مجلس الأمة: جلسة علنية غدا الخميس لطرح الأسئلة الشفوية    الجيش الوطني الشعبي: تخرج 9 دفعات جديدة من الضباط وضباط الصف بالمدرسة العليا للمشاة بشرشال    الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي يعقد جمعيته العامة العادية بوهران    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية غويانا التعاونية    زيتوني يدعو إلى شراكة استراتيجية متكاملة    إسبانيا: الدعوة إلى تكثيف الجهود لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين    رئيس مجلس الأمة يترأس اجتماعا تنسيقيا مع الوفد المشارك في اجتماعات اللجان للبرلمان العربي    الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية    كأس إفريقيا للأمم سيدات 2024: برمجة مقابلتين وديتين أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية والسنغال    الحماية المدنية تتجنّد لإخماد الحرائق    أمن البليدة يضع برنامجا توعويا لفائدة السائقين    الرئيس الإيراني يؤكد أن بلاده تسعى إلى تعزيز الوحدة والسلام في المنطقة    نسبة الإنفاق الإجتماعي تتجاوز 20 % من الناتج المحلي الخام    استشهاد 16802 طالب بقطاع غزة    لا سقف لطموح الشراكة الاستراتيجية    بن طالب يستقبل وزير الشؤون الاجتماعية التونسي    عقد الجمعية العامة واستقالة ميال اليوم    موسم آخر للنسيان.. فمتى تُستخلص الدروس؟    حسام عوار يحلم بالتتويج بكأس إفريقيا مع "الخضر"    موتسيبي يعزّي الجزائر    رئيس "الكاف" موتسيبي يعزّي الجزائر    عسلاوي تستقبل رئيس المحكمة الدستورية البرتغالية    الحاضنات الجامعية قاطرة حقيقية للنهوض بالابتكار    المهر بين التيسير والمغالاة    واجهة بحرية بحلّة جديدة ومشاريع بيئية وسياحية واعدة    عين فرانين... منطقة جذب سياحي وسط الطبيعة    مشاركة 11 فرقة من 10 دول    اختتام البرنامج الافتتاحي لتظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025    تنظيم الطبعة ال25 للمهرجان الاوروبي للموسيقى من 26 يونيو الى الفاتح يوليو بالجزائر    تسهيلات في استخراج صحيفة السوابق القضائية    وفد برلماني يشارك في قمة برلمانات المتوسط بإسبانيا    فتح التسجيلات لاقتناء شقق الترقوي الحرّ بالعاصمة    الأيام العلمية والتقنية لسوناطراك منصة استراتيجية في قطاع الطاقة العربي    أم البواقي: حيداوي يعطي إشارة انطلاق البرنامج الوطني للمخيمات الصيفية للولايات الداخلية لسنة 2025    تخرج دفعات جديدة بالمدرسة العليا العسكرية للإعلام والاتصال    معرض الجزائر الدولي: منصة لتعزيز الشراكات وجذب الاستثمارات    تذاكى ترامب فانفضح نتنياهو!    السياحة الداخلية محرّك حقيقيا للتنمية    تخرّج دفعة جديدة من الأئمة الوعّاظ    تنصيب لجنة التحقيق في فاجعة ملعب 5 جويلية    آن الأوان أنْ يكف الاحتلال المغربي على نهب ثروات الصحراويين    كأس إفريقيا سيدات 2024 : المنتخب الجزائري يشرع في المرحلة الثانية من التحضيرات بسيدي موسى    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع المدير العام ل"الألكسو" آفاق التعاون الثقافي المشترك    لا بديل عن الحل السلمي للملف النّووي الإيراني    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    اختتام تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025.. الاحتفاء بالثقافة الحسانية وتعزيز حضورها كأحد روافد الهوية الثقافية المشتركة    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات الأمريكية الفلسطينية غير دبلوماسية
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 05 - 2014


بقلم: نقولا ناصر
امتناع الولايات المتحدة عن إقامة علاقات دبلوماسية مع الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء مع دولة فلسطين التي لا تعترف بها أم مع السلطة الفلسطينية التي تعترف بها، يفقدها صدقيتها في تأييد إقامة دولة فلسطينية..
