هجرة غير نظامية: مراد يشارك بروما في اجتماع رفيع المستوى يضم الجزائر، إيطاليا، تونس وليبيا    لعقاب : الانتهاء من إعداد النصوص التطبيقية المنظمة لقطاع الاتصال    أكثر من مليون ونصف مترشح لامتحاني شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط دورة يونيو 2024    الجزائر/موريتانيا : افتتاح الطبعة السادسة لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط بمشاركة 183 عارضا    الجزائر تؤكد من نيويورك أن الوقت قد حان لرفع الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي ويكشف: نحو تنظيم دورات تكوينية لصحفيي الأقسام الثقافية    "تحيا فلسطينا": كتاب جديد للتضامن مع الشعب الفلسطيني    سليمان حاشي : ابراز الجهود المبذولة لتسجيل عناصر ثقافية في قائمة الموروث الثقافي غير المادي باليونسكو    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران 2024: الدراج أيوب صحيري يفوز بالمرحلة الأولى    وفاة 8 أشخاص تسمما بغاز أحادي أكسيد الكربون خلال شهر أبريل الماضي    وزير الصحة يشرف على افتتاح يوم علمي حول "تاريخ الطب الشرعي الجزائري"    قسنطينة..صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 مايو    مجمع الحليب "جيبلي": توقيع اتفاقية اطار مع وكالة "عدل"    اجتماع الحكومة: الاستماع الى عرض حول إعادة تثمين معاشات ومنح التقاعد    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    اليوم العالمي لحرية الصحافة: المشهد الإعلامي الوطني يواكب مسار بناء الجزائر الجديدة    معادن نادرة: نتائج البحث عن الليثيوم بتمنراست و إن قزام ايجابية    السيد عطاف يجري بكوبنهاغن لقاءات ثنائية مع عدد من نظرائه    معرض الجزائر الدولي ال55: نحو 300 مؤسسة سجلت عبر المنصة الرقمية الى غاية اليوم    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 251 آخرين خلال أسبوع    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : مشاركة 35 سائقا اجنبيا وعدد معتبر من الجزائريين    اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحفيون الفلسطينيون قدموا مئات الشهداء وهزموا رواية الاحتلال الصهيوني الكاذبة    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و 596 شهيدا    منظمة العمل العربية: العدوان الصهيوني دمر ما بناه عمال غزة على مر السنين    المصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة بقسنطينة: استرجاع أزيد من 543 مليار سنتيم من عائدات تبييض الأموال    في انتظار التألق مع سيدات الخضر في الكان: بوساحة أفضل لاعبة بالدوري السعودي الممتاز    رئيس الجمهورية يحظى بلقب "النقابي الأول"    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    بخصوص شكوى الفاف    تدعيم الولايات الجديدة بكل الإمكانيات    بداية موفّقة للعناصر الوطنية    العلاقات بين البلدين جيدة ونأمل في تطوير السياحة الدينية مع الجزائر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    الجزائر في القلب ومشاركتنا لإبراز الموروث الثقافي الفلسطيني    اجتياح رفح سيكون مأساة تفوق الوصف    إطلاق أول عملية لاستزراع السمك هذا الأسبوع    تكوين 500 حامل مشروع بيئي في 2024    حملة وطنية للوقاية من أخطار موسم الاصطياف    البطولة الإفريقية موعد لقطع تأشيرات جديدة لأولمبياد باريس    المجلس الشّعبي الوطني يشارك في الاجتماع الموسّع    الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني    أوغندا تُجري تجارب على ملعبها قبل استضافة "الخضر"    بولبينة يثني على السعي لاسترجاع تراثنا المادي المنهوب    دعم الإبداع السينمائي والتحفيز على التكوين    تتويج إسباني فلسطيني وإيطالي في الدورة الرابعة    روما يخطط لبيع عوار للإفلات من عقوبات "اليويفا"    دعوة للتبرع بملابس سليمة وصالحة للاستعمال    263 مليون دينار لدعم القطاع بالولاية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    خنشلة: الوالي محيوت يشرف على إحياء اليوم العالمي للشغل    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السّحر والشعوذة...صفقات مع الشّيطان لبيع الأوهام
نشر في صوت الأحرار يوم 09 - 06 - 2012

لم يكن من السهل الإلمام بموضوع » الشعوذة في المجتمع الجزائري« الذي تطلّب منّا تقمّص دور زبائن يبحثون عن قراءة الطالع عند معالجون بالأعشاب أو »لقطيع« مزيّفون يدّعون أن »السّادات« هم من أعطوهم الحكمة، ومشعوذون من المكر ما لا يخفى عليهم استعمال حيل جديدة تجعل الزبون »الضحية« يقتنع تماما بأن علاجه على أيديهم.يقرؤون الطالع و»يشوفو« باسم الشيطان في الحديد، القمح، »الكارطة«، السّبحة، الصيّار، وحتى في كتاب الله، ولا يكفي سوى ذكره لاسمه واسم والدته ليأتيه ما يقولون عنه علم الغيب، الذي لا يعلمه إلاّ الله، على لسان من استغلّوا سذاجة الناس، جهلهم وعدم إيمانهم بالقدر خيره وشرّه..

»التاتة«، »الصنوبر الشوكي« »الخامسة« والعجلة أضحت موضة قديمة
شعر القط ،عين الجمل، لسان الكلب والحمار آخر وصفات العرّافين
فيما كان بعض ضعاف النفوس يلجؤون لطرد العين والنّحس عن أولادهم وبيوتهم لاستخدام حيوان»التاتة«، حدوة الحصان، نبتة»الصنوبر الشوكي«، علامة »الخامسة« وحتى عجلة سيارة.. عند مداخل البيوت وفوق أسطحها، شأنها شأن إلحاق المولود الجديد ب »مسّاك«، تجاوزوا ذلك أمام تعدّد معضلاتهم وتباين ابتكارات المشعوذين إلى طرق أبواب هؤلاء بحثا عن علاج ولو بشراء الوهم بالملايين.
النظر في الأوراق، السّبحة، حبّات القمح، »الصياّر«، البيض، كتاب الله.. كلها طرق وغيرها كثير، يلجأ إليها المشعوذون لاستكشاف الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وهم يوهمون ضحاياهم بقدرتهم الفائقة على تغيير الأوضاع وقضاء حوائج استعصت على أصحابها، بمنحهم طلاسم، تمائم وحروزا لضعاف النفوس، أما شعر القط وعيون البقرة والجمل، لسان الكلب والحمار، فتعدّ لمن وجدها حسب العارفون بذات المجال وصفة جاهزة لامتلاك القلوب أو فكّ الرباط، أو حتى لربط عريس ليلة دخلته أو التفريق بين زوجين متفاهمين والعياذ بالله..
»راك معيان«، »الثقاف منعك من الزواج«، »هذاك مربوط«، »هذيك مسحورة« كلها تعابير تعوّدنا سماعها في مجتمعنا توجّه لشباب لم يسعفهم الحظ في الزواج أو الدراسة أو لم يفلحوا ليلة الدخلة..، أما وضع حيوان»التاتة«، نبتة »الصنوبر الشوكي« علامة »الخامسة« وحتى عجلة سيارة.. عند مداخل البيوت فقد أصبح أمرا مألوفا عندنا، شأنها شأن إلحاق المولود الجديد ب »مسّاك« ليشمل هذا الفعل حتى فئة الكبار خوفا من العين أو فعل فاعل... هي خرافات عديدة تتداول في أوساطنا وتزداد يوما بعد يوم...حتى ما عدنا نستغرب شمّ رائحة البخور المرمى عليه حبّات حرمل أو هبّالة أو..ممّن تصفهم عادة المشعوذة، تنبعث من المنازل ولا حتى حديث النسوة عن ذهابهن إلى المشعوذة الفلانية..
