الألعاب الإفريقية المدرسية: الجزائر تتغلب على أوغندا (1-1, 3-0 بركلات الترجيح) وتبلغ النهائي    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجيدو- فردي): المنتخب الوطني يجدد سيطرته ويتوج بثمانية ذهبيات في منافسات اليوم الثاني    وزارة الثقافة والفنون تنظم ورشة تكوينية دولية حول التراث العالمي بالاشتراك مع صندوق التراث العالمي الإفريقي    حماس تكذب ويتكوف:لن نتخلى عن السلاح إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات:بودن يدعو الى إعادة التوازن لمنظومة العلاقات الدولية    سفير جمهورية لبنان : زيارة الرئيس اللبناني إلى الجزائر "كانت ناجحة ومميزة"    التقشف ضرورة.. الفاف يهدد وقرارات تاريخية منتظرة    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: الدراج منصوري يهدي الجزائر ذهبية السباق على الطريق    سباحة/بطولة العالم 2025 : الجزائرية آمال مليح تحتل المركز 34 في سباق 50 متر سباحة حرة    مبادرة آرت 2 : الإعلان عن حاملي المشاريع المبتكرة في الصناعات الثقافية والإبداعية    اختتام التظاهرة الثقافية بانوراما مسرح بومرداس..تقديم 55 عرضًا مسرحيًا على مدار أسبوع كامل    وزير الثقافة يزور الفنان القدير "قنا المغناوي" للاطمئنان على صحته    الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخبان الوطنيان للكرة الطائرة الشاطئية (إناث وذكور) يتوجان بالميدالية الذهبية    الوادي : تجسيد مشروع تدعيم الرحلات الجوية الداخلية خلال الأيام القادمة    فنلندا تستعد للاعتراف بفلسطين    بوغالي يتمنّى مزيداً من النجاحات    البحر يواصل ابتلاع الجزائريين    في مجال الإسعافات الأولية..تكوين أزيد من 170 ألف مواطن خلال السنوات الاخيرة    مظاهرة في ستوكهولم للمطالبة بوقف الإبادة الصهيونية في قطاع غزة    البنك الدولي : إدراج الجزائر ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل    متخصصة في الاقتصاد الطاقوي..عرقاب يستقبل البروفيسور ليلى شنتوف الباحثة الجزائرية    تصعيد الضغط على المخزن من أجل وقف استقبال سفن الإبادة الصهيونية في الموانئ المغربية    الفريق أول السعيد شنقريحة يترأس حفل تكريم أشبال الأمة المتفوقين في شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط    تجارة : تكثيف الرقابة على المواد الغذائية وشروط السلامة الصحية عبر الوطن    سلسلة توثيقية جديدة تفضح الشركات متعددة الجنسيات المتورطة في نهب ثروات الشعب الصحراوي    افتتاح الجامعة الصيفية للمنظمة الطلابية الجزائرية الحرة ببومرداس    وزارة التربية تعلن عن تغيير مقر إيداع ملفات المصادقة على الوثائق المدرسية    تفكيك شبكة إجرامية وضبط أكثر من 178 ألف كبسولة مهلوسة بالجلفة    13 وفاة و504 إصابة خلال 48 ساعة بسبب حوادث المرور والغرق والتقلبات الجوية    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    سكيكدة: موسم التخفيضات الصيفية يثير إقبال المتسوقين    هذه تفاصيل عطلة الأمومة..    ناصري يُطلق نداءً لوقف إبادة الفلسطينيين    واضح يُشدّد على التعريف أكثر بمفهوم المقاول الذاتي    منصب أممي لبن جامع    عطّاف يستقبل لامولا    منصة استراتيجية للتكامل وفرصة لعرض قدرات الإنتاج الوطني    مشروع استراتيجي يدعم إنتاج الغاز الطبيعي في الجزائر    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    "فخّ" الجمال يهدد عيون الجزائريات    قطاع غزّة على شفا المجاعة    تحذير من كارثة صحية في مخيمات النّزوح بدارفور    النخبة الوطنية أمام رهان التألق في كل الرياضات    قمع متواصل وتشهير منظّم لتشويه سمعة الإعلاميين في المغرب    جدارية تذكارية تخلّد "الأحد الأسود"    المكتبة المتنقلة تُنعش الفضاء الثقافي    "الكلمة".. عرضٌ مسرحيّ يُوقظ الوعي في الشارع العنابي    مشاريع واعدة في قطاع التربية بتلمسان    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمهورية التركية بين حدين
نشر في أخبار اليوم يوم 04 - 06 - 2014


بقلم: الدكتور توفيق آلتونجي
يعتبر إعلان الجمهورية التركية عام 1922 بعد خلع السلطان محمد السادس وإنهاء عهد السلاطين العثمانيين نموذجا للدولة الحديثة تجربة حديثة في عالم التناقضات التي نعيشها اليوم وحدا فاصلا بين العلمانية وشمولية هيمنة النظام الديني على مرافق الدولة والحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى الشؤون الشخصية.
