فاجعة وادي الحراش أدمت القلوب    وزيرة الرقمنة تزور المصابين بمستشفى زميرلي    السلام في الشرق الأوسط مرهون بوقف إبادة الشعب الفلسطيني    تسريع وتيرة تجسيد الخط الاختراقي الجزائر- تمنراست    251 شهيد جراء المجاعة في قطاع غزة    ترامب يدعو إلى اتفاق سلام لاحتواء الأزمة الأوكرانية    رئيسة البعثة الأممية تستعرض جهود الوصول لانتخابات تحظى بالقبول    المنتخب الوطني يحل بنيروبي تحسّبا لمواجهة النيجر    سحب الحافلات المتهالكة من الحظيرة الوطنية    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    شروط صارمة لضمان إقامة لائقة للحجّاج الجزائريين    العدوان الصهيوني : 112 طفلا يدخلون دائرة سوء التغذية يوميا في قطاع غزة    الأمم المتحدة ترحب ب "الحوار البناء" خلال قمة ترامب وبوتين بألاسكا    عطاف يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره المصري    شرط واحد يقرب بنفيكا البرتغالي من ضم عمورة    انتقادات هولندية لزروقي قبل تربص "الخضر"    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش : وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور المصابين بمستشفى زميرلي    حمامات العرائس بين عبق الماضي وفخامة الحاضر    141 محطة اتصالات لتغطية "مناطق الظل" والشواطئ    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: سايحي يقف على الوضعية الصحية للمصابين    تلمسان: مساع حثيثة لتحسين التزود بالمياه الصالحة للشرب وترشيد استهلاكها    سهرات متنوعة تُمتع العائلات    بوزيد يخلد فانون في طابع بريدي جديد    فوز "متشردة ميتافيزيقية" لنعيمة شام لبي    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    جنوب افريقيا تجدد موقفها الثابت الداعم للقضية الصحراوية في كل المحافل القارية والدولية    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    مهنيون يُعبّرون عن ارتياحهم لقرار الرئيس    تحسيس آلاف الأطفال في المخيمات الصيفية    تكثيف الرقابة في الأسواق    أسبوع رعب في الجزائر!    بوقرة: هدفنا التتويج    الخضر يتعثّرون.. ولا بديل عن هزم النيجر    هذا موعد مسابقة بريد الجزائر    زيد الخير يلتقي المصلح    مدن مغربية تنتفض..    هذا جديد مسابقة مساعدي التمريض    تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات    31 دولة عربية وإسلامية تدين بأشدّ العبارات تصريحات ما يسمى رئيس وزراء الكيان بشأن "وهم" "إسرائيل الكبرى"    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    مشاريع واعدة للربط بالألياف البصرية ومحطات الهاتف النقال    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    صناعة السيارات: تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 اغسطس    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلفور وحكاية القاعدة الثقافية
نشر في أخبار اليوم يوم 14 - 11 - 2017


بقلم: أحمد جميل عزم
يحتوي كتاب جوزيف ماري نايجل جيفرس فلسطين الحقيقة: القصة الخفية لإعلان بلفور 1917 - 1938 الذي صدر عام 1939 في لندن وأعيد إصداره هذا العام تفاصيل دقيقة ومهمة أحاطت بإطلاق هذا الإعلان من قبل وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور على مستويات عدّة بدءا ممّا كان يجول في نفس وخاطر من صنعوا تلك المرحلة وصولا للتفاصيل السياسية. رغم ذلك فإنّ حقيقة كيف صنعت وسوّقت الفكرة الإسرائيلية ما تزال تحتاج الكثير من التفكير والمراجعة وليس توثيق الأحداث فقط.
يوجد في واجهة إعلان بلفور شخصان الأول هو بلفور والثاني الثري اليهودي المصرفي البريطاني اللورد روتشيلد. لكنّ هناك شخصين عملا في الظل يمكن اعتبارهما الشخصين التنفيذيين اللذين أدارا الوصول للوعد وبعد ذلك تنفيذه هما حاييم وايزمان والبريطاني الصهيوني هربرت صموئيل وتعاونا على إطلاق فكرة دولة إسرائيلية قاعدة ثقافية .
