تربط الجزائرولبنان علاقات تاريخية متجذّرة قائمة على أسس التعاون والتضامن في ظل الإرادة المشتركة التي تحدو قائدي البلدين، في الارتقاء بها إلى آفاق أوسع وإضفاء المزيد من الزّخم والحركية على التعاون الثنائي في شتى المجالات. تعزيزا لهذا المسعى تأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس جمهورية لبنان الشقيقة، السيّد جوزيف عون، إلى الجزائر، والتي تشكل فرصة سانحة لبحث سبل ووسائل تعزيز التعاون الثنائي والتطرق إلى القضايا الاقليمية والدولية الراهنة. وعبر كافة المراحل الصعبة التي مر بها هذا البلد الشقيق خلال السنوات الماضية، كانت الجزائر حاضرة بقوة من خلال دعمها الثّابت والمتواصل، حيث أعربت في أكثر من مناسبة عن وقوفها إلى جانبه من أجل بلوغ مرحلة جديدة على درب تعزيز الاستقرار والسلم وتحقيق النّمو الاقتصادي. وفي هذا المنحى كان رئيس الجمهورية السيّد عبد المجيد تبون، قد دعا في كلمة وجهها إلى القمّة العربية في بغداد، شهر ماي الماضي، الدول العربية إلى "قدر أكبر من التضامن مع الأشقاء في لبنان"، معتبرا أن "وحدة وسيادة وسلامة هذا البلد تظل جزءا لا يتجزأ من مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمّتها". وضمن هذا المسعى أعربت الجزائر دوما عن استعدادها لمرافقة الجهود الرامية إلى إضفاء المزيد من الزّخم على التعاون الثنائي مع لبنان، وهو ما أبرزه رئيس الجمهورية، في رسالة تهنئة بعث بها إلى نظيره اللبناني جوزيف عون، بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد مطلع العام الجاري، حيث أكد له "استعداده الكامل للعمل سويا على الارتقاء بالعلاقات التاريخية بين البلدين". وقد لقيت مواقف الجزائر المتضامنة مع الشعب اللبناني الشقيق ترحيبا واسعا من قبل الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية في هذا البلد، خاصة عقب قرار رئيس الجمهورية، تزويد لبنان "بشكل فوري" بكميات من الفيول لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية. كما أرسلت الجزائر سنة 2020، أزيد من 200 طن من المساعدات إلى لبنان، مرفقة بطاقم طبي ومختصين في تسيير الكوارث، وذلك إثر الانفجار الذي وقع بميناء بيروت، مخلّفا قتلى وجرحى، علاوة على مساعدتها له خلال الأزمة الصحية (كوفيد- 19). وفي بادرة تؤكد متانة العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين وتجسّد الإرادة السياسية في فتح آفاق جديدة وواعدة للارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي، قرر رئيس الجمهورية، سنة 2023 استئناف الرحلات الجوية بين الجزائروبيروت. بدورها تعمل المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائريةاللبنانية منذ تنصيبها سنة 2022، على تعميق التعاون البرلماني وتوسيع أطره ليشمل مختلف المجالات، وكذا إعطاء دفع أكبر للتعاون المثمر بين البلدين، والرفع من حجم التبادل التجاري وإنشاء شراكة استراتيجية في عدة قطاعات لا سيما من خلال تفعيل مجلس رجال الأعمال الجزائرياللبناني.