قالت زهرة قاصد قاسي، مفتشة التعليم المتوسط ومختصة في البيداغوجية، ل «المساء»، على هامش إشرافها على تنشيط محاضرة حول العنف في الملتقى الذي نظم مؤخرا حول» التعليم بدون خوف «، أن ظاهرة الاختطاف «تستوجب منا هي الأخرى كمختصين في التربية، إلى طرحها وبحث أسبابها لمعالجتها، خاصة إذا علمنا أن سنة 2013 أحصت 15 حالة اختطاف شهريا». تعتقد محدثتنا أن ظاهرة الاختطاف انتشرت بشكل ملفت للانتباه بالجزائر في الفترة الممتدة بين سنتي 2011 – 2012، حيث وصفتها بالدخيلة على مجتمعنا الذي لطالما عرف عنه بأنه محافظ على قيمه الإسلامية. وأرجعت الأستاذة قاصد أسباب الاختطاف إلى دوافع مختلفة ومتعددة حيث قالت : « نجد أن من بين أسباب الاختطاف التي أضحت تطال الأطفال، نية الاغتصاب، والسبب في ذلك يعود الى الإفلاس الأخلاقي والفراغ العقائدي، ومن ثمة يوصف المختطف بأنه عبد لنزواته الشيطانية وفي نفسه مرض يقوى به على البراءة لإرضاء نفسه الخبيثة،. الى جانب التطلع للحصول على الفدية، وهذا السبب عموما تفشى بمجتمعنا في العشرية السوداء باعتبار ان الإرهابيين كانوا يختطفون أبناء الأغنياء من كل الأعمار لتمويل صفوفهم». من بين الأسباب التي تعتبرها محدثتنا هامة أيضا وأسهمت في تغذية ظاهرة الاختطاف، الرغبة في تصفية الحسابات الخاصة، هذه الأخيرة التي أصبحت اليوم تحدث حتى داخل الأسر وبين الأصول والفروع، دون ان ننسى الاختطاف بهدف السحر والشعوذة أي قتل الأبرياء واستعمال أعضائهم لممارسة طقوس الدجل. وجاء على لسان محدثتنا أن ظاهرة الاختطاف التي ضربت المجتمع الجزائري في ظرف زمني محدد، أثبتت وجود أيد متعفنة هدفها زعزعة الأمن الاجتماعي وضرب الأمان الأسري، وكان من أهم نتائجها ان لاحظنا، تقول المختصة «أن الأطفال أصبحوا يعيشون في دوامة من الخوف عندما يتعلق الأمر بالانتقال من البيت الى المدرسة، وفي المقابل أجبر الأولياء على انتظار أولادهم أمام المؤسسات التربوية، ما عزز مخاوف الأبناء وأكدها. وعرضت الأستاذة قاصد بعض الإحصائيات التي دقت من خلالها ناقوس الخطر، حيث قالت « توضح تقارير لأجهزة الأمن أن عدد المختطفين سنة 2012 قدر ب 276 ألف طفل مختطف، وعدد الملفات المطروحة سنة 2011 والمتعلقة بالاعتداء والاختطاف ب 609 ملف. كما أكدت التقارير الأمنية أن سنة 2013 شهدت 32 ألف حالة عنف ضد الأطفال و15حالة اختطاف شهريا لأطفال لا يتعدى سنهم 10 سنوات، وكان من نتائج هذه الأفعال تسجيل 500 طفل تعرض أغلبهم للاعتداءات الجنسية أو القتل لأغراض السحر والشعوذة. وتحدثت الأستاذة قاصد عن رد فعل اللجنة الدولية لحقوق الإنسان فقالت : «عبرت اللجنة الدولية لحقوق الطفل عن قلقها من تفاقم العنف ضد الأطفال في الجزائر». وفي المقابل تقول « نجد أن القانون الخاص بحماية الطفل في الجزائر رغم أنه طرح في سنة 2005 على مجلس الحكومة إلا أنه لا يزال حبيس الأدراج». وعن المجهودات التي تبذلها الجزائر لمكافحة هذه الظاهرة، جاء على لسان محدثتنا، أن مجلس الحكومة كان قد اجتمع تحديدا في 17 مارس 2012 لدراسة هذا الموضوع واتخاذ الإجراءات الصارمة لحماية الأطفال، حيث أكد أنه يرتكز على ثلاثة محاور أساسية هي النوعية، الوقاية والمعالجة القضائية الصارمة والسريعة ضد مرتكبي هذه الجرائم، والذي نتمنى أن يتم تفعيله على أرض الواقع. وفي ردها على سؤالنا حول الآليات التي ينبغي أن يتبناها الأولياء لحماية أولادهم قالت : «على الأولياء ان يتعلموا الاعتماد الدائم على لغة الحوار مع الأبناء وعن الظروف المحيطة بهم وعن علاقتهم بكل شخص غريب، وأن ينصحوهم بعدم المشي في الشوارع منفردين او في الأماكن الخالية التي غالبا ما تتسبب في ضياع الأطفال، وان يتجنبوا الثقة في أي شخص غريب، ناهيك عن عدم الانصياع للإغراءات والحرص على مصارحة الأولياء بكل الأحداث الغريبة التي قد تحدث معهم سواء كانت عادية أو غير عادية. وبحكم ان المدرسة تعد شريكا أساسيا في العملية التوعوية، يقع أيضا على عاتقها، حسب الأستاذة قاصد، وجوب تحسيس التلاميذ وتوعيتهم بضرورة الالتحاق بالبيت مباشرة بعد انتهاء الدراسة. وعدم مرافقة أصدقاء السوء تحديدا، إلى جانب العمل على اقتراح توظيف بعض الدقائق للتوعية قبل البدء في الدروس. وتختم كلامها بالقول، أن الجهاز الأمني يبقى أقوى وسيلة لحماية الأطفال ضمن الحيز الجغرافي للمدارس وذلك بدوريات تفقدية عند ساعات خروج الأطفال من المؤسسات التربوية.