ال 22 و 26 جويلية سيكون موعد التسجيل الأولي لحاملي البكالوريا    وزير الاتصال يزور الإعلامي علي ذراع    الرهان اليوم يتمثل في الدفاع عن استقرار بلادنا و وحدتها    نقص الغذاء يدفع الأطفال في قطاع غزة إلى حافة الهاوية    استقبال رسمي يعكس متانة العلاقات الأخوية    تأكيد على أهمية وحيوية شبكة الطرق في تعزيز التنمية    حساسية تجاه الصوت وشعور مستمر بالقلق    رمز الأناقة والهوية ونضال المرأة الجزائرية    الجزائر أختارت أن تكون صوتا للمظلومين لا صدى للظالمين    بلادنا تضم قراب نصف مصانع إنتاج الأدوية بإفريقيا    عطاف يستقبل نظيره البلجيكي    بوجمعة يردّ على انشغالات رؤساء المجموعات البرلمانية    كوبرنيكوس يُنصف الصحراء الغربية    ماذا قال أبو عبيدة عن الضيف؟    الجزائر تستضيف الألعاب المدرسية الإفريقية    ما حقيقة وشم محرز؟    تشلسي يكمل سجلّه الذهبي    مدير الأمن العام السعودي في الجزائر    تسديد إلكتروني لفواتير الكهرباء    اتفاقية مع البنوك لمنح قروض للفلاحين    36 ألف شرطي لتأمين الشواطئ    ديناميكية جديدة للسياحة الداخلية تتشكّل بالجزائر    لاناب حاضرة في سيتاف    سونلغاز: بحث فرص التعاون والشراكة مع اتحاد الأعمال العماني    نص قانون معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي يهدف الى الانخراط في المسعى الدولي للتعاون القضائي    تدعيم الطريق السيّار بمحطات خدمات جديدة    مولودية الجزائر : الجنوب إفريقي رولاني موكوينا مدربا جديدا    المكونات الثقافية للجزائر عامل هام في الترويج السياحي    الجزائر الجديدة لن تُبنى إلا بشبابها    الجزائر لا تتلقى أي مساعدات للتنمية من باريس    المغرب يمضي في مشاريع توسّعية غير قانونية على أرض محتلّة    مخطّط استراتيجي وطني لدعم الصحة المدرسية قريبا    تيزي وزو: الطبعة السادسة للصالون الوطني للفخار "آث خير" من 17 الى 20 يوليو الجاري    خطة التسوية الأممية الإفريقية هي الحل الوحيد    مستوطنون يعترضون شاحنات مساعدات من الأردن..استشهاد 15 فلسطينيا بهجمات إسرائيلية متفرقة على غزة    ناصري يشيد بدور المجلس الإسلامي الأعلى في حماية المرجعية الوطنية    الصالون الدولي للسياحة والاسفار : يوم دراسي حول الإبتكار الرقمي في السياحة بالجزائر    إصلاح شامل للاستعجالات الطبية قريبا    ماستر مزدوج بين جامعة هواري بومدين وجامعة نواكشوط    المشيخة العامة للصلح في إفريقيا : إشادة بمواقف الثابتة للجزائر في نصرة القضايا العادلة    شايبي يلتحق بتدريبات إنتراخت فرانكفورت    فضاء مفتوح للفلكلور العالمي والتنوّع الثقافي    لا حضارة دون نخب حكيمة تجيد البناء الجماعي الجزء الثاني    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    الجزائر تستضيف الألعاب المدرسية الإفريقية الاولى من 26 يوليو إلى 5 أغسطس 2025    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للسكان    وضع حجر أساس مشروع إنجاز وحدة لإنتاج المادة الأولية لصناعة الأدوية المضادة للسرطان بسطيف    العرض الأولي لفيلم "دنيا" بالجزائر العاصمة    المدرب البوسني روسمير سفيكو يلتحق بشباب قسنطينة    لجنة تفتيش من الداخلية بوهران    وفد "الكاف" ينهي تفتيش مرافق البلدان المستضيفة    ملتقى فكري حول مسرحية الممثل الواحد في نوفمبر    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تتكلم الأيدي والأرجل يوم الحساب
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 10 - 2015


مشاهد من سورة يس
هكذا تتكلم الأيدي والأرجل يوم الحساب
تفسير الآيات من سورة يس رقم(65) يقصد بها التخويف َمن جهنم وعداً لا وعيداً وسبق أنْ عرفنا أن الوعد في الخير والوعيد في الشر ومن ذلك قول الشاعر: يَا دَهْرُ يَا مُنْجِزَ إيعَادِهِ وَمُخْلِفَ المأْمُولِ مِنْ وَعْدِهِ.
