الأسواق الجديدة... حلم مؤجل لازال وضع بعض الأسواق الشعبية التي تعود إلى أمد بعيد ينذر بكوارث صحية فهي على الرغم من ارتباط الكثيرين بها لحقبة زمنية طويلة واستمرار لجوئهم إليها إلا أنها تبقى الصورة المشوهة لبعض النواحي، بحيث تعد أسواقا شعبية تقليدية عريقة نذكر منها سوق لعقيبة ببلوزداد الغني عن كل تعريف والذي ذاع صيته لدى العام والخاص، سوق المدنية، السوق البلدي بشارع الشهداء، وغيرها من الأسواق التي تحتاج إلى تهيئة كون أن الظروف الملمة بها لا تيسر البتة القيام بالتجارة ولا استقبال الزبائن على مستواها. نسيمة خباجة وعلى الرغم من شروع الهيئات المكلفة في بناء أسواق جديدة والتقدم في مراحل التشييد والبناء إلا أنها لم تر النور بعد، فالوتيرة السريعة في البناء لم تأت بثمارها وبقت موصدة الأبواب في العديد من المقاطعات على غرار نواحي القبة، بئر توتة وغيرها، ويتخوف الكثيرون من أن يكون مصيرها كمصير محلات الرئيس، لتبقى الأسواق الشعبية العريقة في استقبال أوفيائها على الرغم من الحالة المتدهورة التي تحيط بها بسبب القاذورات والقوارض والأوساخ وحتى بعض البالوعات التي تسببت في انتشار روائح كريهة تسد أنوف المتنقلين، والكارثة العظمى تكون مع تساقط الأمطار، إذ تتحول أرضية بعض الأسواق إلى مجاري مائية ويجبر المتبضعون على التزود بالأحذية البلاستيكية بغية التنقل عبرها. الأسواق الشعبية عرف ملزم للعاصميين لعقيبة ببلكور، المدنية أو صالومبي سابقا، سوق زوج عيون بساحة الشهداء وغيرها من الأسواق هي الأسواق التي فضلها العاصميون منذ زمن بعيد كونها تحمل معها ذكريات مراحل حياتية متعاقبة، ولازالت العجائز يمسكن بقففهن وأكياسهن ويذهبن إلى تلك الأسواق من أجل جلب ما يحتجن إليه إلا أنها تحولت إلى صور مشوهة على الرغم من إبرازها لمراحل مهمة غابرة كونها لم تخضع إلى تهيئة وبقيت على حالها الأصلي، ولولا ارتباط البعض بها اشد ارتباط لما وطئت أرجلهم تلك المواضع التي تعرضت إلى الخراب وظهرت في صور مشوهة. واغتاظ الكثيرون لحال بعض الأسواق العاصمية التي تعرضت بعضها إلى الإلغاء على غرار سوق مارشي 12 التي ارتبطت به الكثير من العائلات منذ زمن طويل، ومن مكثت منها حالتها لا تبشر بالخير بسبب الظروف المحيطة بها. اقتربنا من بعض الأوفياء لزيارة الأسواق القديمة فرأوا أنهم على الرغم من ارتباطهم بها إلا أن وضع بعضها ساء كثيرا ولم يعد مهيئا لاستقبال الزبائن ولولا ألفة البعض لما وطأت أرجلهم تلك الأسواق. الحاجة وريدة قالت إنها ألفت التسوق في سوق لعقيبة ذلك السوق العريق ببلكور والذي يوفر كل شيء من خضر ومستلزمات أخرى إلا أن وضعه المزري والفوضى التي تملاه من كل جانب جعل الزبون لا يحوم فيه براحة، ناهيك عن انتشار الخردوات والنفايات مما يزكم الأنوف بروائح كريهة تعرقل الزبون على التبضع بكل راحة وكان من اللازم تهيئة تلك الأسواق العريقة بما يريح الزبون لا العكس. والأوضاع المحيطة بسوق المدنية صالومبي سابقا عكست نفس الحالة، بحيث اسودت أجواء السوق القديم وظهرت طاولاته بصورة عشوائية مما يعدم تماما المعايير التجارية التي تريح الزبائن، الأمر الذي أدى إلى فرار أغلب الزبائن من السوق ولم يعد يطأه إلا القليل منهم. على حسب ما حدثنا به أحد المواطنين الذي رأى أن السوق أصبح منظره مشوها كثيرا ولا يليق به استقبال المواطنين في تلك الظروف، حتى أن