حذّر مختصون في الصحة والطب خلال ندوة إعلامية نظمتها الجمعية الطبية أصدقاء المريض بالتنسيق مع جمعية الصحفيين والمراسلين لولاية البليدة مؤخرا، من الانتشار الواسع للمشروبات الطاقوية والمنشطات وسط الأسر والتلاميذ، وما تمثله من تهديد مباشر للصحة العمومية، داعين إلى اتخاذ إجراءات رقابية صارمة، وتقنين تداولها في الأسواق. أوضح الدكتور رشيد بن عثمان في مداخلته، أن المشروبات الطاقوية تحمل مخاطر صحية كبيرة على المديين القصير والبعيد، وقد تتحول إلى مدخل للإدمان من الشباب والمراهقين في حال استهلاكها العشوائي والمتكرر، وبجرعات غير متوازنة. وأضاف أن هذه المشروبات أصبحت تُباع على نطاق واسع، في المقاهي، ومحلات بيع مواد التجميل، والمواد الغذائية، بل وتُسوَّق للأطفال رغم أخطارها الصحية، مطالباً وزارة التجارة بسن إجراءات صارمة لمنع بيعها للقُصّر، وحصر توزيعها في نقاط محددة فقط من خلال إقرار نص قانوني يوضح كيفية بيعها. ومن جهته، كشف البروفيسور عبد الحفيظ بوديبة، عضو المكتب الولائي للجمعية الطبية « أصدقاء المريض » مكلف باللجنة الطبية، أن بعض الشركات المنتجة للمشروبات الطاقوية تلجأ إلى التضليل عبر إبراز فوائد هذه المنتجات دون توضيح مكوناتها الحقيقية، والمضافات المنشطة الموجودة فيها؛ لأن هدفها هو تحقيق الربح السريع؛ ما قد يشكل خطراً كبيراً على القلب، والأعصاب، والدماغ. وقد تصل إلى التسبب في العقم، وتقلص الشرايين. كما أشار إلى أن مصادر بعض هذه المنتجات غير معروفة، ما يجعل أخطارها مضاعَفة. ودعا، بالمناسبة، الأسرةَ إلى تحمّل مسؤوليتها في الحد من الاستهلاك العشوائي لهذه المشروبات. كما دعا إلى تنظيم حملات توعوية حول مخاطرها لفائدة كل شرائح المجتمع، خاصة الأكثر عرضة، مع إنشاء مخابر مستقلة؛ لمراقبة نوعيتها. أما الدكتور محمد تبوب فلفت إلى ضرورة التنسيق بين وزارتي الصحة والتجارة؛ لوضع آليات واضحة للرقابة، وإنشاء هيئة مشتركة تضم القطاعين العام والخاص تُعنى بتحديد الأضرار الصحية للمشروبات الطاقوية، وتقنين بيعها. وأشار إلى أن الشباب والمراهقين يقبلون عليها بدافع البحث عن النشاط، والتركيز، وتقوية العضلات، في غياب الوعي بخطورتها الصحية، خاصة أن استهلاكها يتم دون استشارة طبيب أو مختص، بل يتم بطريقة فوضوية وعشوائية؛ ما يزيد من خطورتها خاصة على الأطفال. وكشف الدكتور تبوب أن جزءاً كبيراً من هذه المنتجات يتم تداوله تحت ذريعة الاستخدام الشخصي، وهو ما يجعلها بعيدة عن الرقابة، لافتا إلى أن واحدا من أهم الأسباب التي سرّعت من انتشار استهلاكها، الإدمان المتزايد على الإنترنت، والألعاب الإلكترونية؛ ما دفع إلى ارتفاع استهلاكها دون وعي، ولا رقابة ذاتية، في وقت بلغ سوق المشروبات الطاقوية عالمياً، عائدات قياسية تُقدَّر ب133 مليار دولار سنة 2023 مع معدل نمو سنوي بلغ 12.8 بالمائة، ما يجعلها من أكثر الأسواق نمواً. وفي السياق، حذّر المتحدث من مكملات غذائية تقدَّم في شكل خلطات ذات مصدر طبيعي لكنها تُدعم بأدوية ومواد كيماوية قد تشكل خطراً على صحة المستهلك، داعياً إلى مراقبة بيع الأعشاب والمكملات، وتقنين تداولها. وختم المشاركون في الندوة بالتأكيد على ضرورة التحرك العاجل للحد من استهلاك المشروبات الطاقوية وسط الفئات الأكثر عرضة لاستهلاكها، وتكثيف حملات التحسيس لحماية الأسرة والمدرسة من مخاطر هذه المواد المنبهة والمنشطة، التي تتوسع دائرة انتشارها يوما بعد يوم.