كرّمت جمعية ”الألفية الثالثة” أوّل أمس بالمسرح الوطني، الأستاذ الأمين بشيشي؛ عرفانا بما قدّمه للثقافة الجزائرية ولبلاده التي خدمها بتفان قبل وبعد الاستقلال، وتربّت على يديه أجيال من المبدعين وإطارات الدولة، حضر الكثير منهم الاحتفالية لتحية هذا الرجل القدوة، الذي أعطى بحنان الأبوة ولم يبخل بجهد أو نصيحة. نشّطت الحفل الجمعية الأندلسية ”الجزيرة”. وقبلها قدّم الفنان عبد الحميد رابية نبذة عن حياة المكرّم الفنان والمجاهد والوزير والسفير والمدير والمستشار والمعلم، رحلة بدأت من مسقط رأسه بسدراتة. واكتظت قاعة المسرح الوطني بالعائلات وبفنانين من كلّ الأجيال ومن المجاهدين، تتقدّمهم السيدتان آني ستايلر وزبيدة عميرات. زفّ الأستاذ بشيشي على نغمات فرقة الزرنة ”البهجة”، وبزغاريد الفنانة جميلة عراس المرفوقة بالمخرجة أمينة شويخ. وشارك في الحفل رفيق بشيشي في النضال الفنان مصطفى سحنون، الذي عزف لبراعم ابتدائية ”ابن الناس” بالعاصمة، كي يردّدوا بصوت واحد أغنية ”الحديقة الساحرة” التي ألّفها بشيشي في الستينيات، وتقول: ”يا فتى يا فتاة، يا بنون يا بنات أقبلوا أسرعوا”، عادت بالحضور إلى سنوات خلت، ثم داعب سحنون منشط الحفل جلال بكلمات ردّدها مع الصغار تقول: ”يا جلال كلك خفة ودلال، يا أمير الشاشة عشت وأكلت الرشتة”. وقدّمت جمعية ”الجزيرة” بقيادة الأستاذ مازوني، برنامجا متنوّعا، منه أداء للمغنية لمياء مختاري (من الجمعية)، قدمت فيه مصدر ديب ”يا طيب عيشي”، كما شارك في الحفل صاحب الصوت الجهوري الفنان محمد لعراف، الذي أبدع في النوع الصحراوي الأصيل، ليتجاوب معه الجمهور بالتصفيق والرقص، وعلى رأسهم السيدة جميلة عراس. بعدها تقدّم الفنان المتألق حميدو ليؤدي كوكتال من النوع العاصمي الأصيل، منه مثلا ”مازال حي مازال”، تجاوبت معه العائلات، وراحت تردّد بعض المقاطع منه، فيما غنى الفنان الحسناوي ذو الإحساس الشجي روائع الفن القبائلي، ليزيد الحفل أصالة ورقيا؛ فرغم اكتظاظ القاعة بالجمهور إلاّ أنّ الهدوء والنظام والاحترام كان هو السائد، وتوالت الأسماء الثقيلة على الخشبة، منها مثلا محمد العماري، حميد بلبش ونادية بن يوسف. بدأت مراسم التكريم بموسيقى مسلسل ”الحريق” للراحل مصطفى بديع، ليوشّح بشيشي بقلادة قدّمها له سيد علي بن سالم رئيس جمعية ”الألفية الثالثة”، إضافة إلى برنوس ألبسه إياه السيد سامي بن شيخ الحسين المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وكذا درع الديوان الذي يقدَّم لأوّل مرة. وتوالى الفنانون الذين قدّموا الهدايا الرمزية، منها آلة العود التي يعشقها بشيشي، وقد كان منهم عمر طيان، مصطفى برور، السيدة وهيبة زكال، أمينة بلوزداد وغيرهم كثير. في كلمته شكر بشيشي الحضور، وطالب بإنارة القاعة حتى يحيّي العائلات الجزائرية، كما شكر المنظّمين من جمعية الألفية والديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة والمسرح الوطني. وتذكّر بالمناسبة من رحلوا من أبناء جيله، آخرهم السيدة نورة. كما تذكّر ميسموم أبا الأغنية الجزائرية العصرية، وعبابسية البادي أوّل فنان شهيد 1956، قُتل بشارع طنجة بالعاصمة، وأكّد أنّ هذه اللقاءات مهمة ليرى الجزائريون بعضهم ويسلّموا على بعضهم.