تلك الطاولات بقيت مهجورة من الزبائن بسبب ظروف عرض السلع غير اللائقة تماما. حالة كارثية تنذر بحمل أمراض واشتكى بعض القاطنين بتلك المقاطعات من انتشار النفايات والقاذورات بتلك الأسواق التي تشكل مصدرا ضروريا لجلب حاجياتهم ومستلزمات استهلاكهم اليومي من دون أن ننسى أن بعضها قد تحولت بعد مواضعه إلى بالوعات لصرف المياه مما أدى إلى انطلاق روائح كريهة، ورغم ذلك أجبر البعض على جلب حاجياتهم الغذائية من تلك الأماكن على الرغم من الأخطار المتربصة بالكل بسبب سهولة التقاط تلك السلع لما يحيط بها لاسيما تلك المعروضة على الهواء كأكياس التوابل والدقيق وغيرها من المواد الغذائية التي تعرض ببعض تلك الأسواق المهملة التي اشتكى حتى التجار من هجران الزبائن لها بسبب الظروف المحيطة بها والتي تبتعد عن معايير التجارة المتطورة. فبسوق بئر توتة الشعبي مثلا اشتكى المواطنون لاسيما المرحلون الجدد من انعدام ظروف التهيئة به مما عرقل التجار عن ممارسة تجارتهم في كل مرة لاسيما مع تساقط الأمطار وتحوله إلى برك من الماء، ناهيك عن الأوحال التي تملأه من كل جانب والتي أدت في كل مرة إلى استعصاء التجوال به بغرض التبضع. ناهيك عن وضعية السلع المصطفة والتي تكون في حالة كارثية للغاية وكثيرا ما أدت إلى كوارث صحية بسبب انعدام الظروف الملائمة إلى حد انتشار بعض الروائح الكريهة من بعض المواد على غرار المخللات من زيتون وفلفل حار التي تصطف بالبراميل والتي كانت في كم من مرة مصدر تسمم للمواطنين بسبب الرطوبة وانتشار القوارض والجراثيم بمختلف أنواعها فوق تلك البراميل. الأسواق الجديدة... حلم مؤجل ويبقى المواطنون في مجابهة تلك الظروف في الوقت الذي تبقى فيه الأسواق المشيدة مؤخرا والتي تمتاز بظروف لائقة وحضارية، موصدة الأبواب في وجوه الزبائن رغم الوتيرة السريعة التي بنيت بها تلك الأسواق إلا أن انطلاق الأنشطة التجارية لا يزال مؤجلا بها مما ألزم ارتباط الزبائن بالأسواق القديمة وتجرع الظروف التي تتخبط فيها والتي من الممكن أن تؤدي إلى ظروف كارثية، بحيث وعلى الرغم من تقدم الأشغال وانتهاء بعضها لم تنطلق التجارة بها وبقيت هياكل مشيدة من غير روح في الوقت الذي استبشر فيه المواطنون بتلك الأسواق المنتظمة التي من شأنها أن تمنحهم راحة أكثر في تسوقهم اليومي كضرورة ملحة للكل وتستمر معاناتهم ومعاناة التجار بالأسواق القديمة، بحيث أن التجار أنفسهم لم ترضهم أوضاعهم التي من شأنها أن تؤدي إلى فرار الزبائن منهم والبحث عن فضاءات تجارية أحسن لجلب سلعهم اليومية، ما عبر به أحد التجار من السوق الشعبي ببئر توتة الذي قال إن الأوضاع هي مزرية للغاية بذات السوق، ويزداد الأمر سوءا بتساقط الأمطار بحيث تغمر السوق الذي يشبه النفق الأرضي، كما أن ضيق المساحة يحرم التجار من عرض سلعهم بالوضعية اللائقة ويحرم الزبون من التنقل بكل حرية لاقتناء أغراضه، وينتظر أغلب التجار ساعة الفرج حسب ما جاء على لسان محدثنا بعد أن ملوا من وضعية السوق. كما بقيت بعض الأسواق الحوارية كمشاريع مجمدة لم تر طريقها إلى النور نذكر على سبيل المثال سوق حي الياسمين بالمدنية الذي بني على طريقة حضارية راقية تسهل تبضع المواطنين لكن يبقى في طي النسيان على الرغم من تضاؤل الأقطاب التجارية ببلدية المدنية، ويبقى السوق العريق بالمدنية يستقطب الزبائن من كل حدب وصوب رغم شح معروضاته وقلة محاله.