المتحف الوطني للمجاهد: ندوة تاريخية إحياء لرموز الكفاح الوطني ضد الاستعمار الغاشم    الاحتلال المغربي يسخر ترسانته الإعلامية لتجسيد عقيدته الاستعمارية    جيجل: إعادة فتح حركة المرور بجسر وادي كيسير بعد إصلاحه    وزير الداخلية يشرف بالبويرة على مناورة دولية للحماية المدنية    يخترع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع .. هنية يتهم نتنياهو ب"تخريب جهود الهدنة"    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: 21 فيلما قصيرا يتنافس على جائزة "السنبلة الذهبية"    بموجب مرسوم تنفيذي : إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: ميدالية برونزية للمصارعة الجزائرية أمينة بلقاضي    سكن: تحضيرات عدل 3 جد متقدمة وبرنامج جديد للسكن الترقوي العمومي    "معركة الجزائر" تشحذ همم الطلبة الأمريكيين للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة    توقيع 7 مذكرات تفاهم بين متعاملين اقتصاديين جزائريين وموريتانيين في نواكشوط    القمة ال15 لمنظمة التعاون الاسلامي ببانجول : الوزير الأول يلتقي برئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي    بعد إعلان إصابتها بالسرطان: رئيس الجمهورية يعلن تكفل الدولة بعلاج الفنانة بهية راشدي في الخارج    بلمهدي يشرف على يوم تكويني لفائدة المرشدين الدينيين المعنيين ببعثة حج 2024    التوعية بمخاطر الأنترنت تتطلب إدراك أبعادها    المرافقة النفسية لعدم العودة إلى الإجرام    السيد بلمهدي يشرف على يوم تكويني لفائدة المرشدين الدينيين المعنيين ببعثة حج 2024    يوم برلماني غدا الاثنين حول "واقع سياسة التشغيل في الجزائر"    النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية خلال أشغال القمة الإسلامية (15) لمنظمة التعاون الإسلامي    مظاهرات حاشدة في عواصم عالمية تنديدا بالعدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    الصحة العالمية: هجوم الكيان الصهيوني على رفح قد يؤدي إلى "حمام دم"    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    هذه توجيهات وزير المالية للبنوك..    بطولة إفريقيا للسباحة المفتوحة أنغولا-2024: الجزائر تحصد 6 ميداليات من بينها 3 ذهبيات    مركز عربي إفريقي يُكرّم تبّون    بلمهدي: توفير قرابة 2000 سكن وظيفي للائمة قريبا    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ينوه بنتائج الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مباشرتها    البكالوريا.. العدّ التنازلي    ميلة: قافلة طبية لعلاج المرضى بسيدي مروان    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    التذاكر بأسعار تنافسية للمغتربين التزاما بتعليمات رئيس الجمهورية    الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    الإعلام والمساجد لمواجهة خطر الوسائط الاجتماعية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    4 شعب تتصدر النشاط وهذه هي "وصفة" تطوير الإنتاج    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشدي فكار فيلسوف الحضارة!


بقلم: عبد الباقي صلاي*
العلماء مصابيح الدنيا كما جاء في الأثر كما يعتبرون البَدّةَ التي بفضلها تتقوى الأمة وتتحدى صلف القوى الأخرى فبنور علمهم تنهض الأمم وترقى وتتقدم الصفوف الأولى وتسيطر على ناصية الحضارة والتكنولوجيا وما ارتقت الأمم عبر التاريخ الإنساني إلا بفضل جهود علمائها وبفضل زبدة ما قدموه من علم وفكر مستنير.والحضارة الإسلامية ما بلغت الذي بلغته وما عمرت أكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان إلا بفضل علم علمائها ولم تتراجع عن قيادة العالم إلا عندما انحسر العلم وتخلف العلماء عن تشكيل الواقع كما يتوجب أن يكون وفق النمطية الحضارية المطلوبة.
لكن ورغم الذي حدث للحضارة الإسلامية من رجة عنيفة أسقطتها من عليائها بيد أن الأمة نفسها لم تعقر يوما أن تلد من رحم معاناتها من استولى على نفسه وكيانه همُّ فجيعة سقوط الخلافة الإسلامية كما أخذ على نفسه عاتق بناء ما تهدم وإنارة الطريق بعد أن سادتها الظلمة من كل الجنبات.
ويعد المفكر الإسلامي رشدي فكار رحمه الله من أبرز علماء الإسلام في القرن العشرين الذين جالوا بأبصارهم في زوايا الفكر ونقبوا وبحثوا في الإجابة عن السؤال الذي ما تزال تجمع عليه الأمة قاطبة لماذا تخلف المسلم فيما تقدم غيره كما يعد من المفكرين المسلمين القلائل الذين عايشوا الحضارة الغربية وسبروا أغوارها من الداخل وتخصصوا في فكرها وعلومها لفترة تزيد على ربع قرن من الزمان ففهم بذلك مكمن سر تخلف المسلمين ومكمن سر تضعضهم في جوانب عدة.
