افتتحت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، الأربعاء الفارط، الطبعة السابع عشرة للمهرجان الدولي للشريط المرسوم "فيبدا" تحت شعار "طبعة الأطفال" ، التي تمتد فعالياتها إلى غاية 5 أكتوبر بساحة رياض الفتح؛ حيث زارت بن دودة مختلف الأجنحة والفضاءات، والتقت الفنانين والكتّاب والناشرين والجمهور الوافد. كما كرّمت، بالمناسبة، كوكبة من الرسّامين الجزائريين والأجانب. في كلمة ألقتها الوزيرة بقاعة "ابن زيدون" أمام المشاركين في المهرجان، قالت إنّ هذا الموعد بات تقليدا راسخا لدى جمهور الجزائر وزوّارها. ويمثّل واجهة مهمة للتنوّع الثقافي الذي عُرفت به بلادنا على مرّ العصور. ويجسّد تفوّق الجزائر في الفن التاسع. وأضافت: "لقد ارتبطت ذاكرة الجزائريين ببواكير الأعمال التي شكّلت ميلاد مدرسة في الشريط المرسوم، مدرسة متكيّفة مع التقاليد والوعي والهوية، وتطلّعات الشباب الجزائري. وهذا هو رهاننا اليوم.. أن نمنح الشباب أفقا إبداعيا يليق بطموحاتهم ". وأكّدت وزيرة الثقافة والفنون أنّ للشريط المرسوم جمهوره في كلّ أنحاء العالم. وهو يمتلك لغته، وخطابه الذي يتجاوز الحدود عبر التقنية والفن؛ لذلك فإنّ دعم المبدعين في هذا المجال مسؤولية تقع على عاتق الجميع، وهو ما يقوم به القائمون على هذا المهرجان الدولي. كما أشارت إلى قيمة أساسية للشريط المرسوم، وهي قدرته على جذب الشباب والأطفال إلى القراءة؛ كفعل ثقافي، وعادة حميدة. فالأطفال، أيضا، جمهور للثقافة، بل هم جمهورها الدائم. ومن هذا المنطلق توجيهاتها للمصالح المختصة، أن يكون الطفل في صميم أولويات الفعل الثقافي، معلّقة: "لعلكم عايشتم إطلاق برنامج "كان يا ما كان" الذي يحتفي بالحكاية الشعبية الجزائرية" . ابتكار مسارات اقتصادية تتجاوز تبرير صرف الميزانيات استغلت الوزيرة المناسبة لتؤكّد أنّ مراجعة المهرجانات الوطنية والدولية والدفع بها نحو منطق الإنتاجية الثقافية والمعرفية مع الحفاظ على صورة الجزائر، وبالموازاة مع ابتكار مسارات اقتصادية ثقافية، هو هدف مشترك. وقالت: "إنّ المهرجانات ليست مجرّد وسيلة لتبرير صرف ميزانيات على أيام معدودة من الفعاليات، بل هي منظومة اقتصادية، تقوم على الترفيه، والتثقيف، وتأثيث الفضاء العمومي بالجماليات. وفي الوقت نفسه تساهم في دعم الاقتصاد الوطني. وعلينا أن نَخرج من منطق انتظار الدعم إلى تحدي إيجاد المساهمين والمموّلين والشركاء الاقتصاديين، بما يضمن الاستمرارية والإبداع ". وأضافت: "وهنا لا يفوتني أن أحيّي محافظ هذا المهرجان، الذي نجح في منحه هوية متميّزة، وفي استقطاب أبرز الضيوف. كما نرحّب، بالمناسبة، بجمهورية مصر العربية الشقيقة، ضيف شرف هذه الطبعة، بما تمثّله من مكانة مرموقة في عالم الشريط المرسوم والفنون المجاورة له، في تأكيد على عمق العلاقات الثقافية بين بلدينا، وعلى أهمية الفن التاسع في فضائنا العربي" . جولة