مع دخول فصل الصيف التسممات الغذائية تتربص بالجزائريين الوضعية المتدهورة للمحلات تنبىء بنتائج خطيرة تتزايد التسممات الغذائية مع دخول الصيف من كل سنة بحيث كشفت آخر الإحصائيات أن الجزائر تسجل أكثر من ستة آلاف حالة تسمم سنويا تقترن في الغالب بموسم الحر في ظل ظروف التخزين المتدهورة وانعدام النظافة بأغلب المحلات المختصة في ترويج المواد الاستهلاكية، من دون أن ننسى محلات الإطعام السريع التي تعد بؤرة أخرى من بؤر حمل العديد من التسممات الخطيرة التي تفتك بحياة الأشخاص. تنتاب العائلات حالة هلع كبيرة بمجرد حلول الموسم الصيفي، بالنظر إلى اقترانه بكثرة التسممات منها الفردية والجماعية التي تحدث بمناسبة حفلات الزفاف والنجاح وكذا بالمطاعم الجامعية، والسبب يعود إلى اقتناء مواد غذائية مختلفة لم تخضع لشروط الحفظ أو أهملت مقاييس حفظها التي تلعب دورا كبيرا في سلامة الزبائن، وهي الظاهرة التي نراها وللأسف متفشية بأغلب المحلات التي لها علاقة مباشرة بتزويد المواطنين بالمواد الاستهلاكية. ويعود السبب إلى الاستهلاك الخاطئ من طرف البعض وإقبالهم العشوائي على مواد خطيرة بعد أن تغريهم الأسعار البخسة عبر الطاولات الفوضوية التي تعرف انتشارا واسعا عبر الأسواق تزامنا مع فصل الصيف الذي يعد مدرا للأرباح بالنسبة للتجار الموسميين الذين ينتشرون في الأسواق وشواطىء البحار، ويختصون في بيع مواد غذائية متنوعة تفتقد في أغلبها لمقاييس الحفظ وشروط النظافة، بحيث يشترون ويبتاعون في صحة المواطنين من دون أدنى مسؤولية، خاصة وأن التسممات هي من بين الأمور الخطيرة التي تهدد حياة الأشخاص، ويقر مختصون في الصحة أن الغذاء الفاسد تجهل معالمه أو آثاره ومعظم حالات التسمم الغذائي تحدث بعد تناول غذاء يحتوي على كائنات مسببة للمرض أو مواد سامة لا يمكن رؤيتها ولا الإحساس بها ولا تذوقها، إضافة إلى ذلك يمكن لهذه الكائنات التكاثر بسرعة والتضاعف إلى الملايين في ساعات قليلة، فتناول الأغذية الملوثة قد يسبب المرض والتسممات الغذائية ممكن أن تكون خطيرة، كما يمكن أن تسبب مضاعفات صحية على المدى الطويل أو الموت، لهذا فإنه من المهم الوقاية منها بالاستعمال الصحيح للأغذية. وتجدر الإشارة أن 30 بالمائة من التسممات تكون بسبب استهلاك معلبات افتقدت صلاحيتها، خاصة وأن المواطن الجزائري صار مدمنا على استهلاك مواد غذائية محفوظة في معلبات على غرار المخللات والأجبان ومختلف المواد الأخرى التي تحمل العديد من الإفرازات الخطيرة على الصحة. وضعية كارثية للأسواق المغطاة تعد الأسواق المغطاة المنتشرة هنا وهناك مقصد الكثيرين لغاية التبضع خصوصا مع توفر أغلب الحاجيات الضرورية من خضر وفواكه ومواد أخرى، إلا أن الشكاوي التي يطرحها الكل تتعلق بغياب شروط النظافة مما جعلها ملاذا لتجمع القوارض بمختلف أنواعها واحتكاكها بالبراميل، وكذا الصناديق التي تحوي مختلف المواد الغذائية، وباتت تلك الظواهر من الديكورات المتكررة بأسواقنا المغطاة التي تتخبط في ظروف كارثية لا تخدم لا التجار ولا المواطنين على غرار سوق المدنية، سوق أحمد بوزرينة بالقصبة، السوق المغطى ببئر توتة وغيرها من الأسواق الأخرى التي تتخبط في وضعية واحدة، إذ أن انعدام تهيئتها انقلب بالسلب على وضعية السلع هناك التي أضحى الباعة يكدسونها في ظروف أقل ما يقال عنها إنها ظروف كارثية لا تخدم مصلحة الزبائن. ما اصطدمنا به عبر بعض الأسواق التي قادتنا جولة إليها ووقفنا على تلك المواقف وعلى السلع المبعثرة هنا وهناك، وكأن تلك الأسواق انقلبت إلى مفارغ للنفايات، ناهيك