السفير الغاني يشيد بحرص رئيس الجمهورية على تعزيز الوحدة الإفريقية    اجتماع الحكومة:متابعة إنجاز المشاريع الهيكلية الكبرى ودراسة عروض تتعلق بعدة قطاعات    هيئات صحراوية تفضح أساليب الاحتلال المغربي في نهب ثروات الشعب الصحراوي تحت غطاء التنمية المستدامة    التأكيد على أهمية تبادل التجارب بين الدول العربية في مجال تطوير أنظمة الحماية الاجتماعية    سوناطراك من الشركات الرائدة التي اتخذت قرارات تقليص نسبة انبعاثات الكربون    الاستثمار المنتج أولوية لإدماج الاقتصاد الوطني في السوق العالمية    التوقيع على اتفاقية شراكة بين "أوريدو" والكشافة الإسلامية الجزائرية    تبسة: افتتاح معرض مشترك جزائري- تونسي للصناعات التقليدية والحرف اليدوية    رئيس الجمهورية يستقبل وفدا عن شركة إكسون موبيل الأمريكية    مجلس الأمة: جلسة علنية غدا الخميس لطرح الأسئلة الشفوية    الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية    كأس إفريقيا للأمم سيدات 2024: برمجة مقابلتين وديتين أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية والسنغال    زيتوني يدعو إلى شراكة استراتيجية متكاملة    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية غويانا التعاونية    رئيس مجلس الأمة يترأس اجتماعا تنسيقيا مع الوفد المشارك في اجتماعات اللجان للبرلمان العربي    الحماية المدنية تتجنّد لإخماد الحرائق    أمن البليدة يضع برنامجا توعويا لفائدة السائقين    الرئيس الإيراني يؤكد أن بلاده تسعى إلى تعزيز الوحدة والسلام في المنطقة    موسم آخر للنسيان.. فمتى تُستخلص الدروس؟    حسام عوار يحلم بالتتويج بكأس إفريقيا مع "الخضر"    موتسيبي يعزّي الجزائر    لا سقف لطموح الشراكة الاستراتيجية    استشهاد 16802 طالب بقطاع غزة    رئيس "الكاف" موتسيبي يعزّي الجزائر    الحاضنات الجامعية قاطرة حقيقية للنهوض بالابتكار    عقد الجمعية العامة واستقالة ميال اليوم    المهر بين التيسير والمغالاة    واجهة بحرية بحلّة جديدة ومشاريع بيئية وسياحية واعدة    عين فرانين... منطقة جذب سياحي وسط الطبيعة    مشاركة 11 فرقة من 10 دول    اختتام البرنامج الافتتاحي لتظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025    تنظيم الطبعة ال25 للمهرجان الاوروبي للموسيقى من 26 يونيو الى الفاتح يوليو بالجزائر    وفد برلماني يشارك في قمة برلمانات المتوسط بإسبانيا    تسهيلات في استخراج صحيفة السوابق القضائية    فتح التسجيلات لاقتناء شقق الترقوي الحرّ بالعاصمة    تذاكى ترامب فانفضح نتنياهو!    تخرج دفعات جديدة بالمدرسة العليا العسكرية للإعلام والاتصال    تنصيب لجنة التحقيق في فاجعة ملعب 5 جويلية    منظومة الضمان الاجتماعي في الجزائر قوية    آن الأوان أنْ يكف الاحتلال المغربي على نهب ثروات الصحراويين    تخرّج دفعة جديدة من الأئمة الوعّاظ    كأس إفريقيا سيدات 2024 : المنتخب الجزائري يشرع في المرحلة الثانية من التحضيرات بسيدي موسى    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع المدير العام ل"الألكسو" آفاق التعاون الثقافي المشترك    لا بديل عن الحل السلمي للملف النّووي الإيراني    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    اختتام تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025.. الاحتفاء بالثقافة الحسانية وتعزيز حضورها كأحد روافد الهوية الثقافية المشتركة    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الرهان الفلسطيني على أمريكا
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 05 - 2014


بقلم: نقولا ناصر
(لقد حان الوقت كي تعيد القيادة الفلسطينية النظر في رهانها الخاسر على الولايات المتحدة لتخيرها بين دور الخصم المنحاز لدولة الاحتلال الإسرائيلي وبين دور الحكم المحايد النزيه الذي كانت تدّعيه حتى الآن).