نحو نماذج من الإبداع والاستثمار تأثّرت الوزيرة وذرفت دموعها وهي تقول: "لا يسعني في هذا المقام إلاّ أن أتوقّف عند السمة النضالية للفن في زمن الجحود؛ حيث نتذكّر أطفال غزة الذين حُرموا من حقهم في التعليم، وفي الغذاء، وفي النوم، وفي الحياة الكريمة. نرفع إليهم عبارات الاعتذار باسم الإنسانية. ونؤمن أنّ الفن هو البديل عن الصمت. وهو الصوت الذي يحمل رسالة الحرية. ومن هنا أدعوكم جميعا، فنانين ومبدعين، إلى أن يكون فنكم جزءا من النضال من أجل السلام والحرية لفلسطين" . بعدها تم عرض شريط مصوّر، قدّم فيه المشاركون أعمالهم ونشاطهم خلال هذه الدورة، علما أنّها تشهد مشاركة 17 دولة، ومصر ضيف شرف. كما تدخّل محافظ المهرجان خلال كلمة ألقاها، مؤكّدا فيها امتنانه للمساهمين، والداعمين. وبعد فقرة موسيقية لفرقة "الليالي" تم تكريم بعض الفنانين المشاركين، مع وقفة للذين حضروا من جيل الروّاد، كان من بينهم الفنانون زعموم، وعيدر، وأحمد هارون. جولة نحو نماذج من الإبداع والاستثمار للإشارة، زارت الوزيرة مختلف أجنحة العرض والفضاءات المقامة بساحة رياض الفتح، تحدّثت خلالها مع المشاركين، وتوقّفت عند جناح وزارة الثقافة والفنون، خاصة بفضاء المطالعة، وبكتب من رصيد المكتبة الوطنية، لتنتقل بعدها إلى جناح المحافظة السامية للأمازيغية، وتطَّلع على منشوراتها من كتب في فن الشريط المرسوم. وكذلك الحال مع الوكالة الوطنية للنشر والإشهار "أناب" ، والمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية "إيناغ" التي خصّصت الكثير من كتب الناشئة للتاريخ الوطني وأبطاله منذ العهد القديم، ضمن سلسلات متنوعة. وجلست الوزيرة، بعد ذلك، في فضاء "فري بلاي زون" ، والتقت بمجموعة من الشباب الهاوين، على طاولة مزدحمة بالألوان والأوراق والكتب، ليقدّم لها القائمون على هذا الفضاء، كتاب لعبة "أنت البطل" . وهي تجربة عالمية قُدّمت بطبعة جزائرية، علما أنّ التجربة أثمرت 25 عنوانا في تاريخ الجزائر، وهي تتماشى والمقرّر الدراسي الوطني، زيادة على تقديم كتاب "محمد عرام، حياته وأعماله" ، الذي فيه، أيضا، ملامح من عمر الجزائر المستقلة. ثم انتقلت بن دودة إلى فضاءات أخرى مختصة في التصميم والنشر والأكسسوارات وغير ذلك، مبدية إعجابها بتجارب الشباب، لتصل إلى جناح "بابيروس" المزدحمة بعناوين الكتب في الشريط المرسوم. وهي، أيضا، نماذج من تاريخ الجزائر وأبطالها، مقدَّمة للناشئة. ومن العناوين "عمر الصغير" وغيره، علما أنّ الطبع كان ب3 لغات. وأبدت الوزيرة إعجابها، قائلة: "برافو" لطاقم مجلة "غميضة" التي لها رسّاموها وكتّابها، وتشتغل حسب الشروحات المقدّمة على التراث الجزائري. وقد طبعت 100 ألف نسخة بيعت عبر الولايات (250 دينار)، وهي في عددها 15، وتنشط منذ 2022. كما قدّمت دار "داليمان" تخفيضات منذ الافتتاح؛ فبثمن كتابين تباع ثلاثة عناوين في التراث الوطني والعالمي.