غلاء المعيشة يدفع بهم لسوق الشغل باكرا ظاهرة عمل الطلبة الجامعيين تنتعش في الصيف تشرف جل الجامعات الجزائرية على غلق أبوابها بعد الانتهاء من إجراء الامتحانات الشمولية التي انطلقت خلال هذه الأيام للطلبة الذين لم يتمكنوا من الانتقال إلى السنة الموالية حتى يستطيعوا تمضية عطلتهم الصيفية بكل راحة وأمان من خلال التمتع بأشعة الشمس وأمواج البحر في الوقت الذي نجد البعض الآخر ينغمس في العمل لتحصيل مصروف إضافي لدفع مصاريف الدراسة وما يلزم من مستحقات للسنة القادمة. في هذا الشأن قمنا بالتقرب من بعض الشباب الذين جعلوا من العمل شعارهم خلال العطلة الصيفية فبمجرد الانتهاء من الامتحانات حتى ينتشر هؤلاء في الأرض من محل إلى آخر للظفر بفرصة عمل، ولعل من أشهر الوظائف التي يلجأ إليها نجد المطاعم ومحلات الألبسة التي يشترك فيها كل من الشباب والشابات، فأي منصب يوفر لهم ما يحتاجونه يعتبر مرحبا به تجدهم يعملون دون ملل أو ضجر فمن متاعب العام الدراسي إلى متاعب العمل لكن لا بأس ما دام يحقق لهم منفعة، اقتربنا من بعضهم للتعرف عن الأسباب الخفية التي دفعت بهم إلى هذا العالم فكانت (هاجر) أو من أدلت برأيها من خلال قولها: (اعتدت على العمل في العطلة الصيفية منذ دخولي الجامعة وتعددت الأعمال التي قمت بها لأعيل نفسي وعائلتي، فبدأت كعاملة في قاعات الحفلات خلال موسم الأعراس وكذلك بالمحلات المتخصصة ببيع الملابس تحضيرا للدخول الموسم الجامعي المقبل، فراتب والدي الشهري لا يكفي لتغطية مصاريف الدراسة فمن جراء عملي في قاعة الحفلات خلال ثلاث عطل متتالية تمكنت من اقتناء كمبيوتر، ناهيك عن المصروف واللوازم اليومية). لتضيف زميلتها (ليندة) في نفس السياق أنها تحبذ فكرة العمل بقاعات الحفلات خلال موسم الأفراح بقولها: (أستمتع بالعرس من جهة وأخدم الطاولات وأنا متفائلة، كما أقبض أجرتي التي يدفعها أصحاب القاعات التي تكون مناسبة مقابل عمل ساعات محدودة). أما (حكيمة) صاحبة 24 سنة التي التقيناها بالصدفة وهي تتحدث مع زميلتها عن برنامجها خلال الصيف فقد أقرت أنها في كل سنة تلجأ إلى إحدى طبيبات الأسنان للعمل لديها كمساعدة باعتبارها تدرس بنفس المجال لتعيل نفسها من جهة ولتكتسب الخبرة من جهة أخرى لأن العطلة الحقيقية بالنسبة لها تبدأ بعد الانتهاء من الدراسة والحصول على منصب عمل. تركنا كل من حكيمة وليندة وغيرها من البنات الأخريات وتوجهنا إلى بعض الشباب من الجنس الخشن للتعرف على أهم الأعمال التي يزاولونها خلال فصل الصيفو، حيث وجدنا أنها كثيرة ومتنوعة عكس البنات التي انحصرت في وظائف معينة ومنهم نجد (محمد الأمين) الذي يسكن بضواحي مدينة الرغاية حيث تحدث بكل صراحة وهو متفائل بالعمل الذي يقوم به بقوله: (أقوم بحلول فصل الصيف بالتوجه منذ الصباح الباكر إلى غاية المساء إلى حقول الفواكه والخضر القريبة من مدينتنا خاصة منها المتعلقة بالكروم بغرض جني ثمار العنب، حيث يعتبر هذا العمل هو مصدر رزقي الأساسي لجني المال في فترة العطلة السنوية لأن العمل ليس حراما، ولا عيب في كوني جامعيا وأعمل بالمزارع في سبيل توفير بعض المال للسنة القادمة كما أنني استمتع كثيرا بهذا العمل لأنني أحب كل ما يتعلق بالأرض والشجر، فالعمل مع الطبيعة له نكهته الخاصة بالرغم من شقاوته). لكن هناك من يرى عكس كل هؤلاء ومنهم نجد (وليد) الذي استبعد فكرة العمل من تفكيره نهائيا من خلال قوله: (كل شيء في وقته فوالداي يشغلان مناصب لا بأس بها، وراتبهم جيد، لذا فإنني أستغل عطلتي في التنزه والسفر، لأنه سيأتي يوم وأتحمل فيه المسؤولية فلما الاستعجال). ليبقى التوجه نحو العمل في العطلة واحدا من التوجهات الإيجابية التي يجب تشجيعها ولكن مع الأخذ في الاعتبار عدة أمور أولها أن يكون العمل الذي يقدم عليه الطالب عملا حلالا لا شبهة فيه ويكون تحت إشراف الأسرة للتأكد من العمل لأن إهمال هذا الأمر وترك الطالب يخوض أي عمل دون التأكد من طبيعة هذا العمل أمر من شأنه أن يكون له تبعات سيئة على الطالب وقد يكون سببا في انحرافه.