حيرة انتابت العديد من الأولياء في هذه الفترة الربيعية التي ضربت للأطفال موعدا مع العطلة، فمن ناحية لا يمكن ضمان نزهة لهم يوميا، ومن ناحية أخرى فإن تركهم في الشارع ليس حلا في وجود أصدقاء السوء.. وهنا تكمن المشكلة، حيث سرعان ما يملون داخل البيت، ويبدأ مسلسل التمرد والشغب، وإذا كان البعض قد عجزوا عن إيجاد حل مناسب، فإن البعض الآخر قد وجدوا ضالتهم بميدياتاك حسين عسلة الذي نظم أبوابا مفتوحة على العطلة الربيعية حتى لا يذهب وقت الأطفال هباء منثورا.. أين وكيف يقضي الأطفال العطلة؟.. هم يتجدد مع نهاية كل فصل دراسي.. فعموما تتباين طرق وأماكن قضاء العطلة حسب ظروف وإمكانيات كل أسرة، ففيما يسمح الوقت والإمكانيات للبعض باصطحاب الأطفال في نزهات، لا يتسنى للبعض الآخر إيجاد متنفس للأبناء بسبب قلة الإمكانيات أو ضيق الوقت نتيجة لظروف العمل، ولهذا السبب تضم عدة شوارع مجموعات الأطفال في ألعاب كرة القدم والألعاب الجماعية الأخرى، وهو الأمر الذي لا يروق للأولياء نظرا للمخاطر الكثيرة التي أصبح ينطوي عليها المكوث في الشارع. ووعيا منهم بهذا الخطر، دأب القائمون على ميدياتاك حسين عسلة منذ السنوات الأخيرة على تحويل فضائهم الصغير إلى مرتع لاستقبال الأطفال خلال فترات العطلة، وفي هذه العطلة الربيعية بالتحديد فتح الميدياتاك أبوابه لاحتضان الأطفال المتمدرسين خلال عطلتهم الربيعية من 19 مارس الجاري إلى 2 أفريل المقبل من خلال برنامج ترفيهي وتربوي ثري.. ويوم زيارة ''المساء'' للميدياتاك صادفت مجموعة من الأطفال ارتسمت عليها علامات البهجة بالقاعة التي احتضنتهم وهم يستعدون لممارسة هواياتهم وتقاسم لحظات مميزة رفقة المنشطة دليلة كايوش، حيث جاءوا من أماكن مختلفة من العاصمة على غرار ساحة الشهداء، عين بنيان ودرارية، مما فتح لديهم المجال لتكوين صداقات جديدة. وعن هذه المبادرة التي تم الإشهار لها عن طريق ملصقات تم نشرها على مستوى بعض المؤسسات التربوية بالعاصمة قبيل موعد العطلة الربيعية، تقول ''سامية بحري''، مدرسة تقنيات الإعلام الآلي والأنترنت بالميدياتاك، إنها تتكرر في مختلف فترات عطل الأطفال من أجل التعريف بمختلف نشاطات الميدياتاك، وجذب الأطفال إلى هذا الفضاء الذي من شأنه أن يسد ثغرات الفراغ الذي يعاني منه الكثير منهم. ولا تتوقف محاسن فكرة تنظيم أبواب مفتوحة على العطلة الربيعية عند تجنيب الأطفال مخاطر تمضية الوقت في الشارع أو الإدمان على البرامج التلفزيونية، إنما تخلص أيضا بعض الآباء من القلق الذي يسببه لهم مكوث الأبناء في البيت طيلة فترة العطلة، حسب المتحدثة. وتستقطب الدعوة المفتوحة الموجهة إلى كافة أطفال العاصمة - تبعا للمصدر - ما بين 20 إلى 30 طفلا يوميا يستفيدون من برنامج خاص من التاسعة صباحا إلى الخامسة مساء، علما أن هذا الأخير يتضمن ورشات للرسم والتلوين، والكتابة، والأشغال اليدوية وقراءة القصص، فضلا عن مراجعة الدروس. ويعد هذا البرنامج - حسب المنشطة دليلة كايوش - دعوة