اهتزّت ليلة اليوم مدينة علي منجلي على وقع شجار عنيف بين عصابة استعملت فيه مختلف الأسلحة البيضاء ذات الاحجام الكبيرة ساموراي وانتهى الشجار بقطع يد شخص ثلاثيني وإصابة آخر بجروح خطيرة على مستوى الصدر والكتف. وقد تدخلت قوات الشرطة بعد نداء رفعه احد المواطنين ليتم فتح تحقيق لتحديد ملابسات الحادثة.من جهته تم نقل المصابين على جناح السرعة الى مستشفى علي منجلي، فيما لا يزال الفاعل في حالة فرار . وقد أصبحت لا تخلو صفحات الجرائد ونشرات القنوات من أخبار القتل والعنف في أحياء المدن، وسيطرت مشاهد حمل السكاكين والخناجر والسيوف والآلات الحادة والسواطير على المشهد العام في بعض الجهات، وبات السير أو التسوق مساء أمراً يهدد حياة المواطنين، وازداد الوضع سوءاً منذ فرض الحجر الصحي لمواجهة فيروس كورونا. أما عن أهم الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذه المعارك، فيذكر منها ثقافة النصرة التي يتعامل بها الشباب من الطرفين، فيكفي أن يتحرش شاب من هذا الطرف، بفتاة من الطرف الآخر، حتى تندلع معركة لا تنتهي إلا بتطويق رجال الشرطة الحيّ. وعادة ما يرفض الشباب الأصليون، استحواذ الشباب الجدد على موقف سيارات، أو بقعة للتجارة، فيفرضون سيطرتهم عن طريق السلاح الأبيض. فنرى أحيانا شباب يرتدون "الكمامات" وتحت تأثير المهلوسات والمخدرات، مدججون بالأسلحة البيضاء، يتنقلون في الأحياء بحثاً عن "فريسة" ذنبها أنها تحمل هاتفاً نقالاً أو بعض المال أو جواهر للزينة. ويفرض مثل هؤلاء واقعاً مريراً أرعب الجزائريين، وزاد خطورة الوضع الاشتباكات المتكررة بين الأحياء من أجل استعراض العضلات والقوة وإظهار أحقية طرف على آخر في قيادة المنطقة، أو بسبب اعتداء شاب على آخر من حي قريب، وغيرها من الأمور الصغيرة التي تشعل حروباً بين الشباب، تجد قوات الأمن صعوبات في إنهائها لاعتبارات عدة، أهمها امتلاك أولئك الشباب "قارورات مولوتوف" أو "شماريخ خطيرة تستعمل للنجدة في البحار"، وقد تنتهي تلك الاشتباكات بسقوط قتلى وجرحى. وقد شنت المصالح الأمنية خاصة بالمدن الكبرى حربا على هذه العصابات، لمكافحة تفشي ظاهرة النشاط الإجرامي لعصابات الأحياء التي تنامت خلال السنوات الماضية. تعاني معظم المدن الجزائرية الكبيرة، على غرار قسنطينة والجزائر العاصمة، من ضيق مساحاتها العقارية، بما لا يسمح بإنجاز أحياء سكنية جديدة فيها. هذا الوضع دفع الحكومة إلى بناء أحياء في مدن أخرى، ونقل سكان تلك المدن المستفيدين من مشروع السكن الاجتماعي إليها. لكنّ ذلك أسس للمشاكل الحاصلة بين السكان الأصليين والوافدين. وحادثة قسنطينة ليست الوحيدة، فقد شهدت ولاية وهران كغيرها من المدن الكبرى عدة حوادث مماثلة، حيث قامت مصالح أمن الولاية، مؤخرا، بتوجيه ضربة كبيرة لعصابات الإجرام والأحياء من خلال تفكيك أكبر وأخطر عصابة اتخذت من أحياء شرق المدينة، مناطق لنشر الرعب والاعتداءات باستعمال الأسلحة البيضاء والكلاب الشرسة المدرّبة، كما دخلت في عدة مشاجرات مع عصابات أحياء أخرى بالمنطقة، حيث تدخلت مصالح الأمن وألقت القبض على 16 شخصا، وحجزت ترسانة من الأسلحة البيضاء المستخدمة في الشجار. يُرجع المختصون أسباب هذه الظاهرة الى البطالة المرتفعة والعجز عن تكوين أسرة، والتفكك الأسري وغياب المشاركة المجتمعية، إذ لا مرافق رياضية أو ترفيهية أو تعليمية تسهم في إدماج شباب الأحياء في خدمة المصلحة العامة، كي لا يبقوا ضحية تجنيد العصابات الإجرامية. وكان قد أعلن وزير العدل عن عقوبات ضد أفراد العصابات تصل إلى السجن المؤبد، ومعاقبة كل من ينشئ أو ينظم عصابة أو ينخرط أو يشارك فيها بأي شكل كان مع علمه بغرضها، مؤكدا أن الدولة ستتولى استراتيجية تضع حداً للظاهرة، مشيراً إلى أن مشروع قانون مكافحة عصابات الأحياء يحوي 40 مادة.