فإذا كان للفرد مشكلة عضوية فإنه يلجأ إلى الطبّ الحديث لعلمه أن ما يشكو منه علاجه عند الأطباء في العيادات والمستشفيات، أما إذا كان يشعر الفرد بالقلق والضيق والمخاوف أو سماع أصوات وغيرها فإنه يلجأ إلى أي شيء يمكنه من العلاج كاستخدام الأعشاب الطبية، وهو الأمر الذي ضاعف من أعداد الباحثين عن العلاج خارج أروقة المستشفيات والمراكز الطبية المتخصّصة، بينما لجأ ضعاف النّفوس إلى البحث عن العلاج عند السّحرة والمشعوذين دون أدنى وعي بالأخطار المحدقة المترتبة عن ذلك، ولا بحكم الدين الذي جاء صارما في هذا المجال.
وفيما عرفت السنوات الماضية إقبالا رهيبا على أوكار المشعوذين، يؤكد العارفون بعالم السحر والشعوذة، تسجيل تراجعا ملحوظا في طرق الناس لهذه الأوكار خلال العشرية السوداء، وذلك خوفا على أرواحهم، خاصة أمام تداول قصص عديدة لاغتيالات طالت مشعوذين ومشعوذات على أيادي الجماعات المسلحة، غير أنهم سرعان ما عاودوا الارتياد على هذه الأماكن مع استتباب الأمن وعودة الاستقرار.
الوضع جدّ مخيف وأكبر ممّا يتصوّره البعض..ولا بد لنا من وقفة علمائنا ومفكرينا ومثقفينا وأطبائنا وإعلامنا.. الجميع مدعوون لقراءة هذا الملف والبحث عن حل لهذا العالم المخيف.

ماء غسل الميّت، عين البقرة وجلد الجرو لردّ لعنة النّحس
»بايرات« و»هجّالات« في رحلة البحث عن »الزهر اللّي ماكانش«
العارفون بعالم السّحر والشعوذة أسرّوا إلينا أن فئة العوانس أكثر من يزور »الشوّافات« لقراءة الطّالع وإبعاد نحس »الثقاف« و»تعطيلة الزواج« ، وبذلك فهن أكثر أيضا من ينعش دخل هؤلاء، فكل شيء يهون في سبيل استعادة القطار الذي مرّ عليهن دون أن يحملهنّ، ولو بمدّ المشعوذ بالملايين، ليبدأن رحلة استعاذة » الزهر اللّي ما كانش« باقتناء المواد الموصوفة بمحلات العطّارين، لتأتيهن بالدّفع المسبق وتحت الطلب.
زيارات استطلاعية قمنا بها إلى بعض محلات بيع العطارة والأعشاب بكل من باب الوادي ومارشي 12 على سبيل المثال لا الحصر، سمحت لنا بمعرفة فئة الزبائن الأكثر إقبالا على اقتناء مواد معروف بأنها وصفت على يد مشعوذ، كشراء البخور، صفائح فضية، رصاص، حديد إلى جانب المواد النباتية كجذور الأشجار أو أزهار النباتات أو حتى مستحضرات خاصة كماء غسل الميت، وحتى المواد الحيوانية من حشرات، جلود، شعر وأظافر بعض الحيوانات بهدف إنتاج عدد غير محدد من الوصفات السحرية التي تصلح لتحقيق كل ما يخطر ولا يخطر على بال.
