أثار مشروع قانون تقدم به أحد أعضاء مجلس النواب المصري لحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، تساؤلات حتى من زملاء له في البرلمان حول جدوى القانون والغرض من تقديمه في هذا التوقيت.وجاء اقتراح النائب بعد أيام من هجوم نفذه مجهولون على حافلة تقل مواطنين أقباطا كانوا في طريقهم إلى أحد الأديرة فقتلوا بعضهم، علما بأن قوات الأمن بعد ذلك بيومين قتلت 19 شخصا حمّلتهم المسؤولية عن هذا الهجوم الذي لم تكشف تفاصيله بعد. وسخر إعلاميون ومتابعون للشأن المصري من تأكيد النائب إسماعيل نصر الدين أن مشروعه يعتبر خطوة لبناء دولة حديثة، ويعطي مصداقية لمصر ويجمّل شكلها أمام العالم، ويجذب الاستثمارات الأجنبية.والمثير أن هذا النائب تحديدا هو صاحب الدعوات المتكررة لتعديل الدستور، خاصة المواد التي تقيد فترات الرئاسة، بهدف إتاحة الفرصة أمام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي للبقاء في السلطة.وقد ذكّر مشروع القانون المصريين بقائمة طويلة من الأفكار والمشاريع التي أعلن عنها نواب برلمانيون وأثارت جدلا واسعا داخل المجتمع المصري، بل وداخل البرلمان نفسه. قوانين عجمي وتعد النائبة غادة عجمي أشهر النواب وأكثرهم إعلانا عن مشروعات قوانين انتهت على صفحات الصحف والقنوات الفضائية، ولم تعرف طريقها إلى مجلس النواب، أو قرر الأخير عدم مناقشتها لبعدها عن الواقع وصعوبة تطبيقها. فقد انتابت حالة من الغضب الشديد المصريين العاملين في الخارج عقب اقتراح لعجمي يشترط أن يحول هؤلاء العاملون على الأقل 200 دولار شهريا إلى أسرهم في مصر كي يسمح لهم بدخول البلاد. والعجيب هنا أن هذه النائبة بالذات دخلت البرلمان ضمن الفئة الممثلة للعاملين في الخارج.وهي أيضا صاحبة مشروع القانون المثير للجدل الخاص بتنظيم النسل، وحرمان الطفل الثالث من الدعم الحكومي ومجانية التعليم، وكذلك هي صاحبة مشروع قانون أثار -وما يزال- ردود فعل واسعة وجدلا كبيرا، وتطالب فيه بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة.المثير في الأمر أنها صرحت بأنها "لم تنسق مع الأزهر أو الحكومة قبل تقديم مشروع القانون لأنه لا يتعلق بمسائل دينية قدر تعلقه بقضايا الأمن القومي"، رغم أن القانون المصري يلزم مجلس النواب بالرجوع إلى الأزهر عند مناقشة القضايا التي تمس العقيدة أو الشريعة الإسلامية لأخذ الرأي الفقهي فيها. مشاريع غريبة وجاءت بعض الاقتراحات ومشروعات القوانين المثيرة للجدل كرد فعل سريع على حوادث تفاعل معها المواطنون، واحتلت مساحات كبيرة من النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي. وأبرز هذه الاقتراحات كان من النائبة زينب سالم التي دعت إلى إصدار قانون لإخصاء المتحرش. وأرجعت فكرتها إلى تعرض فتاة في محافظة الشرقية للتحرش في الشارع في وضح النهار دون أن يجرؤ أحد على التدخل. وتسبب القبض على سبعة شباب رفعوا أعلام الشواذ جنسيا في حفل فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية بالتجمع الخامس (إحدى أرقى مناطق القاهرة)، في تقدم النائبة منى منير بمشروع قانون لمواجهة الشذوذ الجنسي، واصفة إياه بالظاهرة المتفشية، الأمر الذي دفع بعض النواب لمطالبتها بالاستقالة.وأطلق بعض النواب العنان لاقتراحات أو مشروعات قوانين غريبة أثارت دهشة المصريين وجعلتها مادة للسخرية والتندر، مثل اقتراح النائب إلهامي عجينة بمنع تبادل القبلات بين أعضاء مجلس النواب لتسببها في نقل الأمراض.وقد أقام النائب الدنيا ولم يقعدها بتصريحات مثيرة، مثل مطالبته بإجراء كشف العذرية على طالبات الجامعات المصرية، وتصريحه الأشهر بتأييد ختان الإناث من منطلق أن الرجال المصريين ضعفاء جنسيا على حد قوله. وعندما اقترح أحد الدعاة منع ارتداء "البناطيل الممزقة" في الجامعات والمدارس، سارع إلى تأييده النائب عبد الكريم زكريا عضو اللجنة الدينية في البرلمان، وطالب بإلزام المدارس والجامعات لطلابها بزي موحد.مشروع قانون آخر طالب بتوثيق الخطوبة، وهو ما اعترض عليه رجال الدين والنواب على حد سواء. كما اقترحت النائبة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة تجريم الزواج العرفي.من جهته تقدم برلماني عن دائرة الأقصر بمقترح قانون جديد يعاقب كل من "يتبول" في الشارع، باعتباره فعلًا فاضحًا يخدش ويخل بالحياء أمام المارة. كما تقدمت النائبة شادية خضير باقتراح لتعديل قانون العقوبات، وإضافة مادة توجب توقيع عقوبة رادعة على عقوق الوالدين. «شو" إعلامي سألنا أحد أعضاء مجلس النواب عن سبب كثرة مشروعات القوانين الجدلية والغريبة، فأجاب أنه لا يمكن وضع كل تلك الاقتراحات في خانة واحدة، فبعضها من أجل "الشو" الإعلامي، وهذه تأتي على لسان النائب في مقابلة تلفزيونية أو تصريح صحفي دون أن تقدم رسميا للبرلمان، مثل اقتراحات منع التقبيل وإخصاء المتحرش والتبول في الشارع. وأضاف النائب -الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية- أن هناك مشروعات قوانين بعينها جاءت بعد تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي، فمشروع قانون إعادة تنظيم الأزهر الشريف والهيئات التابعة له، الذي قدمه النائب محمد أبو حامد، جاء بعد الجملة الشهيرة التي وجهها السيسي لشيخ الأزهر "أتعبتني يا فضيلة الإمام"، عقب إقرار الأخير بوقوع الطلاق الشفوي خلافا لرغبة السيسي، والحملة القاسية التي تعرض لها في الإعلام. وتابع أن "مشروع تحديد النسل جاء أيضا بعد أيام من خطاب للسيسي قال فيه إننا ندرس تحفيز تنظيم الأسرة وعقاب غير الملتزمين". ورأى أن كل الاقتراحات الخاصة بتحصيل رسوم دخول أو فرض ضرائب مثل ضريبة دخول على الفيسبوك، أو تحويل المصريين لمئتي دولار شهريا، وضريبة حفلات الزفاف؛ تأتي في إطار فهم النواب المختلف لتصريحات السيسي واقتراحاته الكثيرة لجلب الأموال، وأشهرها تلك التي عرض فيها نفسه للبيه قائلا "لو ينفع أتباعْ أتباعْ".حتى أن أحدهم أوصله فهمه لاقتراحات الرئيس إلى اقتراح إعفاء أبناء القادرين من الخدمة العسكرية، وهو ما لاقى هجوما شديدا وصل حد تقريعه هاتفيا ووجها لوجه من زملائه النواب ذوي الخلفيات العسكرية، على حد قول النائب.