ضمن حركة متنامية لتنويع الاقتصاد الوطني في عمق الصحراء الجزائرية الشاسعة، وفي قلب ولاية تندوف، يبرز منجم الحديد غارا جبيلات أخيرا كأحد أهم محركات التحول الاقتصادي في الجزائر. فقد ظل هذا الموقع الضخم، الذي يحتوي على أكثر من 5ر3 مليار طن من خام الحديد، بمثابة كنز أسطوري مدفون تحت الرمال لعقود من الزمن، وهو يدخل اليوم مرحلة جديدة تتميز بإنهاء التبعية شبه الكاملة للبلاد تجاه المحروقات. فبفضل حجمه وتأثيره الواسع، يجسد مشروع استغلال منجم غارا جبيلات الطموح الوطني لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز السيادة الاقتصادية، وبناء صناعة حديدية متكاملة وتنافسية قادرة على تلبية الحاجيات الداخلية ومواجهة متطلبات الأسواق الخارجية في نفس الوقت. فوراء خام حديد هذا المنجم، تتبلور آفاق صناعية جديدة، إذ من المرتقب إنشاء وحدات تحويل محلية لمعالجة الحديد المستخرج في عين المكان، مما سيقلص من واردات المواد الأولية ويحفز الإنتاج الوطني من الفولاذ, لا سيما وأن الرهان كبير على هذه المادة الاستراتيجية لتطوير الصناعة والبنى التحتية. وتندرج هذه الديناميكية ضمن حركة متنامية لتنويع الاقتصاد الوطني، كما يشهد على ذلك التطور المتسارع للزراعة الصحراوية، خصوصا في ولايات الجنوب، حيث تعرف الزراعات الاستراتيجية توسعا بفضل الاستثمارات العمومية والخاصة. وفي هذا السياق، يتحول المنجم إلى مصدر حقيقي لفرص العمل، حيث سيوفر آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة في الجنوب الكبير. أما بالنسبة لسكان تندوف، فإن المشروع يعد بالتنمية الملموسة، وخلق الثروة، وفرص مستقبلية واعدة. كما أن إنشاء خط السكة الحديدية الرابط بين تندوف وبشار، الذي يعتبر ضروريا لنقل الحديد الخام نحو المراكز الصناعية والموانئ، يعد مكسبا مهما لفك العزلة عن الجنوب الغربي وربطه بباقي أنحاء البلاد.