يندرج كتاب "في قلب المعركة" ضمن الشهادات والمذكرات التي عكف بعض المجاهدين على تسجيلها خلال السنوات الاخيرة، إذ يروي الكتاب أحداثا واقعية لمعارك خاضها "كومندو سي الزبير" و"كتيبة الحمدانية"، وهما وحدتان من أهم وحدات النخبة بجيش التحرير بالولاية الرابعة التاريخية··· يضم الكتاب الذي قدمت نسخته العربية ضمن فعاليات "سيلا 2007"، مجموعة من الوقائع والشهادات التي تمت إعادة كتابتها وتوضيحها، إثرائها وتصحيحها، فهو مخصص لأعمال عسكرية شارك فيها المؤلف في الفترة الممتدة من 1956 الى 1959، ومستوحاة من ساحة المعركة بالولاية الرابعة، وكان يدونها المجاهد ولد الحسين في دفتره الخاص الذي يحمل معلومات ثمينة حول العمليات العسكرية، وحرص على تدوينها بمساعدة رفقاء السلاح، كما نجد صفحات من هذا الدفتر في ملحق الكتاب بعدما تم حفظه بالردم كي لا يقع في يد الاستعمار· ما يلاحظ أن ما كتب عن فرق الكومندو والكتائب قليل جدا ولم يتم التطرق إلا قليلا إليها، إلا أن كتاب المجاهد ولد الحسين قدم صورة واقعية عن الكومندو والكتيبة، فهو إسهام في سد فجوة واسعة من تاريخ جيش التحرير· يتميز الكتاب بالصدق والبساطة بعيدا عن الثرثرة، حيث يروي بسالة المجاهدين الذين كبدوا العدو الكثير من الخسائر بمنطقة المدية (لودي، مخيم أشجار البلوط، الفرنان، وتادينارت)، وبمنطقة البليدة (عناصر القردة، تامزفيدة والكحلة)، منطقة شرشال (حجوط، مارنفو، بني مناصر، مارسو، فوراية، تنس، الداموس، جبال زكار، حمام ريغة···)· يتحدث المؤلف في هذا الكتاب عن رفقائه في السلاح أكثر من حديثه عن نفسه، خاصة هؤلاء الذين سقطوا في المعركة وأسلحتهم في أيديهم، منهم الطيب بن ميرة الذي استشهد ليلة القدر، وقصة إبراهيم براكني اللاعب السابق لكرة القدم لمدينة البليدة، والذي لم يكتف الحقد الفرنسي بأن يقتله بالرصاص وهو في ريعان شبابه، فراح يرش جسده الطاهر بالبنزين ليحرقه، وكذلك سي الزبير (الطيب سليمان) الذي استشهد وهو يواجه بمفرده 15 مروحية "سيكورسكي" بعدما تحمل مسؤولية تهريب وتأمين أزيد من 400 طالب ثانوي إلتحقوا بجيش التحرير· وسيكتشف القراء، خاصة الشباب منهم، عبر فصول الكتاب، تضحيات الشهداء الذين ابتعدوا عن كل تعصب ولم يتمنوا غير الموت في سبيل الله· من جهة أخرى، حرص الكاتب على توصيل فكرة جوهرية، وهي أنه مهما كانت تضحيات الأفراد عظيمة، فإنها لا ترقى الى تضحيات الشعب الجماعية· للتذكير، ولد مؤلف الكتاب محمد الشريف ولد الحسين بحجوط (مارنفو سابقا) في 11 أوت 1933، وهو ضابط سابق بجيش التحرير الوطني وهو أيضا من عائلة تعود جذورها الى منطقة عين الحمام بتيزي وزو، وهي عائلة التحقت بالعمل الثوري ودفعت لأجله الثمن، والتحق المؤلف بجيش التحرير سنة 1956. *