كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024:سيدات "الخضر" يستعدن لمواجهة غانا في ربع النهائي    ألعاب القوى/جائزة بريشيا الكبرى (800 م):الجزائري محمد علي غواند يحقق رقم قياسيا شخصيا جديدا    تستضيفها دول كينيا وأوغندا وتنزانيا بين 2 و30 أوت القادم.. الكاف يستنجد ب5 حكام جزائريين لإدارة مباريات "الشان"    وزارة الداخلية : مدعوون إلى التبليغ الفوري عن نشوب الحرائق    الطبعة السادسة لمعرض الكتاب بوهران تختتم مساء اليوم    بعنوان "بيوتر تشايكوفسكي موسيقى تتخطى الحدود"..حفل سيمفوني استثنائي بأوبرا الجزائر الخميس القادم    أفشوا السلام بينكم    فتاوى : اشتراط الشريك على شريكه أن يقرضه مالا    بحلول عام 2030..أهمية الوقاية وتعزيز التكفل الطبي للقضاء على التهاب الكبد الفيروسي    الجمعية العامة لبنك "شيلتر إفريقيا" بالجزائر : دعوات لبعث صناعة إفريقية حقيقية لمواد البناء وتعزيز التصدير البيني    أمن ولاية الجزائر : حجز أزيد من 12 كلغ من الكيف المعالج    توسعة مصنع "فيات" بوهران..الانتهاء من تركيب تجهيزات وحدتي التلحيم والطلاء    طالب بضرورة محاسبة المحتل الاسرائيلي على جرائم الإبادة..مقرمان يرافع لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة    جثمان الفنان مدني نعمون يوارى الثرى بمقبرة قاريدي بالعاصمة    جثمان الإعلامي علي ذراع يوارى الثرى بمقبرة سيدي يحيى بالعاصمة    وزير العلوم والتكنولوجيا والابتكار لجنوب إفريقيا يشيد بمستوى الجامعات الجزائرية    الجزائر – زيمبابوي : إنشاء مجلس أعمال مشترك بين سيعزز التعاون الثنائي    وفاة الصحفي والروائي والناقد السينمائي جمال الدين مرداسي    وزير العدل يؤكد حرص الجزائر الدائم على تحيين تشريعاتها لمواكبة المستجدات الوطنية والدولية    الجزائر العاصمة: افتتاح خط جديد بين بواسماعيل و بن عكنون    كيك بوكسينغ : انطلاق البطولة الوطنية للوكيك بمشاركة حوالي 800 مصارع ببواسماعيل    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 58573 شهيدا و139607 مصابين    مزيان وزروفي يشرفان على افتتاح ندوة تكوينية حول الجيل الخامس(5G)    معسكر: المجاهد سعيد اسطمبولي في ذمة الله    وزير العدل يدشّن محكمتين جديدتين بالمدية ويعلن تسهيلات جديدة للجالية الجزائرية بالخارج    في اليوم الوطني للطفل: الجزائر تُحيي الذكرى العاشرة لقانون حماية الطفل وتُطلق جائزة وطنية للابتكار المدرسي    سوناطراك: مشروع غورد الباقل يعزز الإنتاج الغازي بنسبة إنجاز تفوق 80%    موجة حر شديدة وأمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن يومي الأربعاء والخميس    ممثلة المنظمة الدولية للهجرة تشيد بجهود الجزائر للتكفل باللاجئين    فلسطين: توقف آلية إدخال المساعدات إلى غزة و6 آلاف شاحنة عالقة على الحدود    هذه رسالة فان بيرسي لحاج موسى    مترو الجزائر يواصل التمدّد    اعتماد المقاربة بالكفاءات بشكل كامل خلال الدخول المقبل    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    ما بعد صهيونية الإبادة: مصيدة اليهودي العاقّ    المخزن يفتح أبواب المغرب للصهاينة!    مستوى لا مثيل له    ضرورة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية في الجزائر و إفريقيا    معرض لأعمال ديني    إطلاق الفرع المحلي لمشروع كليم-قوف2    رقم قياسي للاستهلاك الكهرباء بالجزائر    الجزائر أسست لمشاريع استراتيجية كبرى تكرس التكامل الإفريقي "    استعراض فرص إطلاق مشاريع استثمارية استراتيجية طويلة المدى    5شهداء وعدد من المفقودين تحت الأنقاض    من سطورة إلى "المارينا".. ليالٍ حالمة في روسيكادا    ساحة التوت.. هنا يلتقي الواقع بالأسطورة    مطار الجزائر يوظف مضيفات استعلام    عنابة تسحر البولونيين    نحو تثمين النفايات وتحويلها إلى طاقة بقسنطينة وسطيف    أيمن بوقرة أول المستقدمين    حديث عن مغادرة عمراني للعارضة الفنية    غياب بلايلي عن الترجي يثير الاستفهام    المخزن يكرّس خدمة دوائر المال والنّفوذ    بلادنا تضم قراب نصف مصانع إنتاج الأدوية بإفريقيا    إصلاح شامل للاستعجالات الطبية قريبا    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    وضع حجر أساس مشروع إنجاز وحدة لإنتاج المادة الأولية لصناعة الأدوية المضادة للسرطان بسطيف    فضائل ذهبية للحياء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء: القضاء في الإسلام حصن كرامة الإنسان
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 01 - 2013

وضع الإسلام الحنيف ضوابط وقيماً وقواعد تصون القضاء من الأهواء والضغوط، وتجعله ميزانا للعدالة يضمن لكل ذي حق حقه، ويصون لكل فرد دمه وماله وعرضه، وتجعله أيضاً الحكم الفصل في إظهار الحقوق وضمانها لأصحابها، وأكثر ما تميزت به المؤسسة القضائية في الحضارة الإسلامية أنها جعلت العدل غايتها في التعامل مع كل من يقف أمامها.