عشية الخامس عشر من ماي، يوم الذكرى السادسة والستين للنكبة الفلسطينية، جمع لقاء بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة البريطانية لندن يوم الأربعاء الماضي على هامش اجتماع من يسمون أنفسهم (أصدقاء سوريا).
وكان لافتا أن تقول المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جن بساكي إن (الغرض من اللقاء هو بحث علاقتنا المستمرة مع الفلسطينيين).
والعلاقات الفلسطينية مع الولايات المتحدة، بالرغم من الأزمات التي مرت بها، لم تنقطع، سرا وعلنا، قبل وبعد انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في (الشرق الأوسط) عام 1991، لكن واشنطن لا تزال تشذ عن معظم دول العالم في عدم إقامة علاقات دبلوماسية مع فلسطين.
إن إشارة بساكي إلى علاقة بلادها المستمرة (مع الفلسطينيين)، وليس مع دولة فلسطين، أو مع السلطة الفلسطينية، أو مع منظمة التحرير الفلسطينية، تشير إلى أن الولايات المتحدة ما زالت تتعامل مع الشعب الفلسطيني كوجود ضبابي هلامي لا شكل له ولا عنوان، ربما حتى لا تضطر إلى تبادل العلاقات الدبلوماسية معه، بالرغم من الزيارات التي قام بها آخر ثلاثة رؤساء أمريكيين للقيادة الفلسطينية تحت الاحتلال، وبالرغم من استقبال الرئيس الفلسطيني الحالي عباس في البيت الأبيض ست مرات منذ عام 2009 في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما.
وبالرغم من وجود تسعة وثلاثين بعثة دبلوماسية أجنبية معتمدة لدى السلطة الفلسطينية، منها بعثات لحلفاء الولايات المتحدة الغربيين في الاتحاد الأوروبي وكندا، وبالرغم من اعتراف مائة وأربعة وثلاثين دولة بفلسطين (دولة مراقبة غير عضو) في الأمم المتحدة في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي واعتراف المزيد غيرها بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لا تزال الولايات المتحدة تدير علاقاتها (المستمرة مع الفلسطينيين) من قنصليتها في القدس المحتلة المسؤولة مباشرة أمام (مكتب الأراضي الفلسطينية) بوزارة الخارجية في العاصمة واشنطن.
واعتبارا من العشرين من جويلية عام 2010 رفعت الولايات المتحدة مستوى تمثيل بعثة منظمة التحرير في عاصمتها إلى (مفوضية عامة لمنظمة التحرير الفلسطينية) في خطوة وصفها في حينه المتحدث باسم خارجيتها آنذاك فيليب كراولي بأنها (رمزية) تسمح برفع العلم الفلسطيني على سطح المفوضية لكنها لا تمنح طاقمها حصانة دبلوماسية.
إن امتناع الولايات المتحدة عن إقامة علاقات دبلوماسية مع الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء مع دولة فلسطين التي لا تعترف بها أم مع السلطة الفلسطينية التي تعترف بها، لا يشير إلى حسن نية، ويفقد تأييدها اللفظي لإقامة دولة فلسطينية في إطار (حل الدولتين) الذي تدعو إليه أي صدقية.
فتبادل التمثيل البدلوماسي مع الشعب الفلسطيني يمثل حدا أدنى لصدقية الولايات المتحدة في تأييد إقامة دولة فلسطينية، بينما يستمر استنكافها عن ذلك مؤشرا إلى وجود قرار أمريكي مدروس ومقصود بالاستمرار في التعامل مع وجود الشعب الفلسطيني كوجود ضبابي هلامي لا يستحق تبادلا دبلوماسيا كاملا.
ومثل هذه المقاربة الأمريكية للشعب الفلسطيني تكمن في صلب الفشل الأمريكي المتواصل منذ ما يزيد على عشرين سنة في إدارة عملية تفاوض ناجحة تقود إلى حل الدولتين، لأن هذه المقاربة تقود حكما إلى الانحياز الأمريكي الكامل لدولة الاحتلال وتجرد الرعاية الأمريكية للمفاوضات من الحياد والنزاهة المفترض توفرهما في من يتنطع للقيام بدور الوساطة في أي صراع.
في مقابلة لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في الثالث عشر من هذا الشهر مع آرون ديفيد ميللر نائب رئيس مركز ويلسون بواشنطن العاصمة والذي خدم لمدة عشرين عاما في الخارجية الأمريكية، تساءل ميللر عن السبب في فشل المبعوث الرئاسي الأمريكي جورج ميتشل والوزير كيري في (التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين).