أرجو من قارئي العزيز ملاحظة استخدامي لتسمية تركيا كمصطلح جغرافي ذو دلالة للخارطة الجغرافية السياسية للدولة الحديثة وليس التركيبة القومية. أن أي تحليل تاريخي للتطورات يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والدولية والثقافة والفكر السائد إبان تلك الحقبة التاريخية وعدم الانطلاق مما نراه اليوم ونجري مقايسة بين آنذاك واليوم.
الإرث الثقيل الذي تركته الدولة العثمانية التي حاولت جاهدة مع نهايات القرن الثامن عشر إجراء تغييرات جوهرية على شكل إدارة الدولة والجيش وصولا إلى الملابس العسكرية وتنظيم الجيش وتسليحه والدساتير والقوانين المرعية. باءت بالفشل جميع محاولات الدولة العثمانية في جعل دستور الإمبراطورية ملائمة للتطورات الحديثة ورياح التغير القادم من الغرب وخاصة فصل الدين عن الدولة وسن قوانين جديدة على غرار القوانين الأوربية من ناحية ومن ناحية أخرى المحافظة على الخاصية الإسلامية للمجتمع والدولة. مثال على ذلك الزواج في محاكم الدولة ومن ثم عقد القران عند رجال الدين أو بالعكس. وقد بدأت رياح التغير آنذاك منطلقا من الخارج بدعوة بعض مثقفي المهجر (العثمانيين الجدد) إلى التجديد ومن العاصمة البريطانية لندن توج دعواتهم تلك لاحقا بانهيار الإمبراطورية العثمانية بالكامل وولادة شرق أوسط جديد مع نهايات الحرب العالمية الأولى حيث تم تعديل خارطة دولها السياسية عدد مرات وخاصة في معاهدة سيفر ولوزان واتفاقية سايكس- بيكو.
الجدير بالذكر أن رياح التغير الحالية التي هبت على الشرق في ما يسمى بالربيع العربي لم يأخذ هذا الأمر بجدية أي مسالة الحدود المصطنعة والتي رسمها المحتل في تلك المعاهدات الاستعمارية بل تمحور الغضب الجماهيري ضد الأنظمة وقيادات تلك الأنظمة أو الأحزاب الشمولية الحاكمة من ناحية ومن ناحية أخرى كان الشارع ولا يزال بمعزل عن الحقائق التاريخية لتكوين تلك الدول نتيجة لتزوير تاريخ شعوب المنطقة.
طبعا تلك الرياح وصلت إلى تركيا اليوم ولكن الحالة التركية أكثر تعقيدا فهناك إرثا تاريخيا كبيرا وثقيلا على كاهلها تشمل اضطهاد شعوب الأناضول القديمة نتيجة مباشرة للصراع الذي دار على منطقة الشرق الأوسط وتركة (الرجل المريض) أي الإمبراطورية العثمانية قبل وإبان وبعد الحرب العالمية الأولى. فنال كل نصيبه فتم قسرا تهجير الروم اليونان من البلاد ومبادلتهم برعايا عثمانيين في اليونان وبلغاريا، كما تم إبادة الأرمن بعد مذابح مكررة عام 1915 وهدم مدنهم وقراهم وعومل المسيحيون بنفس الطريقة البشعة ونال الكورد نصيبهم بعد أن تأكد قادتهم من زيف الوعود التي قطعها لهم قادة ما يسمى ب (الثورة التحررية التركية) وقائدها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، تلك الثورة التي أسقطت الخلافة العثمانية وحررت البلاد من الاحتلال اليوناني وحليفتها بريطانيا وفرنسا وبقت تركيا تحت سيطرة الحزب الواحد (حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ولا يزال الحزب أقوى أحزاب المعارضة إلى يومنا هذا) حتى عام 1947. ناهيك عن ذلك وجود خارطة سياسية معقدة تشمل تكوين جميع الأحزاب السياسية الحالية وتاريخها من ناحية ومن ناحية أخرى التطور الفكري الديناميكي الذي جارى الزمن في عموم تركيا. جوبهت الانتفاضات الكوردية باستخدام العنف الشديد وإعدام قادتها الأبرار. الجدير بالذكر كذلك أن تلك الثورة التحررية أتت على العديد من رجال الدين المسلمين كذلك وأعدموا جميعا بعد رفضهم الانصياع إلى أوامر الثوار بالعدول عن إيمانهم وبقائهم مخلصين للسلطان.