رسَّخت الشريعة مبدأ العدل الإلهي بين البشر في تعاملاتهم، ولم تفرق بين المتخاصمين على أساس الجنس أو اللون أو الدين، وكان للقاضي مكانة مرموقة وكلمة مسموعة في المجتمع الإسلامي في عصوره الأولى إلى درجة أنه كان من حق القضاة أن يُحضروا الخلفاء والولاة إلى مجالسهم فيما يتعلَّق بهم من القضايا والدعاوى والشهادات، وكان الخلفاء يلتزمون بما يأمر به القاضي، وكانت أحكام القضاء محترمة، وتُنفَّذ على أكمل وجه.
أحكام
وعن مكانة القضاء، يقول عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الداعية الإسلامي الدكتور راغب السرجاني: القضاء من أعلى المراتب في الإسلام، وقد ربى الدين الحنيف في القضاة ضرورة مراقبة الله تعالى في كل الأفعال والأقوال، وذلك لأن الابتعاد عن الحق في إنزال الأحكام القضائية جريمة في حق المتخاصمين، وابتعاد عن نهج الله السوي، ولذلك حذَّر الإسلام كل من يتولى القضاء أن يحيف عن الحق، أو يبتعد عن الصواب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ، فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ).
وأشار السرجاني، بحسب (الاتحاد)، إلى أن أكثر ما تميزت به المؤسسة القضائية الإسلامية أنها جعلت العدل وكرامة الإنسان غايتها في التعامل مع كل من يقف أمام مؤسساتها، وقد استقى القضاء الإسلامي هذه القيمة العظيمة من خلال الوحي الرباني الكريم، من مصدريه (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة)، ولذلك فقد روى (أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تعالى في الحديث القدسي أنه قال: (يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا)، ولم يكن تطبيق العدل فيما بين المسلمين وبعضهم فقط، بل أمرنا الله تعالى بضرورة التعامل بالعدل مع من نكرههم ونبغضهم، وهو ما كان جديدا في ساحة التعامل العالمي.
استقلال القضاء
وعن استقلال القضاء وتاريخه في الإسلام أوضح السرجاني أن استقلال القضاء في الإسلام وحريته منذ فترة مبكرة في تاريخ الحضارة الإسلامية، مستشهداً بقصة درع علي بن أبي طالب مع النصراني، حيث قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمقاضاة نصراني في درع له، بعد أن وجد درعه عند رجل نصراني، فأقبل به إلى قاضي يخاصمه، ثم قال: هذا الدرع درعي ولم أبع ولم أَهبه لأحد. فقال القاضي للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب. فالتفت القاضي إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، هل من بينة؟ فضحك علي وقال: أصاب القاضي، ما لي بينة. فقضى به القاضي للنصراني، فأخذه النصراني ومشى خُطى، ثم رجع، فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يُدنيني إلى قاضيه يقضي عليه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين.