يقول رشدي فكار: في البداية هنالك جانب معنوي لتخلف المسلمين في هذا العصر وأعتقد أن البناء الذهني والبناء الأخلاقي غالبا ما يشكل أرضية البناء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ولا أعتقد كثيرا في جدية أن العامل المادي هو الذي يملي على الإنسان السلوك العملاق .ودائما في نفس السياق يواصل رشدي فكار: وحقيقة الأمر أن سر تخلف المسلم أنه في قطيعة مع الإسلام غاب عنه النص واحتفظ بمجرد العنوان غاب عنه جوهر أكمل الرسالات وأصبح يردد الشعارات ويزعم أنه خير من يمثل الإسلام بهذه الشعائر برغم أن ممارسات حياته وسلوكه كثيرا ما تتعارض مع تعاليم الإسلام والله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ولم يقل يا أيها الكافرون.فالإسلام يطلب من المسلم أن يكون واضحا حتى في خطئه ويعلن التوبة ويطلب المغفرة والرحمة نوع من المحاكمة العلنية الرائعة .
ولا يقف رشدي فكار عند حدود تشخيص المرض وإنما يطرح رؤية لاستعادة البناء الحضاري ويركز في هذا الاتجاه على مرحلة التعليم الأولى في حياة أي طفل ويرى أنها من أخطر المراحل التي يجب أن ننتبه إليها وعلى هذا فهو يدعو إلى تحريم إطلاع الطفل المسلم على أي انتماء آخر غير الانتماء الإسلامي حتى الثانية عشرة من عمره كما تفعل ذلك الأمم الأخرى مع أطفالها بعدها يبدأ الانفتاح على ثقافات العالم فمنطلق رشدي فكّار في بناء القاعدة الحضارية الإسلامية يجب أن ينطلق من الاهتمام بالطفل بادئ ذي بدء لأن الطفل بمثابة المادة الخام الأولية التي منها يكون أول البناء للجدار الإسلامي ثم تأتي بعد ذلك إعادة صياغة شخصية المسلم المعاصر وفق المنهج الرباني القويم وإعداد نسق تربوى سليم غير مهلهل يؤمن له أن يتصدر في عصره ويستحوذ على وسائل العصر فالإنسان المسلم كما يؤكد رشدي فكار يعانى هذه الأيام من سوء توظيف لقدراته وممتلكاته وأنه يمكن أن يتخطى الوعكة الحضارية التى يمر بها الآن لو نجح في تجاوز عملية سوء التوظيف هذه.
وفي ذات السياق يحذر رشدي فكار من المغالطات التي يريد الكثيرون من الضفة الأخرى أن ينثروها في عقل المسلمين عن الحضارة الغربية التي حسبه ترتكز على قدرات ثلاث هي: الأسس العلمية والتطبيق الصناعي والمعرفة التكنولوجية ومن هذه المغالطات أن الحضارة الغربية حضارة عصية على الالتحاق بها وهذا في حد ذاته جزء من الفشل الذي يجب التحذير منه كما يؤكد رشدي فكار: إنه لمن الخطأ أن ينظر إلى هذه الحضارة على أنها خارقة وشاذة ومتميزة إلى غير ذلك من النعوت التي سعى البعض إلى النفخ فيها وتضخيمها تيئيسا للآخرين حتى يخامرهم القنوط وتضعف فيهم الهمم فيتقبلون بقناعة سيادة الغرب التي لا تقهر وصولجانه الذي لا تحده حدود حضارة الغرب ليست معجزة وإنما هي مرحلة من مراحل تاريخ الإنسانية نعبرها اليوم للأسف في موقع المسود لا السائد بعد أن كنا وخلال ما يقرب من ألف عام محورا رئيسيا من محاور الكون ومصدرا أساسيا من مصادر إشراق الإنسانية وإشعاعها.
رشدي فكار يرفض غلبة الحضارة الغربية ليس لكونها حضارة غير موجودة كأمر واقع فهذا أمر مسلم به ولا أحد يستطيع أن يماري في أنها أي- الحضارة الغربية- تمثل قوة مادية وتكنولوجية لا تضاهيها قوة لكن يرفض الشق الآخر من الغلبة كما سبق وأشرنا إليه كون هذه الحضارة تمثل المبتدأ والمنتهى في كل شيئ كما نظر لذلك فوكوياما من خلال نظريته المعروفة نهاية التاريخ ويرى رشدي فكار أنه يمكن تجاوز تلك العملية وتخطي الوعكة الحضارية وهي ليست مستحيلة لأن لدى المسلم من المبادئ الخالدة التى تجعله متعادلاً ومتوازناً مع ذاته خاصة تلك التى ركزت على النفس البشرية وجعلت لها الأولوية على الجسد وظهر هذا واضحاً في حديث القرآن الكريم عنهما فكرر (النفس) عشرات المرات بينما ذكر (الجسد) مرتين فقط من باب الأولويات فعلى المسلم أن يعي هذا ويعطى للنفس ما تستحق من الأهمية خاصة وأن الآخرين ركزوا على الجسد واسترخائه.
إن المشروع الحضاري الإسلامي في مجمله لدى رشدي فكار هو إعطاء الأولوية القصوى للإنسان ذاته لأن الإنسان هو الذي يبني الحضارة وهو الذي يهدمها في نهاية المطاف مبرهنا على أن الإسلام استطاع أن يعبر القرون معتمداً أساساً على إنسانية هذا الإنسان المؤمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.