عن الروائح الكريهة المنتشرة والناجمة عن فساد بعض السلع وهي الأمور التي سمعناها على أفواه المواطنين كضحايا لتلك التصرفات منهم إحدى المواطنات التي التقيناها بالسوق المغطى بالمدنية والتي قالت إن الزبائن باتوا يتخوفون من اقتناء بعض السلع خصوصا في فصل الصيف بالنظر إلى الوضعية الحرجة للسوق والحرارة الشديدة التي تطبعه صيفا مع انعدام التهوية مما يؤدي إلى سرعة تحلل معظم المواد. وقالت إنها تتفادى اقتناء بعض أنواع المواد الاستهلاكية سريعة التلف من هناك ويقتصر تبضعها على جلب الخضر كونها تتخوف من اقتناء مواد أخرى، إذ حدث مرة وأن اقتنت بعض المخللات من محل على مستوى ذات السوق، واكتشفت بعد ذلك أنها فاسدة وميزتها الرائحة الكريهة التي انطلقت منها وما كان عليها إلا إعادة تلك السلعة إلى صاحب المحل وأعلمته بوجوب توقيف رواج تلك المخللات التي تخاطر بالصحة. من دون أن ننسى الطاولات الفوضوية التي يزداد انتشارها خلال موسم الصيف، بحيث يلهث بعض الباعة وراء الكسب خلال موسم الحر عن طريق بيع الأمراض إن صح التعبير للناس، عن طريق عرضهم لمختلف المواد البعيدة عن شروط النظافة ومقاييس العرض، ونجدها تصطف تحت لفحات الشمس والغبار إذ تساهم تلك الطاولات التي تنتشر بمحاذاة الأسواق والمنتزهات العائلية التي يكثر عليها الإقبال في الصيف ب30 بالمائة من التسممات الحاصلة. الانقطاعات الكهربائية هاجس آخر الاستعمال المفرط للكهرباء في فصل الصيف يؤدي إلى عجز المولدات المركزية عن تزويد جل النواحي بالطاقة الكهربائية، إذ تتعرض الكثير من النواحي إلى الانقطاعات المتكررة، والخاسر الأكبر أصحاب المحلات الذين يتكبدون خسارة كبيرة بالنسبة للمواد التي تتطلب برودة عالية إلا أن من أصحاب المحلات من يعيدون تجميد تلك المواد ويضربون بذلك مصلحة المواطن وصحته عرض الحائط، لاسيما وأن معظم الوجبات الخفيفة تعرف رواجا في فصل الصيف وتحتاج في معظمها إلى تبريد عالٍ على غرار الأجبان وأنواع الكاشير والمثلجات التي يكثر عليها الطلب وتزداد معها خطورة الوضع أيضا مع شبح الانقطاعات الكهربائية الذي يلعب الدور البارز في فساد بعض المواد وبالتالي يساهم في حدوث التسممات الغذائية، ولا تستثنى في ذلك حتى البيوت من حيث فساد الأطعمة وتأثيرها على الصحة العامة. وفي هذا الصدد تكلمنا مع صاحب محل ببلكور فقال إن اللائمة لا تسقط دوما على التاجر الذي يتخذ كل ما في وسعه من التدابير لحماية المستهلك من مخاطر التسممات، وفي نفس الوقت يقي نفسه من المساءلات والمتابعات القضائية في حال حدوث أي طارئ بعد استهلاك مادة معينة ثبت تورط التاجر فيها من حيث إخلاله بأحد شروط الحفظ أو النظافة خصوصا وأن بعض الانقطاعات تحدث في ساعات الليل ولا يشعر بها التاجر مما يؤدي إلى فساد بعض المواد حتى دون علمه، ليختم بالقول أن الضمير المهني يحكم على التاجر بمراعاة مصلحة الزبون، إلا في الحالات التي تخرج عن إرادته مثلما هو حاصل مع الانقطاعات التي تحدث في التيار الكهربائي الأمر الذي يهدد السلع التي تحتاج إلى تبريد مستمر. هذا ودون أن ننسى محلات الإطعام السريع التي تساهم بشكل كبير في حدوث التسممات الغذائية في ظل غياب شروط النظافة بها واستعمال أصحابها لمواد منتهية الصلاحية قصد الربح دون أدنى مراعاة للصحة العامة، لذلك فوجوب أخذ الحيطة والحذر هو ضروري جدا ونحن على أبواب فصل الصيف الذي تكثر فيه مثل تلك الآفات المتنوعة الناجمة عن الاستهلاك غير السليم والمنافي لمختلف المقاييس والشروط التي من شأنها حفظ الصحة العامة في حال احترامها.