وقُلْنا: سَمَّى ذلك وعداً لأن التحذير من الشر قبل الوقوع فيه يُعَدُّ خيراً لأنك تستطيع تدارك الأمر وتصحيح الخطأ.
وقوله سبحانه: {صْلَوْهَا} [يس: 64] ادخلوها واصْطَلُوا بنارها واحترقوا بلظَاهَا {الْيَوْمَ } [يس: 64] أي: يوم الجزاء اليوم القائم الذي نحن فيه أما ما قبله فقد مضى ومضتْ معه اللذات التي جاءت بكم إلى النار ذهبتْ اللذات وبقيتْ تبعتها ولم يعُد أمامكم إلا النار تحترقون فيها {بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [يس: 64] يعني: هذه النار ليست ظُلْماً إنما جزاء كفركم بنعمة الله وهذا تقريع لهم لأنهم لم يعرفوا للحق سبحانه نعمه عليهم ولو عرفوا لله هذه النعمة ما كفروا بها.
لذلك حين تُحسِن إلى إنسان فيقابل إحسانك بالإساءة يخجل أن يقابلك ويستطيع أنْ يتحمل منك أيَّ عقاب إلا أن تواجهه أنت لماذا؟ لأن حياء المسيء من المحسن أشدُّ عليه من العذاب فكأن الله تعالى يقول لهؤلاء الكفرة بنعمه: استحيوا من الله لأنه أنعم عليكم فكفرتم بنعمه ولو أن عندكم إحساساً لكان تذكيركم بكفركم أشدَّ عليكم من هذه النار التي تَصْلوْنها.
ثم يقول سبحانه واصفاً حالهم والعياذ بالله: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65].
قوله: {الْيَوْمَ} [يس: 65] أي: يوم القيامة والجزاء {نَخْتِمُ عَلَى_ أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65].
نضرب عليها فلا يستطيعون الكلام فالأفواه مَنَاط الكلام وقبل أن يختم الله على أفواههم في الآخرة ختم على قلوبهم في الدنيا بالأمس ختم اللهُ على القلوب فلا يدخلها إيمان ولا يخرج منها كفر واليوم ختم الله على الأفواه ومنعهم الكلام حتى لا يعتذرون ولا يستغفرون.
فالمقام هنا مقام حساب لا عمل فلا جدوى من الاستغفار ولا فائدة من الاعتذار بل انتهى أوان الكلام والمنطق ولم يعُد للسان دَوْر اليوم تُغْلَق الأفواه وتُقيَّد الألسنة لتنطق الجوارح.
وتأمل بعدها: { وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65] القياس كان يقتضي أنْ يقول الحق سبحانه {1649لْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65].
ومثلها: ونُنْطِق أيديهم ونُشهِد أرجلهم لكن السياق القرآني هنا مختلف فبعد أنْ يختمَ اللهُ على أفواههم تُكلمنا أيديهم تطوعاً لا أمراً وتشهد أرجلهم تطوعاً لا أمراً فلم نقل للأيدي: تكلمي ولم نقل للأرجل: اشهدي.