خلال عقود راقبت عن كثب التطورات السياسية على الساحة التركية لكن الملاحظ في الوقت الحاضر أن هناك حالة من الشفافية في قبول الآخر. هذا التطور يوازيه تطور موازٍ في نبذ القوى الكردية للعنف والتوجه إلى السلام من ناحية ومن ناحية أخرى التطورات اللاحقة والمتسارعة على الساحة العالمية والأوربية منذ انهيار جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وتأسيس وتطور الاتحاد الأوربي. يجب عدم نسيان أن الهيمنة العسكرية على الحياة السياسية في تركيا أخذت أبعادا جديدة منذ تولي حزب رئيس الوزراء الحالي السيد رجب طيب أردوغان حيث تم التخفيف من شدة تلك الهيمنة وإضعاف رموزها الأساسية.
لقد فوجئت بوجود قناة الاتحاد الوطني الكردستاني بين القنوات التي يمكن اختيارها في غرفتي في الفندق الذي أقمت فيه خلال تواجدي في أنقرة منذ أسابيع. الحالة الكردية التي كانت منذ البدايات الأولى تعتمد على الكفاح المسلح والفكر اليساري المتناقض دوما مع الفكر الرأسمالي الحاكم في تركيا بدأت ومنذ سنوات تأخذ منحى جديدا في الحديث عن السلام وتأسيس أحزاب سياسية تنادى بالديمقراطية وتنبذ العنف. هذا الخط المسالم عانى ما عانى داخل الحركة الكردية ومنذ سنوات وقدم العديد من الضحايا ومن المؤسف وجود تركيبة ثنائية في معاداة هذا التيار فمن ناحية كانت السياسة الرسمية الحكومية رغم اختلاف الحزب الحاكم ينكر الوجود الكردي بملايينه كان التيار المسلح الكردي كذلك يعادي هذا التيار المسالم. المستقبل كفيل حتما بالإفراج عن القائد الكردي السيد عبد الله أوجلان كي يحل السلام ربوع الأناضول ويدخل الطمأنينة القلوب ويسود الأمن الاجتماعي وبذلك ينال الشعب الكردي حقوقه التاريخية في العيش الكريم.
يجدر الإشارة إلى أن قضية الأرمن وما جرى عليهم من ظلم وتهجير من ديارهم لا يزال يجابه رفضا سياسيا في قبول تلك المذابح رسميا رغم الاعتراف الضمني ببشاعة تلك الجريمة والاعتذار إلى الشعب الأرمني وكان الشهيد الصحفي الأرمني هرات دينك من أكثر الدعاة إلى إيجاد قاسم مشترك للتعايش السلمي ضمن الدولة التركية. هذا المناضل واحد أبرز المثقفين الأرمن اغتيل ومع الأسف الشديد غدرا أمام بوابة الصحيفة التي كان يعمل فيها ناشرا الإخاء بين بني البشر بأيدي شاب قومي عنصري بغيض.
التيار الديني لم ينطفئ وهجه في المجتمع منذ آلاف السنين وبقى الحركة الإسلامية ذو نفوذ في الحياة العامة للناس رغم الفتور الذي واكب تأسيس الدولة التركية الحديثة والتوجه إلى الغرب وتغير سلوك وأسلوب حياة الناس بما يلائم المقاييس الأوربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.