وعن القيم في الإسلام قال أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور عبد الفتاح إدريس: جاءت الحضارة الإسلامية بالأخلاق والقيم، ورسخت مبدأ العدل الإلهي بين البشر في تعاملاتهم، ولم تفرق بين المتخاصمين على أساس الجنس أو اللون أو الدين، ونتيجة للاستقلالية التي تمتعت بها مؤسسة القضاء في الإسلام، وجدنا من وقف في وجه مؤسسة الخلافة، ولم تأخذه في أحكامه القضائية لومة لائم، فقد كتب الخليفة المنصور أبو جعفر إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر، فادفعها إلى القائد، فكتب إليه سوارٌ: إن البيِّنة قد قامت عندي أنها للتاجر، فلستُ أُخْرِجها من يده إلا ببينة. فكتب إليه المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى القائد. فكتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجنها من يد التاجر إلا بحق. فلما جاءه الكتاب قال: ملأتُها والله عدلاً، وصار قضاتي تردُّني إلى الحقِّ.
منهج
ويقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور أحمد محمود كريمة: الإسلام منهجٌ متكامل للحياة، فيه العبادة الخالصة، والأخلاق الكريمة، والتشريع الرفيع الذي يضمن لكل ذي حق حقه، ويصون لكل فرد دمه وماله وعرضه، ولما كان القضاء هو المرجع والأساس في فصل المنازعات وإنهاء الخصومات، والحكم الفصل في إظهار الحقوق وضمانها لأصحابها، فقد وضع له الإسلام القواعد والضوابط التي تمنع ذوي النفوس المريضة من التطاول والتسلط، وتحفظ الأمة من العبث والظلم، ويجب على مؤسسات القضاء في عالمنا العربي والإسلامي الالتزام بهذه القواعد والضوابط حتى يكون القضاء ميزان العدالة، وعنده يأخذ كل ذي حق حقه، وتحتم القواعد والضوابط الإسلامية المنظمة للقضاء على القاضي إذا توفرت لديه وسائل الإثبات أو النفي من الحجج الظاهرة أن يقضي بها، وهو مأمور باتباع ما ظهر له من الأدلة، وأن يبذل جهدَه للتعرف على جوانب الدعوى، ويقضي بحسب ما توصَّل إليه اجتهادُه أنه الحق، وظن أنه الصواب من دون أن يتأثر بأي أوضاع أو ظروف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر).
ويضيف: ونظراً لأهمية منصب القضاء في المجتمع الإسلامي، وجدنا العقلاء وأكابر الأمة وعلماءها ينصحون القضاة بنصائح جامعة تضمن لهم تحقيق العدالة والقسط في مجتمعاتهم، فقد نصح عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري عندما ولاَّه قضاء الكوفة، قائلاً: (القضاء فريضة مُحْكَمَةٌ، وسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فافهم إذا أُدْلِيَ إليك، فإنه لا ينفع تَكَلُّمٌ بحقٍّ لا نفاذ له، وآسِ بين الناس في وجهك وعَدْلِك ومجلسك، حتى لا يطمع شريفٌ في حيفك، ولا ييأس ضعيفٌ من عدلك. البيِّنَة على مَنِ ادَّعى، واليمين على مَنْ أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلاَّ صلحًا أَحَلَّ حرامًا أو حَرَّمَ حلالاً، ولا يمنعك قضاءٌ قضيته أمس فراجعتَ اليوم فيه عقلك، وهُدِيتَ فيه لرُشْدِكَ أن تَرْجِعَ إلى الحقِّ، فإنَّ الحقَّ قديم، ومراجعة الحقِّ خير من التمادي في الباطل).
* ونتيجة للاستقلالية التي تمتعت بها مؤسسة القضاء في الإسلام، وجدنا من وقف في وجه مؤسسة الخلافة، ولم تأخذه في أحكامه القضائية لومة لائم، فقد كتب الخليفة المنصور أبو جعفر إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر، فادفعها إلى القائد، فكتب إليه سوارٌ: إن البيِّنة قد قامت عندي أنها للتاجر، فلستُ أُخْرِجها من يده إلا ببينة. فكتب إليه المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى القائد. فكتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجنها من يد التاجر إلا بحق. فلما جاءه الكتاب قال: ملأتُها والله عدلاً، وصار قضاتي تردُّني إلى الحقِّ.
* تحتم القواعد والضوابط الإسلامية المنظمة للقضاء على القاضي إذا توفرت لديه وسائل الإثبات أو النفي من الحجج الظاهرة أن يقضي بها، وهو مأمور باتباع ما ظهر له من الأدلة، وأن يبذل جهدَه للتعرف على جوانب الدعوى، ويقضي بحسب ما توصَّل إليه اجتهادُه أنه الحق، وظن أنه الصواب من دون أن يتأثر بأي أوضاع أو ظروف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.