الإطار التربوي المتقاعد خميس منصور: مشوار طويل مع الصبورة وحنين إلى المهنة النبيلة
تقاعد الشيخ خميس منصور الإطار التربوي إبن مدينة تيبازة بعد 32 سنة من العطاء ومداعبة الصبورة والوقوف فوق المصطبة وتوسط ساحات المدارس لرفع الراية الوطنية عبر مختلف المؤسسات التربوية وما يزال الحنين يراوده للمهنة الرسالة كما يصفها ويفضل تسميتها. حنين وشوق يعود الشيخ منصور في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للمعلم المصادف ل5 أكتوبر من كل سنة بكثير من الحنين والشوق لمسار مهني ثري كانت بدايته سنة 1981 وانتهى عام 2017 عاش خلالها نجاحات وأحلام وانتكاسات وهواجس لكنه ظل وفيا للطبشور ومحتفظا في ذهنه ووجدانه ب نبل الرسالة التي أداها والمهنة التي التحق بها عن قناعة وغير نادم عن ذلك الخيار. خلافا للكثير من أترابه بمدينة تيبازة الذين خاضوا مسارا مهنيا في السياحة أو ركوب أمواج البحر لصيد السمك بحكم طابع المنطقة إختار الشيخ خميس منصور الوقوف فوق المصطبة ومداعبة الطبشور وهي الأوقات التي جعلت منه يعيش طيلة حياته في فخر واعتزاز بالانتماء لهذه المهنة الشريفة. افتخار بنجاح تلاميذه ويبقى الشعور بالفخر والاعتزاز يراود محدثنا ويعيشه يوميا بين أزقة وشوارع مدينة تيبازة كلما خرج والتقى بأجيال من الإطارات التي تتلمذت على يده منهم الطبيب وطبيب الأسنان والمهندس والطيار الإداري والمحامي والشرطي والمعلم والأستاذ وهو الإحساس الذي لا يقدر بثمن يقول الشيخ منصور. وبصدق وإخلاص يتحدث الشيخ منصور الذي يشهد له الجميع بمدينة تيبازة بنبل أخلاقه وتفانيه يروي عن ظروف التحاقه بسلك التعليم قائلا أنه لم يكن من باب الصدفة أو بحثا عن منصب عمل بقدر ما كان قدره ومصيره وحلمه الذي تعلق به منذ صغره . نكسة البكالوريا.. طريق لتحقيق حلم التعليم بزغ تعلق معلم الأجيال بمهنة التعليم وبدأ يكبر وهو في سن مبكرة حيث لم يكن عمره يتجاوز 10 سنوات عندما إلتحق شقيقه الأكبر بقطاع التربية فكانت بداية صناعة الحلم كما وصفه الشيخ منصور. ببساطة صورة شقيقي البكر المثال والقدوة وهو حامل للمحفظة بصدد الإلتحاق بالمدرسة يرتجل بخطوات ثابتة والجميع ينظر إليه باحترام لطالما نظرت إليه بنظرة المعجب والشغوف لتلك المهنة فكانت الإنطلاقة يقول السيد منصور. في سنة 1981 كانت البداية لولوج عالم التعليم والتربية حينها كان الشيخ منصور تلميذا في الصف الثالث بثانوية الزيانية بشرشال شعبة علوم مزدوج حيث منحت له فرصة العمل كتلميذ مراقب بداخلية المؤسسة بحكم انضباطه وجديته الظاهرة عليه. عمله ك تلميذ مراقب بثانوية الزيانية شكلت بالنسبة له فرصة للإلتحاق بالتعليم فكانت البداية والنافذة التي جعلت منه معلم لغة عربية إبتدائية قبل أن يترقي في مختلف المناصب وتقاعد بصفته مديرا بعد 32 سنة من العطاء والتفاني. نكسة البكالوريا بحكم أن ميوله كان للعلوم الإنسانية في حين أنه كان في الصف الثالث ثانوي شعبة علوم مزدوج أيضا شكلت عاملا حاسما في تقرير مساره واختيار قدره رغم أن العروض المهنية والإغراءات في قطاعات أخرى كانت تسيل لعاب الشباب أمثاله على حد وصفه. وبعد تجاوز الصدمة والاستيقاظ من النكسة قرر تحقيق طموحه وأحلامه حيث توجه دون تفكير للمعهد التكنولوجي للتربية ابن الجوزي بمدينة بوفاريك (البليدة) خلال الموسم التكويني 81 /82 قبل أن يلحتق بمدرسة الشعيبة في أول تعيين له وهو الموقف الذي يتذكره الشيخ منصور بجوارحه ويتذكر يوم الدخول المدرسي لموسم 1983/ 1984 كيف كان أول من التحق بمدرسة محمد بوجمعة بأعالي تيبازة بعد حاجب المؤسسة الذي استقبله. وتذكر محدثنا كيف كان حاملا للمحفظة ليعيد في مخيلته إحياء ذكرى مظهر شقيقه البكر يزيد الذي لم تشأ الأقدار أن يواصل مشواره في سلك التربية كما يستعيد كيف حظر مراسيم رفع الراية الوطنية وتسوية صفوف التلاميذ قبل التحاقهم بالأقسام وهي ذكرى لن ينساها كما قال. ومنذ ذلك اليوم ظل الشيخ منصور طيلة مشواره المهني منضبطا وجديا في أداء مهامه وظل وفيا لرفع الراية الوطنية صباحا وإنزالها مساء على أنغام النشيد الوطني قسما لم يتغيب يوما على الموعد انضباطه جعل ملفه المهني ورقة بيضاء خالية من العقوبات أو التنبيهات أو الإنذارات أو حتى الغيابات التي تكاد تكون نادرة طيلة المشوار. يقول في شهادته زميله مفتش التربية الجيلالي بن يحيى ويتفق -- يتابع المفتش بن يحيى في شهادته عن الرجل -- كل من تتلمذ على يد الإطار التربوي المتقاعد الشيخ منصور أو درس معه أو عمل تحت مسؤوليته يشهد على انضباطه العالي وجديته النادرة في تأدية مهامه طيلة مشواره المهني كمعلم أو مدير أو مكون واصفا تقاعده المبكر سنة 2017 بالخسارة لقطاع التربية بتيبازة. وأضاف المفتش بن يحيى أن الشيخ منصور دائما ما كان يعتبر مهنة التعليم بالرسالة النبيلة التي يتوجب على المربي تأديتها بإخلاص وتفان وحنين وإنضباط وبجدية وبروح مسؤولية عالية لذلك قرر التقاعد فور بلوغه السن القانونية وفضل الركون للراحة والإحتفاظ بتلك الذكريات وأجواء تحضير الإمتحانات وتحضير الإحتفالات على غرار يوم العلم والمشاركة في المنافسات الرياضية والفكرية والثقافية بين المؤسسات التربوية بولاية تيبازة.