يعرف مرض فقدان الشهية منحى خطيرا في الآونة الأخيرة وسط الجزائريين، خاصة فئة المراهقين، فهذا المرض الذي كان في الماضي القريب مجرد وهم تحوّل اليوم إلى حقيقة، ولقد وقفت (أخبار اليوم) على العديد من الحالات الواقعية لهذا المرض، ليس فقط بين المراهقين وأيضا فئة الشباب خاصة الطلبة والموظفين، فمن المعروف أن الفراغ عن العمل يؤدي بالضرورة إلى الأكل المتزايد لقتل الوقت، أما الانشغال الكثير فهو يقلل من الأكل ونسبة الشهية، ويكون التقليد الأعمى للنجوم والمشاهير من أبرز أسباب الوقوع فريسة هذا المرض الذي تحوّل إلى عدوى خطيرة تنتشر بشكل مخيف بين المئات من المراهقين والشباب في الجزائر.. يرفض معظم المصابين بمرض فقدان الشهية الاعتراف بإصابتهم، فهذا المرض يعتبر بمثابة زلزال يضرب الجسم ليفتك به، ففقدان الشهية هي حالة من الاضطراب في الأكل تؤدي إلى رفض شديد لتناول الطعام مما يسبب نقصا هائلا في الوزن والطاقة الأساسية في الجسم، وتعتبر الإناث أكثر الفئات المتضررة من هذا المرض ولكن هذا لا يعفي الذكور من الإصابة به كذلك وحتى الأطفال، ومقابل 10 نساء هناك رجل واحد يعاني من هذه الظاهرة رغم اتخاذها في الانتشار، وهو مرض يؤدي بالوفاة من 5 إلى 10 في كل 100.000 نسمة وظهر كثيرا في البلدان الصناعية، فهو مرض نفساني وجسماني يصاب به البالغون وحتى الأطفال، وينقسم هذا المرض إلى أنواع منها فقدان الشهية العصبي لدى البالغين. وتعود أسباب نقص الشهية إلى عدة عوامل منها من تعود إلى أسباب بيولوجية، وأخرى إلى عوامل نفسية واجتماعية، فلو تأملنا بالأسباب البيولوجية لوجدنا أن المهدئات الطبيعية التي يفرزها الجسم يؤدي إلى تقليل الوزن، وأثبتت بعض الدراسات أن اختلال وظائف النوافل العصبية كالسيروتوتين، وكذلك الأدرينالين التي تشكل أهمية بالغة في تنظيم الشهية للطعام، وكدا اختلال وظائف الغدة الدرقية والهرمونات بشكل عام، ووجود توسع في الفراغات التي تحوي السائل الدماغي، والتي تعود إلى طبيعتها بمجرد زيادة الوزن، وهي كلها أسباب تؤدي إلى فقدان الشهية، ويعتبر التدخين من أهم العوامل المؤدية إلى نقص الشهية. وهي محاولة غير واعية لتدمير أجسامهم والتي في بعض الأحيان تكون من آثار الأم المتسلطة وهناك كذلك عوامل نفسية تتبلور في عدم القدرة من الاستقلال على الأم. بينما العوامل الاجتماعية تتمثل في محاولة تقليد بعض من الشباب نجوم الرياضة والفن وكذلك بعض المهن التي تحتاج إلى رشاقة كعرض الأزياء وموظفي الطيران، كما أن الجو الأسري إذا كان مشحونا بأجواء عدوانية وغير محبذة يتميز المريض بشعور الانعزالية وقلة الشعور بالتعاطف معهم. فلو أراد القارئ معرفة علامات هذا المرض هي أولا انخفاض الوزن والتخوف الدائم من زيادته، وإنكار الشعور بالجوع، ورفض تناول وجبات الطعام، ارتداء ملابس فضفاضة وحساسية عالية من البرد، توقف أو عدم انتظام الدورة الدموية لدى الفتيات، وتساهم في سقوط الشعر، وهي توهم الشخص بأنه سمين بالرغم من أنه نحيف جدا وهي تؤدي أو تظهر توقف الكثير من الأجهزة في الجسم التي تنقصها الطاقة والتي من المعلوم تعطى من خلال التغذية والبروتينات كلها علامات تظهر جراء نقص الشهية. وهذا المرض يؤدي إلى آثار خطيرة على الأفراد، منها ضعف العظام التي تصاب بعد ذلك من الهشاشة وفقدان الوزن بطبيعة الحال، ونقص الكالسيوم أو انخفاض الكثافة المعدنية في العظام وتقليص حجم العضلات وانخفاض نشاط الغدة الدرقية واضطرابات نشاطها، والألم المتكرر في البطن، والتهاب الغدة اللعابية وانقطاع أو تأخر الدورة الدموية لدى الفتيات واختلال نسبة الهرمونات في الدم، وانخفاض المغنزيوم يؤدي إلى تشنجات صرعية وانخفاض في قدراته الذهنية، وهي تؤدي إلى مشاكل نفسية كبيرة كالاكتئاب واضطرابات التخوف الاجتماعي واضطرابات وسواسية شخصية من الممكن أن ترفع من درجة خطورة الموت لدى هذه الفئة، ونظرة وهمية للجسم كمنظر الجسم المعيب رغم أن ليس له أساس من الصحة. وعن العلاج يصعب حله إذا كان شديدا، ولكن في باقي الحالات البسيطة يشفى المريض بالعلاج النفسي الدوائي أو السلوكي المعرفي، إضافة إلى الدور الأسري والاجتماعي الذي يؤدي إلى تحسن نتائج العلاج، فالبعض قد يتعافى بعد نوبة واحدة، بينما البعض الآخر يتعرض إلى انتكاسات وتستمر حياتهم بين نوبات الاضطراب وفترات من الشفاء، ويستطيع أن يتحوّل إلى مرض مزمن يحتاج دخول المريض إلى المستشفيات بأدوية نفسية وبرنامج علاجي مكثف، أما طرق العلاج النفسي كالعلاج بالإيحاء والعطف والتشجيع على تناول الطعا، وهذا يحدث بالتنسيق بين الطب البدني والنفسي. فنقص الشهية تفتك بصحة ونفسية الشخص المريض، لهذا وجب اتخاذ كل الحذر لمواجهتها، والذهاب إلى طبيب بدني أو نفسي عند ظهور أي عرض من أعراض هذا المرض ، والابتعاد عن تقليد النجوم والمشاهير..