بقلم: كريم تقلميمت* تعتبر الثقافة المرورية من مكتسبات العصر الحديث التي يجب أن تنطوي عليها عادتنا ومعاملاتنا اليومية سواء للسائقين أو الراجلين أو غيرهم، فمهما بلغنا في وضع أرمدة من القوانين والتشريعات التي تنظم طبيعة السير في الطرقات، إلا أن تأثير الإنسان على مدى استجابته لهذا العامل الجديد الذي دخل حيز التنفيذ منذ أن تطورت الحياة الحضرية، وسارع الإنسان إلى التفكير في وضع الأدوات القانونية التي تلزم صاحب السيارة أو المركبة أن يحترم بعض الأمور التي لها علاقة بحركة المرور، تفاديا لأي خطأ أو خلل أو سوء المعاملة بين السائق والراجل على العموم، ويدخل حفاظا على حياة الناس بشكل عام، كما أن تأثير الفاعل في الحركة، على الآخرين يرتبط بمدى وعي الأول على الثاني، فكل فعل يقوم به السائق، يترجم على أساس أنه سلوك يتضمن ردة فعل لعائق ما أو مشكلة ما أو حتى للتعبير عن فكرة ما ، إذ أن المختصين يقيمون تفاعل الإنسان السائق وهو داخل مركبته، هو تصرف قد يفسر بعدة طرق، إما أنه يجهل قانون المرور، أو أنه لا يعير أي اهتمام له رغم ما يحمله من عقوبات صارمة توجه إليه في حالة عدم الامتثال أو الاعتداء على الغير، ولو بتصرف متهور لا يفيد أي شيء. إن المشرع قد أخذ كل هذه الجوانب ودقق النظر فيها، لكن هذه الأمور تطورت في السنوات الأخيرة بعد ولوج فئة الشباب دون الأربعين في عالم السياقة وحب المركبات، وأيضا لإقدامهم الكبير على تعلم السياقة ليس كفن بحد ذاته، بل للتعبير عن عنفوان الشباب، أو غيره من السلوكيات التي تحتاج إلى تقويم وتهذيب، حتى يتم الامتثال والانضباط على القانون الذي وضع من أجل ترقية المنظومة المروية، لذا فإن فترة الترويض والتدريب قد ولت، كونها لا تسمح في أي حال من الأحوال أن تستمر أمام بشاعة ما يحدث في الطرقات من خسائر في الأرواح والمركبات، مما جعل التكلة الاجتماعية غالية جدا سواء للدولة أو للفرد ذاته، إن الحملات التحسيسية المنظمة بين الفينة والأخرى، غير كافية لا في العدد ولا في الحجم، ولاحتى في طبيعتها العلمية والتوعوية، فهي بحاجة إلى دقة في التحضير، والتركيز على الفئات المستهدفة، بل يجب النظر في كيفية استقطاب السائقين ومستعملي المركبات بشكل مباشر، مع وضعهم على المحك، وتحت طائلة من المسؤولية القانونية. فلا يكفي أن نقول إن مرتكب حادث مرور فهو مجرم، حتى وإن كان الحكم قاس بهذه الدرجة إلا أن تأنيب الضمير أكثر قساوة، فعلى المختصين اختيار تلك المعاني التي تفرض على الفرد أو السائق واقع محاط بجملة من الأفكار التي تنمي في طبيعته البشرية الإنسانية المستوحاة من القيم السامية، وتحوله من إنسان متهور إلى واحد مسؤول واع، يدرك المخاطر قبل حدوثها ويتوقع نتائج تصرفه قبل أن يكرسه، ويجعل من ضميره مقودا أساسيا يقتاد به مركبته أو سيارته، فالضمير الحي هو الذي يجعل من الإنسان عنصرا فاعلا في المجتمع، يستجيب كل ما هو له علاقة بالمنفعة العامة، كما يحول بضميره اليقظ عن كل سلوك قد يندم عليه، إن الثقافة المرورية هي سلوك اجتماعي قبل أن تكون مجرد حركات تستجيب لهوس النفس وعنفوان الشباب وعلى السائق أن يعلم أثناء القيادة أن حياته وحياة الآخرين في خطر، ولا شك أن الخطر يحمل معه نتائج وخيمة قد يندم عليها فاعله، فالثقافة المرورية تدبير ووقاية.