القلم هو الدرع الواقي للمجتمع، حيث يسقط على أوراقه كل ما يعتقد أنه يوحده ويبنيه فيوضحه من خلال رؤاه، كما أنه ذات القلم هو الذي ينافح ويواصل إطلاق الطلقات المدوية الناقدة لعلها تحدث وقعا في الآذان لإصلاح ما يمكن إصلاحه والترشيد له، ولهذا جاءت كلمة ''لا'' لتكون حقا ينبغي المطالبة به، كما تكون تحديا أمام الباطل والظلم والجور، وهذا ما أكده الأستاذ رابح خدوسي في كتابه الجديد ''أحاديث ضد التيار''، وهو كتاب يحمل هموم الوطن والأمة وينتصر لكلمة الحق رغم مرارتها. عنوان الكتاب وحده يعطي دلالة الموقف ''أحاديث ضد التيار'' وقد أوضحها المؤلف في مقدمة كتابه، حيث جاء فيها: ''هذه كتابات عابرة في فضاء الفكر والأدب والمجتمع، نشرتها في مختلف المنابر عندما كانت الكلمة الحرة مقيدة ولها ثمن وضريبة... عندها تتحول الكتابة إلى مغامرة نضالية لا تعرف عواقبها، وهنا تتجلى المفارقة، إذ يعيش الكاتب لحظة انتعاش قصري عجيبة تمتزج فيها اللذة بالألم، ويتشابه الوجع بالمتعة...''. الكتاب هو مجموعة من المقالات والتدخلات للأستاذ رابح خدوسي، كانت تعيش الراهن وتحلله وتؤشر على سلبياته بالأحمر رغم خطورة المرحلة وصعوبة التنفس بعمق، لكن جاءت بكل صدق وواقعية، حيث كانت تميل أينما تعتقد كفة الحق والصدق والوطنية. قدم للكتاب الدكتور إبراهيم صحراوي من جامعة الجزائر، حيث سطر في هذه المقدمة تحليلا لهذه المقالات نقتطف منها قوله: ''ولأن المثقف مطالب بفعل الكثير من أجل مجتمعه، ولأن رابح خدوسي (مثقف عضوي) مندمج تماما في مجتمعه ومتفاعل مع قضاياه ومشاكله، فهو يقدم لنا في هذا الكتاب تحليلات لقضايا، وتشخيصا لمشاكل يشفعها باقتراحات لن يضير أحد تطبيقها واختبارها في أرض الواقع''. ويخلص الدكتور إبراهيم صحراوي في مقدمته للقول: ''الأحاديث الموالية هي كما أرادها صاحبها سباحة ضد التيار، لكن ليست ضد تيار المجتمع، بل ضد تيار العابثين بآمال وأحلام أفراده، عكس التسيير العشوائي، عكس المفاهيم المغلوطة، عكس كل ما من شأنه أن يؤثر في وحدة هذا الشعب وإيمانه بهويته بكل مكوناتها، وبانتمائه بكل أبعاده وبصبره وأمله في غد مشرق''. ومن الموضوعات التي توزعت عبر هذا الكتاب؛ أحلام ثقافية: ماذا.. لو؟!، نحن والحضارة الجابري بين الفكر والسياسة، ثمن الصراع اللغوي في الجزائر، أدباؤنا... بين الأمس واليوم، حرب العراق، امرأة في نقطة الصفر... نوال السعداوي بين الرواية والغواية، بين القيم الأصيلة والعادات المستوردة، المدرسة والاصلاح، الاصلاح التربوي في الجزائر، إلى آخر المقالات، حيث قسمها المؤلف في كتابه إلى فكر وثقافة، اجتماعيات، ومتفرقات.