سواء أقرت منظمة التحرير الفلسطينية بذلك وتصرفت على أساسه أم لا، فإن التاسع والعشرين من أفريل الماضي يجب أن يدخل التاريخ الفلسطيني باعتباره اليوم الذي كان يجب أن يسقط فيه أي رهان فلسطيني مستقبلي على الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد أثبتت تجربة احتكارها الفاشلة لرعاية حل للصراع العربي الصهيوني على فلسطين طوال ما يزيد على عشرين عاما استحالة استمرارها في لعب دور الحكم والخصم في آن معا.
ومن الواضح أن الوقت قد حان كي تعيد القيادة الفلسطينية النظر في رهانها الخاسر على الولايات المتحدة وكي تضع محددات فلسطينية للقبول مجددا بأي دور لها في المستقبل، إذ على واشنطن كشرط مسبق أن تختار بين دور الخصم المنحاز لدولة الاحتلال الإسرائيلي وبين دور الحكم المحايد النزيه الذي كانت تدّعيه حتى الآن.
ومن الواضح كذلك أن الولايات المتحدة لا تريد أو هي عاجزة عن الفصل بين الدورين في أي وقت منظور في كل ما يتعلق بالشأن العربي _ الإسرائيلي، وأن أي رهان فلسطيني على حدوث فصل كهذا يندرج في باب العمى السياسي، وأن أي مجاملة فلسطينية لأي نصح من الأشقاء العرب بعكس ذلك لم تعد في مستطاع أي قيادة فلسطينية حريصة حقا على شعبها وقضيته ومصالحه العليا.
فالرئيس محمود عباس لم يخرج بخفي حنين فقط من جولة المفاوضات الأخيرة التي استمرت تسعة أشهر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بل خرج خالي الوفاق من رهانه على الولايات المتحدة الذي استمر لمدة تزيد على عقدين من الزمن.
فكل ما يمكن أن يعدّ (إنجازات) وطنية لمنظمة التحرير قد تحقق بالضد من الإرادة الأمريكية، مثل انطلاق الثورة الفلسطينية مرورا باعتراف المجتمع الدولي بالمنظمة (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) حتى اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين دولة غير عضو فيها.
وقد استمر الخط البياني للنضال الوطني الفلسطيني من أجل التحرر والاستقلال وتقرير المصير صاعدا طالما اعتمد الوحدة الوطنية والمقاومة سلاحا أساسيا له في مواجهة حقيقة أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي جبهة معادية واحدة لا جبهتين منفصلتين.
ولم يبدأ الخط البياني للنضال الوطني بالانحدار إلا بعد أن بدأت منظمة التحرير في الرهان على وهم أنه يمكن الفصل بين الولايات المتحدة وبين دولة الاحتلال للمراهنة على وهم أن الوزن الدولي للولايات المتحدة وعلاقتها (الخاصة) مع دولة الاحتلال يمكن أن يجبرا الأخيرة على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لإقامة دولة فلسطينية عليها.
وفي ضوء تجربة التوسط الأمريكي في إبرام الصلح المصري المنفرد مع دولة الاحتلال ثم انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرد الولايات المتحدة في صنع القرار الدولي بعد ذلك، وانهيار التضامن العربي، وغير ذلك من عوامل تفكك الدعم العربي والإسلامي للمقاومة الفلسطينية، ربما يجد المراقب مسوغات لقيادة منظمة التحرير في حرصها على عدم استعداء القوة الأمريكية الأعظم في التاريخ آنذاك ومحاولة الرهان عليها لاستعادة بعض حق شعبها المغتصب في فلسطين.
لكن بعد مضيّ ما يزيد على عقدين من الزمن من الرهان الفلسطيني على هذا الوهم لا يساور الشك أحدا اليوم في أن الولايات المتحدة كانت وما زالت في جبهة واحدة معادية مع دولة الاحتلال وتستمر ضامنا وممولا ومسلحا وحاميا سياسيا ودبلوماسيا لها ما يحولها إلى شريك في احتلالها، وفي أن أي محاولة فلسطينية للفصل بينهما توهما في إمكانية تحوّل الولايات المتحدة إلى وسيط نزيه محايد سوف تظل محاولة محكوما عليها بالفشل بعد أن (تبخرت كل الوعود الأمريكية) لمفاوض منظمة التحرير وبعد النتائج (المفزعة والكارثية) لرهان المنظمة على تلك الوعود كما قال عضو تنفيذية المنظمة تيسير خالد.
