تحول الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة التي لا تفصلنا عنها إلا ساعات قليلة، إلى موضوع مثير للجدل بين الجزائريين، الذين انقسموا إلى معارض ومؤيد لمناسبة مميزة يعتبرونها فرصة للفرح وآخرون يعتبرونها مجرد تقليد أعمى للغرب. دفعنا التراجع الملحوظ في لجوء الجزائريين إلى الاحتفال بالسنة الجديدة إلى البحث وراء الأسباب الخفية التي تقف وراء هذه الظاهرة، وخلال جولتنا الميدانية في شوارع العاصمة قابلتنا الحاجة زهيدة من حي بلوزداد والتي أكدت لنا بأنها تحتفل بالسنة الجديدة والتي تعتبرها فرصة لا تعوض للم شمل الأسرة، حيث قالت: (يقوم الناس بالعديد من التحضيرات بدايتها تكون بالخروج أياما قبل رأس السنة، فنذهب للسوق بحيث نشتري أشياء جديدة للمنزل كالأواني وشراء ملابس جديدة لاستقبال العام الجديد بكل صفاء ونقاء، كما تقوم ربات البيوت بصناعة بعض الحلويات وتنظيف كامل البيت وتعطيره بماء الزهر والحبق، كما يعمل الرجال على تنقية الأحياء من الأوساخ وأينما مررت تجد الناس والجيران يتبادلون التهاني والأمنيات بعام مليء بالفرح، وفي ليلة رأس العام تحضر النسوة المأكولات المتنوعة واللذيذة كالرشتة والطعام والشخشوخة.. حملات لمقاطعة الاحتفال برأس السنة على الفايسبوك تركنا الحاجة زليخة في حي بلوزداد تقتني حاجياتها المتنوعة لاستقبال السنة وفق الطقوس التي اعتادت عليها، وللإشارة فإن التطور الحاصل في مختلف المجالات ترك أثرا على الاحتفال بالسنة الجديدة لدى الجزائريين، وهذا ما وجدناه على الشبكة العنكبوتية، فلقد قادت مجموعات من الشباب على صفحات الفايسبوك حملة كبيرة من أجل التحذير من خطر التقليد في الاحتفال بالسنة الجديدة لدى المسلمين، وقد لاقت هذه المجموعات على الفايسبوك إقبالا معتبرا من الشباب خاصة منهم الجزائريين، وهذا ما لاحظناه من خلال تعليقاتهم التي تركوها كبصمة واضحة على رفضهم للتقليد الأعمى للغرب في هذه السنة. وللإشارة فإن البعض يرجع هذا التراجع في الاحتفال بالسنة الميلادية إلى أثر الربيع العربي، بحيث تركت الثورات العربية بصمتها على تفكير الشباب، وجعلتهم يفهمون حقيقية الغرب وتأثيره السلبي عليهم طيلة السنوات الماضية، كما أن المآسي التي تعيشها بعض الشعوب العربية المسلمة كسوريا وفلسطين كان لها دور هام في تراجع نسبة الاحتفال لدى معظم الشباب.. فمجمل الصفحات على الفايسبوك والتي تقود حملة ضد الاحتفال بالسنة الملادية، فإن أعضاءها ومؤسسيها أغلبهم من شباب كل من مصر وتونس، فالثورات العربية تركت أثرها بشكل واضح على وعي الشباب خاصة في تقليد الغرب في أشياء لا نفع لها.. وللإشارة فإنه وخلال جولتنا بشوارع العاصمة نهاية هذا الأسبوع، خاصة الرئيسية منها كالأبيار والعربي بن مهيدي وديدوش مراد، وجدنا أن مظاهر الاحتفال تطبع هذه الأمكنة، فلقد تزينت محلات الحلويات بأبهى حلة لتجذب أكبر عدد من الزبائن الذين اعتادوا اقتناء الحلويات خلال هذه المناسبة، وحتى بعض المحلات المختصة بيع الأشياء التقليدية واكبت هي الأخرى هذه المناسبة بعرض تخفيضات هامة على بعض الهدايا، وحتى الباعة الفوضويين بسوق ميسوني وسط العاصمة كانوا مع المناسبة كالعادة من خلال عرضهم لأنواع مختلفة من الشوكولاطة وبعض الحلويات.. وفي هذا الإطار أكد الشيخ موسى إسماعيل وهو أستاذ بجامعة العلوم الإسلامية، وفي رده على إحدى النساء التي سألته عن حكم الاحتفال بالسنة الجديدة، خاصة أنها تعتبرها مجرد مناسبة للفرح تجتمع فيها الأسرة للاحتفال بدون أية خلفية دينية، رد الأستاذ عليها بأن الاحتفال في حد ذاته لم يظهر بين الشعب الجزائري إلا منذ سنوات، فلم يكن له وجود بين الشعوب المسلمة منذ ال 100 سنة الماضية، فإذا تراخت الأمة في هذا الشأن واحتفلت الأسر بدعوى أنها مجرد فرصة للفرح، فسنكون بعد سنوات قليلة أمام شعب بأكمله يحتفل بالسنة الميلادية الخاصة بالنصارى أمام اجتماع العائلة والفرح، فإن المسلمين حسب نفس المتحدث لهم العديد من المناسبات التي أحلها الله ورسوله من أجل الفرح كالأعياد، ولنا سنة نحن كذلك نحتفل بدخولها وهي أرقى وأهم من السنة الميلادية بكثير..