمس، بمنتدى جريدة "المجاهد"، ندوة تكريمية للفرقة الفنية لجبهة التحرير والشهيد علي معاشي، تأكيدا منها على دور الفنانين الجزائريين في الحفاظ على الذاكرة الوطنية. بالمناسبة، قال الفنان والكاتب عبد القادر بن دعماش، إنه شرع في كتابة مؤلف عن الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، بطلب من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي كتب لاحقا مقدمة الكتاب، مضيفا أن هذا الأمر يدل على اعتراف أعلى سلطة في البلاد بالفنانين، وبمساهمتهم في الثورة التحريرية. وأضاف أنه ألف الكتاب في مدة لا تزيد عن شهر، بمساعدة مترجمين، مؤكدا في السياق، أهمية الذاكرة في بناء الأمم، لينتقل في حديثه إلى تأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير ومسارها الفني، الذي ساهم بشكل كبير في التعريف بالقضية الجزائرية للعالم. مثل ما هو الحال مع فرقة الجبهة الخاصة برياضة كرة القدم. وذكر بن دعماش، أن الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني ضمت 52 عضوا، لم يلتحقوا جماعيا بالفرقة، وإنما بشكل متقطع، مرورا ببون الألمانية إلى تونس، في سرية تامة، لينتقل إلى الأعمال المسرحية التي قدمتها الفرقة وهي "نحو النور" و"مونسيرا" و"أبناء القصبة" و"الخالدون" و"دم الأحرار"، وهذا في عدة دول، من بينها تونس والاتحاد السوفياتي سابقا، والصين والعراق ومصر، وشهدت إقبالا غفيرا للجمهور وحتى للقادة، إلى غاية رجوع الفرقة إلى الجزائر في 20 مارس 1962. وأكد بن دعماش إيمان، أعضاء الفرقة باستقلال الجزائر ودور الفن في تحقيقه. كما تحدث أيضا عن المجاهد عيسى مسعودي الذي كان يطلب من الفرقة الفنية للجبهة تسليمه الأغاني الوطنية، حتى يذيعها في الإذاعة المكافحة، علما أن الرئيس هواري بومدين قال، إن صوت مسعودي لوحده ساهم بنسبة خمسين بالمئة في استقلال البلد. في المقابل، تحدث بن دعماش عن السرية التي صاحبت إدماج الفنانين في الفرقة الفنية للجبهة، وكذا عن كونهم مجاهدين بالدرجة الأولى، وهو ما يفسر عدم استدعاء فنانين آخرين، لغياب التواصل معهم. وتطرق المتحدث أيضا إلى التحاق الفنان التونسي الراحل الهادي رجب بالفرقة وعمره لا يتجاوز 17 سنة، وهو ما يؤكد مساندة الشعب التونسي للقضية الجزائرية، مشيرا إلى قرار الفنان الشاب العيش في الجزائر بعد الاستقلال. أما الكاتب عمار بلخوجة، فقد ذكر مصير الفنان الشهيد علي معاشي، الذي استشهد رفقة رفيقين له في تيارت، وتعرض جثثهم للتنكيل ورميها في الشارع من طرف المحتل الفرنسي. وفي هذا قال، إن الاستعمار الفرنسي كان ينظم هذه المشاهد المروعة في الأحياء، أي أنه كان يعرض جثث الشهداء على الناس في فعلة مسيئة ولا علاقة لها بالإنسانية البتة. وتابع صاحب كتاب "علي معاشي.. فن وكفاح" أنه حينما سمعت الفنانة الراحلة فريدة صابونجي بهذا الفعل الشنيع، خلال إلقائه لمحاضرة، أخبرته أنها لم تأكل لمدة ثلاثة أيام، لفاجعة ما سمعته. كما دعا بلخوجة الفنانين الشباب، إلى إعادة أغاني علي معاشي، مثلما فعل ذلك بلاوي الهواري والشريف قرطبي، خاصة أغنية "أنغام الجزائر" التي تناول فيها الشهيد، عدة مناطق من الوطن. في إطار آخر، كرمت جمعية "مشعل الشهيد" السيدة صفية كواسي، عضو الفرقة الفنية لجبهة التحرير، وفي هذا قالت المجاهدة المكرمة، إنها التحقت بالفرقة كمصممة للأزياء، خاصة وأن زوجها أيضا عضو في الفرقة، لتجد نفسها أيضا ممثلة ومغنية. وتابعت أنها عاشت في الفرقة أحداثا جميلة وجديدة، وأنها كانت سعيدة جدا بمشاركتها في هذه المجموعة، التي كانت تضم أناسا في قمة الروعة.