رفع التجار غير الشرعيين نداء استغاثة إلى السلطات المحلية، يطالبون من خلاله بالعمل على إيجاد حلول نهائية تسوي وضعيتهم غير القانونية، إما بإعادة تنظيم وتقنين نشاطهم التجاري الموازي، أو بتمكينهم من الحصول على محلات تجارية نظامية، تضفي الشرعية على عملهم، وتجعله مصدرا لتحصيل مداخيل مالية تعزّز خزينة البلدية. أعرب العديد من التجار الذين تحدّثوا مع "المساء"، عن أسفهم الشديد من غياب البديل، مطالبين، في نفس الوقت، بأخذ القائمين على هذا الملف بعين الاعتبار؛ من خلال إيجاد حلّ نهائي لتسوية وضعيتهم غير القانونية، والحسم الفوري في هذا الموضوع الذي طال أمده كثيرا. الأسواق المنظّمة بديل أنسب اقترح محدّثونا حلولا نهائية تضمن استعادة نشاطهم التجاري بشكل مقنّن بعيدا عن الفوضى والتجارة الموازية، التي لا تستفيد من عائداتها المالية خزينة البلدية أو مصالح الضرائب، مع العلم أنّ أموالا كبيرة لا يستفاد منها ضمن هذه السوق في إطار الجباية المحلية، معربين عن تخوّفهم من إزالة الأسواق غير الشرعية، وحجز السلع والبضائع التي يرونها لقمة العيش، مؤكدين أنّ مطلبهم هذا طالما رفعوه إلى الجهات المختصة على المستوى المحلي لكن دون جدوى؛ حيث لاتزال الأمور على حالها. ودعا التجّار مصالح البلدية والدوائر والهيئات المكلّفة بتسيير النشاط التجاري في المنطقة، إلى تعجيل الفصل في هذا الانشغال الذي أرّقهم كثيرا، مذكّرين بأن ردود مصالح السلطات المحلية حول هذا الموضوع، تبقى مجرّد كلام فقط دون التكفّل بهذا المشكل؛ حيث يزداد، حسبهم، الوضع تعقيدا عاما بعد آخر. وتشهد الأسواق الشعبية بالعاصمة، هذه الأيام، حركة مكثفة لاقتناء المستلزمات والمشتريات، فرغم أنّ أغلب العائلات سبق لها أن اقتنت ما تحتاج إليه، إلاّ أنّ زيارة السوق بالنسبة للبعض، تُعدّ "سُنّة" لا بدّ منها، وهو ما لاحظته "المساء" خلال زيارتها لبعض الأسواق الشعبية بالعاصمة. "بومعطي" يختفي ويعود كلّ مرة زيارة "المساء" سوق بومعطي جعلتنا نلاحظ عودة التجارة الموازية بقوّة بعد إزالته في العديد من المرات؛ حيث عادت هذه التجارة لتتنامى بصور شوّهت الأحياء والشوارع، في حين وجد المستهلك البسيط نفسه بين مطرقة الأسعار الملتهبة التي يفرضها باعة الأسواق الجوارية، وسندان السلع الرخيصة التي يروّج لها بعض الباعة غير الشرعيين. وأكّد بعض التجار ل"المساء" أنّ إقدامهم على هذا النشاط غير المرخّص لبيع الخضر والفواكه والمواد الاستهلاكية الأكثر إقبالا، ما هو إلاّ خيار جيّد لهم أمام غياب البديل، مشيرين في معرض حديثهم، إلى أنّ المصالح المحلية لم توفّر أسواقا بديلة تنشط على مدار السنة، فيما صادفت "المساء" وجود باعة ينشطون في هذه الأسواق الموازية رغم أنّهم يملكون محلات في الأسواق المنظّمة. وأكّد أحد التجار أنّه لا يملك محلا، وهو متفرّغ لإحدى الطاولات التي يضعها كلّ صباح على حافة الطريق، مضيفا أنّ نشاطه يدرّ عليه مبالغ مالية لا بأس بها، تغنيه عن التوجّه إلى أمور أخرى لإطعام أبنائه. "ساحة الشهداء" قِبلة القريب والبعيد بقلب العاصمة وبالتحديد "ساحة الشهداء"، يمتلأ المكان بالتجار غير النظاميين، متسبّبين في عرقلة حركة السير، في حين حاولت "المساء" الاحتكاك ببعض هؤلاء الباعة للاستفسار عن سبب الزحمة "غير المبرّرة" في مثل هذه الأسواق، فأكّد أحد التجار أنّ التفسير الوحيد للزحمة في السوق، هو "اللهفة"، مؤكّدا أنّ زحمة السوق لا تزول طيلة السنة، وتزداد خلال المناسبات الدينية. ويعرف سوق "ساحة الشهداء" إقبالا كبيرا من قبل المواطنين، لا سيما النساء، على اقتناء المواد الاستهلاكية؛ على غرار البهارات والتوابل والمواد الغذائية رغم أنّها معروضة بطريقة "غير صحية"، ولا تتوفّر على شروط النظافة خاصة المنتوجات سريعة التلف؛ كالزبدة والأجبان؛ حيث أصبح المستهلك يبحث عن أقل الأسعار على حساب صحته. وما يلفت الانتباه كذلك التوافد الكبير خاصة من قبل النساء، على طاولات بيع الأواني المنزلية؛ إذ تُعدّ عادة مألوفة عند الأسر الجزائرية، في المناسبات أو غير ذلك؛ حيث تغتنم ربات البيوت الفرصة لتجديد ديكور مطابخهن. الأسواق الموازية .. مصدر إزعاج ببلدية باش جراح يعاني سكان الأحياء التي تتواجد بها الأسواق الفوضوية، من الإزعاج والفوضى؛ لأنّهم يضطرون للتعايش مع هذا الوضع. وأوضح البعض أنّ الباعة الفوضويين تمادوا في مخالفاتهم، مستغلين غياب الرقابة من قبل السلطات المحلية، الأمر الذي أدى إلى تحوّل المنطقة إلى سوق كبيرة لبيع الملابس ومختلف السلع، لا سيما المواد الاستهلاكية سريعة التلف، كما هي الحال بالنسبة للمواد الغذائية كالأجبان والحلويات والخضر والفواكه؛ فمثل هذا النوع من السلع يبقى عرضة لأشعة الشمس مدّة طويلة، ناهيك عن الغبار المتطاير حولها؛ ما يتسبّب في العديد من الأمراض، التي من شأنها أن تخلّف أضرارا كبيرة على الصحة العمومية. وبالمقابل، تحدّث التجار غير الشرعيين عن غياب البديل؛ إذ لم يجدوا أيّ وسيلة قصد الحصول على ما يعيلون به أنفسهم وعائلاتهم سوى هذه الطريقة في ظلّ غياب الأسواق النظامية. فالبطالة وظروف المعيشة دفعتهم إلى المخاطرة بأموالهم لشراء سلع من خضر وفواكه ومواد غذائية، وعرضها في نقاط بيع عشوائية. كما أضافوا أنّ المصالح المحلية لم توفّر أيّ أسواق جوارية خاصة، ولا أسواق تنشط على مدار السنة، مناشدين الجهات المعنية للنظر في وضعيتهم المزرية، وإيجاد حلول لهم بدل منعهم من مزاولة نشاطهم وإحالتهم على البطالة، وهو ما سيزيد الأمر تعقيدا، حسبهم.