شُح الموارد وارتفاع الإنفاق يُؤخران إعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة تدخل حكومة بدوي سباقها ضد الزمن لإعداد ميزانية 2020، تحت ضغط الحسابات السياسية التي تفرضها الظروف التي تعيشها البلاد منذ انطلاق الحراك الشعبي، لتجد الأخيرة نفسها بين مطرقة “شح الموارد المالية” وسندان “شراء السلم الاجتماعي”، حتى لا تثير غضب الشارع عليها. وفي هذا السياق، يكشف عبد الرحمان مبتول الخبير الاقتصادي أن “الحكومة ملزمة بجمع 65 مليار دولار على الأقل لميزانية 2020، وضخها في الخزينة العمومية قبل نهاية السنة الحالية، وهي مهمة صعبة في الوقت الراهن، لسببين وهما تراجع احتياطي الصرف إلى مستويات “حمراء” بعدما بلغ نهاية أفريل المنصرم 72 مليار دولار، واستقرار عائدات النفط عند مستويات 37 مليار دولار عند نهاية السنة الحالية”. وأضاف المتحدث ذاته أن “الحكومة خسرت ورقة تمويلية هامة هذه السنة، وهي التمويل غير التقليدي، الذي سمح السنة الماضية بطبع 60 مليار دولار وإقراضها للخزينة العمومية، يضاف إلى كل هذه العقبات مشكلة أخرى تتعلق بسد العجز في الخزينة المُقدر ب 30 مليار دولار. وفوق ذلك يأتي ضمان الواردات، أي أن الحكومة لا تستطيع توجيه كل الأموال الموجودة في الميزانية العامة وتترك تمويل الواردات عالقا، خاصة وأن الجزائر لا تنتج الكثير من السلع والخدمات”. ومن جهته، يرى فرحات علي الخبير الاقتصادي أن “الحكومة ملزمة بشراء السلم الاجتماعي في مشروع قانون المالية لسنة 2020 وذلك بإبقاء ميزانية الدعم مرتفعة مقارنة بسنتي 2019 و2018، وتأجيل قرار مراجعة سياسة الدعم، بعدما كان من المقرر وقف العمل به السنة المقبلة”، مضيفا أن “الدعم ارتفع في السنوات الأخيرة من حكم بوتفليقة من 12 مليار دولار إلى 16 مليارا، وذلك بعد تبني الحكومات السابقة سياسة شراء السلم الاجتماعي، وبالتالي حكومة بدوي ورثت تركة ثقيلة عليها، وتواجه تحديات في هذا الصدد”. شح الموارد هاجس حكومة بدوي وتشير المعطيات الراهنة، عن تأخر حكومة بدوي في إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020، ما يؤكد أن إعداد الميزانية للسنة المقبلة لا تزال في مرحلة الدراسة. وقد أمر الوزير الأول نور الدين بدوي خلال مجلس الحكومة الأخير بإعداد تصور لقانون المالية لسنة 2020 دون اللجوء للتمويل غير التقليدي. ففي بيان للوزارة الأولى أمر بدوي بتبني مقاربة جديدة عند عرض مسودة مشروع قانون المالية لسنة 2020، بحيث تأخذ المقاربة في الحسبان الوضعية الصعبة للمالية العمومية، خاصة مع تجميد اللجوء إلى التمويل غير التقليدي. وفي هذا الاتجاه، عبد الرحمان بن خالفة الخبير المالي وزير المالية السابق أن “إعداد ميزانية 2020 في العادة ينتهي في منتصف أوت، من طرف خبراء وزارة المالية بعدما يتم جمع المعلومات والاقتراحات من مختلف الوزارات، لتكون المسودة جاهزة في نهاية الشهر الثامن من السنة، على أن ترسل المسودة إلى مكتب رئيس الحكومة مطلع سبتمبر”. ويضيف الوزير السابق أن “المعلومات القادمة من داخل الحكومة تفيد أن إعداد مشروع قانون المالية 2020 يشهد تأخرا كبيراً، فوزارة المالية تجد صعوبة في جمع الأموال اللازمة لتغطية النفقات، وذلك وسط توقعات بأن يرتفع الإنفاق العام بحدود 8 في المائة السنة المقبلة لتحريك المشاريع الكبرى المعطلة”. وكلفت فاتورة الدعم الخزينة أكثر من 150 مليار دولار منذ 2010، وشهدت الفاتورة ارتفاعا كبيرا منذ سنة 2013، حيث ارتفعت من 13 مليار دولار إلى 20 مليار دولار سنة 2014 بعد مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ثم استقرت عند 17 مليار دولار في 2015، و18 مليار دولار سنة 2016، و16 مليار دولار سنة 2017، قبل أن ترتفع مجددا عند 17 مليار دولار في 2018، و16 مليار دولار في السنة الحالية. وكانت احتياطات الصرف قد تراجعت إلى 72.6 مليار دولار مع نهاية أفريل 2019، مقابل 79.88 مليار دولار في نهاية سنة 2018، أي بانخفاض قدره 7.28 مليارات دولار في أربعة أشهر، حسب أرقام وزارة المالية.