وإنما تطوعتْ هذه الجوارح بالشهادة مع أنها هي نفس الجوارح التي بُوشِرت بها المعاصي والذنوب في الدنيا ومع ذلك تشهد لا على نفسها إنما على النفس الواعية التي أخضع اللهُ لها الجوارح وأمرها أن تسير وِفْق مرادها ورهْنَ إشارتها في الدنيا.أما ونحن الآن في الآخرة وقد تحررتْ الجوارحُ من تبعيتها للنفس الواعية وأصبح الملْكُ كله والتفويض كله لله تعالى فالآن تتكلم الجوارحُ بما تريد وتشهد بما كان أمام الرب الأعلى سبحانه.
أمثلة واقعية
وسبق أنْ مثَّلْنَا هذه المسألة بالكتيبة من الجيش يرسلها القائد الأعلى وعلى الكتيبة أن تطيع أوامر قائدها المباشر ولو كانت الأوامر خاطئة إلى أن تعود إلى الأعلى فتشكو له ما كان من القائد المباشر هكذا الجوارح يوم القيامة.
فإنْ قلتَ: فلماذا أسند التكلم للأيدي والشهادة للأرجل؟ نقول: لأن جمهرة الأعمال عادة تُسند إلى الأيدي حتى لو كان المشي وسيلة العمل وطالما أن الأيدي تتكلم فكأنها أصبحتْ مُدَّعية تحتاج إلى شاهد فتشهد الأرجل.
أما مسألة: كيف تنطق الأيدي فالذي أنطق اللسان وهو قطعة من لحم ودم قادر على أنْ يُنْطِق باقي الأعضاء الأيدي أو غيرها وما دام الفعلُ لله تعالى فلا داعيَ للسؤال عن الكيفية ثم إن الأيدي بها من الأعصاب أكثر مما بأعضاء الكلام.
وقوله تعالى: {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65] ولم يقُلْ: بما كانوا يعملون لأن هناك فرقاً بين إنسان يُقبل على المعصية لكنه لا يفرح بها بل يندم عليها ويعاقب نفسه على ارتكابها وآخر يعتبر ارتكاب المعصية مكسباً فيفرح بها ويتحدث عنها ويتباهى بارتكابها.
ومن حيث التحقيق اللغوي لمادة (كسب) فإن هذا الفعل يأتي مجرداً (كسب) ويدل على الربح في البيع والشراء وعلى العمل يأتي من الإنسان طبيعياً لا تكلُّفَ فيه ولا افتعال وغالباً ما يُستخدم في الخير.
ويأتي هذا الفعل مزيداً بالهمزة والتاء (اكتسب) ويدل على الافتعال والتكلّف وتُستخدم هذه الصيغة في الإثم وأوضحنا هذه المسألة فقلنا: إن الإنسان حين يفعل الخير يأتي الفعلُ منه طبيعياً تلقائياً أما الشر فيتلصص له ويحتال ذلك لأن الخير هَيِّن ليِّن سهل مقبول أما الإثم فشَاقٌّ مخجل.
أنت حين تجلس مثلاً بين أهلك ترى زوجك أو بناتك أو عمتك أو خالتك.. الخ وفيهن الجميلات والحسان وأنت تنظر إليهن جميعاً دون تكلُّف ودون خجل لأنه أمر طبيعي أنا مع غير المحارم ومع مَنْ يحرم عليك النظر إليهن فإنك تسرق النظرة وتحتال لها حتى لا ينكشف أمرك ولا يطلع أحد على نقيصتك.
فإذا جاءت كسب محل اكتسب فاعلم أن صاحب المعصية ومرتكب الإثم قد تعوَّد عليه وألِفه حتى أنه يفعله كأمر طبيعي فلا يخفيه ولا يستحي منه بل يجاهر به فَعَدّ الاكتساب في حقه كسباً كما في هذه الآية:
{وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65].
المصدر: تفسير القرآن عن الشيخ الشعراوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.