للطفل ليكتسب ثقافة استثمار الوقت بعيدا عن سلبيات الإدمان على مشاهدة البرامج التلفزيونية، وفي فضاء الميدياتاك الصغير الذي يحول دون الاستجابة لرغبة العديد من الأولياء في إرسال أبنائهم إليه، كثيرا ما تحدث المفاجأة باكتشاف مواهب أطفال لم يسمح غياب التواصل في وسطهم الأسري بالإضاءة إلى ما يمكن أن يبدعه فكرهم وأناملهم. وتشير المنشطة في حديثها ل''المساء'': ''مواهب عدة رأت النور في هذا الفضاء الذي يشجع الأطفال ويفتح لهم المجال لإبراز مكنوناتهم، حتى أن بعض الأولياء يندهشون عندما يكتشفون مواهب أبنائهم على غرار تأليف القصص والعروض المسرحية والتفنن في الرسم''. الضوضاء بسبب تشغيل جهاز التلفزيون وضيق المسكن هي من ضمن العوامل التي لا توفر الأجواء الملائمة للإبداع وتحول دون تفطن العديد من الأولياء إلى مواهب أبنائهم. جانب آخر تقف عليه المنشطة لا يقل أهمية عن اكتشاف المواهب، ألا وهو كسر صمت بعض الأطفال وتخليصهم من العقد النفسية، وفي هذا الصدد توضح السيدة دليلة كايوش: ''بعض الأولياء أقروا بالتغيير الملموس الذي طرأ على سلوكيات أطفالهم بعد التحاقهم بالميدياتاك، حيث تخلصوا من الانطواء الذي يعود إلى غياب التواصل في محيطهم الأسري، لأن البرنامج المسطر يقوم على قاعدة فسح المجال لتفريغ المكنونات''. وصادف تواجدنا بالميدياتاك حضور بعض الأولياء من ضمنهم ''أم عبد الرؤوف لبكيري'' التي ترى أن الأبواب المفتوحة على العطلة بميدياتاك حسين عسلة مبادرة حسنة لفائدة الأطفال الذين يمكنهم الاستفادة كثيرا من البرنامج المسطر، مضيفة أن التظاهرة تخدم النساء العاملات بالدرجة الأولى. وتتابع: ''لا أحبذ ترك طفلي عند المربية خلال فترة العطلة، لأن الفراغ يسبب له الملل.. وهذا الفضاء الذي يوفر فرص التفاعل الاجتماعي مفيد كثيرا، فابني على سبيل المثال أصبح محبا للاكتشاف وأكثر اهتماما بفنون الرسم والأشغال اليدوية''. وتؤيدها في ذلك ''أم عبد الرزاق رابعي'' التي ترى أن مبادرة الميدياتاك أسدت خدمة كبيرة لها، حيث أن طفلها كان يسبب لها الكثير من القلق نتيجة التوتر الذي ينتابه في غياب وسائل الترفيه.. بل حتى أنه أحيانا يبكي عندما يتعذر عليها الاستجابة لرغبته في الخروج. وكان لنا حديث أيضا مع بعض الأطفال، والذين عبروا في مجملهم عن فرحتهم للالتحاق بالميدياتاك والتعرف على أقران جدد، خاصة وأن المنشطة تتميز باللطف وحسن المعاملة. يقول ''أسامة'' (10 سنوات): ''أحب كثيرا المنشطة دليلة وطريقتها في التعليم، ويذكر ''إسحاق''(13 سنة) الذي صار يلتحق بالميدياتاك منذ عامين أن هذا الأخير خلصه من ملل المكوث في الشارع الذي ينطوي على خطر التعرض للاعتداء. ''أما خديجة بونار (9 سنوات) التي تقطن في ولاية جيجل فتكشف: ''خالتي التي تعمل بالميدياتاك هي السبب في التحاقي بهذا الفضاء، حيث تعلمت قراءة القصص باللغة الفرنسية وصرت أحصل على علامات جيدة في هذه المادة، كما أني كونت عدة أصدقاء.. الحال هكذا أفضل من المكوث في البيت''.