كان وايزيمان شابا بولنديا يهوديا درس في ألمانيا وسويسرا ونشط في البلدين ضمن الحركة الصهيونية. وصل عام 1904 مدينة مانشستر البريطانية وسرعان ما أصبح قياديا في المجتمع اليهودي الكبير نسبيا في المدينة. وكان يحمل الدكتوراة في الكيمياء وعمل في جامعة المدينة ما أعطاه مكانة مهمة. ولكنه لم يكن وهو في نحو سن الثلاثين يتقن الإنجليزية ما صعّب عليه الدخول للنخب البريطانية في البداية.
بالتزامن مع وصول وايزمان تقريبا كان بلفور يشغل منصب رئيس الوزراء واقترح على اليهود تأسيس دولة في شرق إفريقيا ولكنهم لم يستجيبوا للاقتراح وعاملوه بتجاهل أغضبه وأخيرا نسّق سياسي بريطاني لقاء مع وايزمان نحو العام 1906. كان بلفور قد خسر الانتخابات التي خاضها في مانشستر ذاتها وكان يحتاج يهود المدينة ليعود للسياسة وكان وايزمان النجم الصاعد بينهم. ويصف وايزمان حالته (كما في كتاب جيفرس) بأنّه كان يرشح دما كالعرق (بسبب ضعفه باللغة الإنجيلزية). وأخيرا اهتدى لعبارة تسعفه سأله: سيد بلفور هل تقبل باريس بدلا من لندن ؟ استغرب بلفور وسأله ولكن لندن لنا فرد عليه وايزمان والقدس كانت لنا عندما كانت لندن مستنقعا. وبحسب رواية بلفور أقنعته العبارة ولكن بحسب قواعد السياسية لا قيمة لمثل هذه العبارات فالمصالح هي الأساس وهنا سيأتي دور هربرت صموئيل.
انقطعت علاقة الرجلين ثمانية أعوام حتى التقيا في حفل عشاء في الأشهر الأولى من الحرب العالمية الأولى في بيت الليدي أستور أول امرأة عضو في البرلمان البريطاني وكان بلفور قد عاد لتوه وزيرا للخارجية. وبحسب المشهد انتحيا جانبا وغرقا في حديث أنساهما ما حولهما. وسأل وايزمان عمّا يمكن لبلفور فعله لمساعدة الصهاينة فأجابه الأخير أن لا شيء ممكن فعله والمدافع تطلق النيران. بدا وايزمان نيابة عن الحركة الصهيونية أنه كمن يبذر شيئا لذلك ذهب إلى فرنسا سريعا وهناك تحدث وايزمان عن الأساس الثقافي الذي يسمح لليهود أن يوجدوا دولة يهودية في فلسطين وذهب لمصر لمقابلة الجنود اليهود في الجيش البريطاني.
كان البريطاني الآخر الذي آمن بالفكرة أو استخدمها يهوديا أيضا شغل منصب وزير الداخلية عام 1916 زعم أنّه يعمل للمصلحة البريطانية وبدأ يطوف الدوائر البريطانية يخبرها أنّ فلسطين يمكن أن تصبح مركز ثقافة جديدة . هو هربرت صموئيل وكان يعلم أنّ فكرة إقامة دولة لليهود غير عملية كما قال وهم أقلية صغيرة في فلسطين وبدأ يتحدث عن كيفية الهجرة اليهودية وبناء الظروف لذلك. وكيف أنّ مركزا ثقافيا في فلسطين قريبا من مصر (التي كانت تحت الحكم الإنجليزي) سيؤدي لدعم الولاء لبريطانيا في المنطقة.
هكذا بيعت إلى حد كبير فكرة القاعدة الثقافية لليهود في فلسطين نيابة عن الغرب. لكن في الواقع هذه الفكرة تتناقض إلى حد ما مع فكرة استعمارية أخرى هي تأسيس قناة السويس لتكون طريقا تجاريا بين الشرق والغرب. ففكرة الدولة الإسرائيلية كما وُصِفَت قبل نحو مائة عام من قبل الصهاينة كقاعدة ثقافية تفصل الشرق عن الغرب تقطع طرق التجارة بدل تسهيلها.
ربما واحد من النقاط التي يجدر طرحها بعد مائة عام من وعد بلفور هي: ماذا كان سيكسب العالم والغرب لو لم تقم الدولة الإسرائيلية ولو لم يجرِ تبني فكرة القاعدة الثقافية ؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.