بعد أن تسرب إلى وسائل الإعلام تحذيره في مجلس مغلق من أن دولة الاحتلال في حال فشل (حل الدولتين) مهددة بخطر التحول إلى دولة فصل عنصري أو إلى دولة لا (يمكنها أن تكون دولة يهودية ديموقراطية)، أصدر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الثامن والعشرين من الشهر الماضي بيانا صحفيا مهينا نفى فيه أنه (يعتقد) أو أن يكون قد أعلن (في أي وقت، علنا أو في مجلس خاص، بأن إسرائيل دولة فصل عنصري أو أنها تنوي أن تكون كذلك) كما قال ردا على الحملة الشرسة الواسعة التي شنتها عليه الدوائر الصهيونية واليهودية المتنفذة في الولايات المتحدة مطالبة بإقالته أو استقالته واعتذاره لدولة الاحتلال، بالرغم من ثلاثين سنة قضاها في دوائر صنع القرار الأمريكي كان خلالها من أقوى الداعمين لدولة الاحتلال والمدافعين عنها حدّ أن يتبنى مؤخرا مطالبة حكومتها بالاعتراف الفلسطيني بها (دولة قومية للشعب اليهودي).
ويذكّر هذا البيان المهين لكيري بالتراجع المهين لرئيسه باراك أوباما في مواجهة رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو في مستهل الولاية الأولى لكليهما عندما عجز الرئيس الأمريكي عن الوفاء بوعده للفلسطينيين بوقف الاستعمار الاستيطاني للضفة الغربية لنهر الأردن وبوعده من فوق منبر الأمم المتحدة بدولة فلسطينية خلال عامين.
إن التراجع المهين لكيري وأوباما أمام دولة الاحتلال يؤكد مجددا أن القرار الأمريكي في الشأن الفلسطيني يظل مرتهنا لدولة الاحتلال والحركة الصهيونية العالمية وأن استمرار أي رهان فلسطيني على الولايات المتحدة سوف يظل حرثا في البحر.
في مارس الماضي حذر أوباما نتنياهو من أن الولايات المتحدة لن تعود قادرة على الدفاع عن دولة الاحتلال في حال فشلت جولة مفاوضات التسعة الشهور لأنه (إذا اعتقد الفلسطينيون بأن إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وذات سيادة لم تعد في متناول اليد، عندئذ سوف تكون قدرتنا على التحكم بالمضاعفات الدولية محدودة).
لكن جولة المفاوضات تلك قد فشلت فعلا وحزم مبعوث أوباما الرئاسي لها، مارتن إنديك، حقائبه وعاد إلى الولايات المتحدة ولم يعلن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية عن أي خطط لعودته إلى المنطقة وسط تقارير إعلامية تتحدث عن استقالته من وزارة الخارجية وعودته للعمل مع معهد بروكينغز.
غير أن إدارة أوباما ومؤسسة الحكم الأمريكية تبدوان الآن مستنفرتين من أجل ما وصفه أوباما ب(التحكم بالمضاعفات الدولية) لمنع أي تحرك فلسطيني يمكن أن يجعل (قيام دولة فلسطينية... في متناول اليد).
فقد أعلنت واشنطن معارضتها للتوجه الفلسطيني نحو الانضمام للمنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، وللاتفاق الفلسطيني على إنهاء الانقسام الوطني، وتحرك الجمهوريون والديموقراطيون في الكونجرس لتفعيل (قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني) الذي أصدره عام 2006 بحظر أي مساعدات أمريكية لأي حكومة وحدة وطنية فلسطينية، ليردد ممثل أوباما الديموقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، تد دويتش، كالببغاء ما قاله نتنياهو إن (الرئيس عباس يقف الآن على مفترق طرق محوري... فهل يريد السلام مع إسرائيل أم المصالحة مع حماس؟)
لقد أعلن أوباما أن المفاوضين بحاجة إلى (وقفة) أو (مهلة) أو إلى ما وصفته المتحدثة باسم وزارة الخارجية جن بساكي ب(فترة انتظار) قبل العودة للتفاوض ثانية برعاية الولايات المتحدة، لأنه يوجد (باب واحد) تشجعهم واشنطن على دخوله كما قال أوباما وهو (اللقاء ثانية للقيام ببعض التسويات الصعبة جدا).
ولم يتوقع أوباما أن يدخل المفاوضون ذلك (الباب) حتى خلال (الشهور الستة المقبلة)، أي أن (المهلة) التي ينصح أوباما بها يمكن أن تمتد أطول من ذلك، لا تفعل الولايات المتحدة خلالها شيئا بانتظار استئناف (عملية) أثبتت عقم الرهان الفلسطيني على أمريكا فيها منذ انطلقت عام 1991.
ومن المؤكد أن ترى دولة الاحتلال في هذه (المهلة) الأمريكية ضوءا أخضر يطلق يدها في مواصلة استعمارها الاستيطاني الذي لم تستطع وقفه لا المفاوضات ولا الرعاية الأمريكية لها ولا رهان منظمة التحرير على أمريكا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.