وربما يوجد الجواب على تساؤل ميللر في تقرير لخدمة أبحاث الكونجرس صدر في العاشر من ديسمبر عام 2005: (إلى ما قبل فترة وجيزة، كانت الولايات المتحدة تعامل الفلسطينيين كواحدة من المشاكل التي عليها حلها في إنهاء النزاع العربي). الإسرائيلي وليس كمشاركين في عملية السلام ... ومنذ عام 1948 حتى حرب 1967 كانت الولايات المتحدة تنظر إلى الشعب الفلسطيني في سياق مشكلة اللاجئين وليس كحركة وطنية مستقلة في إطار (حماية أمن إسرائيل) واستمر ذلك حتى اعترف الرئيس الأسبق جيمي كارتر ب(الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني) وضمّنها اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وبين دولة الاحتلال عام 1978، لكن إدارة رونالد ريغان ارتدت عن هذا الاعتراف فعادت إلى التعامل مع الشعب الفلسطيني ك(لاجئين) و(إرهابيين). وعندما انعقد مؤتمر مدريد عام 1991 تعاملت (مع الفلسطينيين كجزء من الوفد الأردني وليس ككيان منفصل). ومنذ توقيع (إعلان المبادئ) (أوسلو) بعد عامين منحت الولايات المتحدة (الفلسطينيين ... شكلا من الاعتراف، لم يصل حد الاعتراف بدولة) لهم حتى الآن.
وما زال السلوك السياسي والدبلوماسي الأمريكي محكوما بهذه الرؤية للشعب الفلسطيني ك(مشكلة) على الولايات المتحدة (حلها)، ولأرضه المحتلة كمناطق متنازع عليها يتقرر مصيرها بالتفاوض الثنائي مع دولة الاحتلال، وبطريقة (تنبذ العنف) في مقاومة الاحتلال في سياق الالتزام الأمريكي بضمان (أمن إسرائيل) كهدف نهائي.
وما لم تتغير هذه الرؤية الأمريكية التي تستبعد أي حق للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بحرية فوق أرضه بما يضمن حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف سوف تظل كل الجهود الأمريكية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع العربي _ الصهيوني في فلسطين محكوما عليها بالفشل.
ولن يمضي وقت طويل قبل أن يبدأ الشعب الفلسطيني في العمل على أساس ما كان يدركه منذ أمد طويل بأن الصراع هو في الواقع صراع عربي _ أمريكي في فلسطين بقدر ما هو صراع عربي _ صهيوني.
والتبادل الدبلوماسي مع الشعب العربي الفلسطيني هو الخطوة الأمريكية الأولى لإقناع الفلسطينيين بالحياد الأمريكي وللتراجع الأمريكي نهائيا عن تلك الرؤية التي أطالت أمد الصراع، ولتدراك تطور وضع كهذا في العمل السياسي الفلسطيني.
ومثل هذا التبادل الدبلوماسي كمقدمة عملية للاعتراف الأمريكي بوجود الشعب العربي الفلسطيني فوق أرضه، وبحقوقه الوطنية فيها غير القابلة للتصرف، وبحقه في تقرير مصيره بإرادة حرة فوقها سوف يكون المؤشر الأول إلى حسن نوايا الولايات المتحدة في الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وإلى صدقيتها في السعي إلى سلام عادل وشامل.
فالشعب الفلسطيني ليس هو (المشكلة)، بل هي الاحتلال ودولته ورؤية راعيها الأمريكي.
في مقال له نشرته (الأهرام ويكلي) في الثامن من الشهر الجاري قال مقرر الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ريتشارد فولك، إنه (يوجد شيء أساسي ناقص في الدور المزدوج الذي تلعبه الولايات المتحدة في المفاوضات) بين منظمة التحرير وبين دولة الاحتلال، ليتساءل: (كيف يمكن الثقة عندما يعلن المسؤولوم الأمريكيون المرة تلو الأخرى أن بلادهم سوف تظل حليفا من دون شروط لإسرائيل، ومع ذلك لا تمنح في ذات الوقت إلا الحد الأدنى من الثقة للفلسطينيين بأنها طرف ثالث محايد يعمل من أجل سلام عادل؟)!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.