وفيما قوبلت محاولاتنا التحدث مع روّادها بالرفض القاطع، أخبرنا صاحب محل للعطارة عمّا يطلبه خواص السحرة ممن أخلصوا عبادة الشيطان وتفانوا في حب الشر والبحث عن الضر بقوله »العديد من العوانس يحضرن إلى محله بحثا عن فروة جرو وهن يعدن بدفع ثمنها مسبقا إن اقتضى الأمر ذلك« مضيفا أن الباحثات عنه »بايرات« ينتمين لمختلف المستويات والطبقات الاجتماعية دون استثناء، ومنهن طالبات جامعيات وموظفات محترمات.. وبحضور إحدى العجائز أخبرنا صاحب المحل أنها مشعوذة معروفة بحي باب الوادي، فتظاهرنا ببحثنا عن جلد جرو وصفته لنا مشعوذة، فلم تجد هذه العجوز غير تأنيبنا على عدم حضورنا إليها وقد أشفت العديد من النساء على حد تعبيرها، وبعد إلحاح منا وحتى تظهر لنا بأنها أكثر مكرا من غيرها، أخبرتنا أن جلد الكلب مفيد جدا لبلوغ غرض محدّد، فهو يستعمل في السّحر الدفاعي الذي لا ينجح حسبها إلا خلال النصف الأول من الشهر القمري لعلاج كل المصابين بالعين الشريرة والملاحقين بلعنة سوء الحظ كالنساء اللواتي يجهضن دون رغبة، وحتى النساء »البايرات« أو »الهجّالات« والعشاق المهجورون، مشيرة إلى أنّ هؤلاء من أكثر زبوناتها، كما تستعمل في السحر العدواني أيضا وهي مفيدة لأغراض الحب والهجر والمصائب وحتى الربيط والتفريق وهو لا يصلح إلا في النصف الثاني من الشهر القمري، لكونه يدخل ضمن أعمال السّحر التي تستهدف الانتقام والحقد، وما على الزبون ،تضيف، سوى القول »كيما غاب القمر، بجلد الجرو يغيب فلان يغيب«.
عمر»ن« عضو بجمعية خيرية من نشاطاتها ذبح الأضاحي صبيحة عيد الأضحى بغرض توزيعها على الفقراء والمساكين، أخبرنا عن امرأة زارتهم يوم العيد تبدوا في أبهى حلة، خالها متبرّعة بالمال أو أضحية، غير أنها اقتربت منه تترجاه مدّها بعين بقرة قيل لها أنها الوحيدة القادرة على فكّ السّحر عن ابنتها المقبلة على الزواج، ذاك أنها قامت بربطها وعمرها لم يتجاوز الخمس سنوات ب»رمّانة« ضيّعتها أثناء عملية الترحيل.
هذا ومن المشعوذين من يوهمون ضحاياهم بأن مثل هذه المواد تفك عقدة التعنيس لدى الفتيات لمن أراد فعل الخير، كما أنها مفيدة لربط عريس ليلة دخلته وتفريق قلب زوجين محبين لمن أراد إلحاق الأذى بغيره، وهؤلاء من المكر ما لا يخفى عليهم استعمال حيل جديدة تجعل الزبون »الضحية« يقتنع تماما بأن هذه الوصفة ناجعة جدا.

"صوت الأحرار" تطّلع على عناصر الترسانة الرهيبة للشعوذة
»كادنات« ل »الربط الجنسي«، مني المشعوذ لعلاج العقم و»القطيع« بالحروز !
.. أقلّ ما يقال عنها أنها ترسانة رهيبة للشعوذة، اطّلعت » صوت الأحرار« على عناصرها من خلال الجلوس إلى بعض الزبائن ووقوفها على حالات محاكمة لمشعوذين تجاوزت خلطاتهم حدود المعقول والمتداول، فلم تعد وصفاتهم تشمل الحنّة وقطع الشّمع بل تعدّت ذلك إلى استخدام الأقفال لربط عريس ليلة دخلته، ماء غسل الميّت وكفنه للتفريق بين زوجين متفاهمين، ليصل مكرهم حدّ العبث بجثث الموتى واستخدام منيهم الخاص كعلاج للعقم !
..كم كان منظر سيّدة رحّلت عائلتها ضمن عمليّات الترحيل الأخيرة التي عرفتها العاصمة مؤخّرا، لا يحسد عليه وهي تسرّ لجارتها المقرّبة والتي بدورها كشفت لنا ما جرى لها، بأنها فقدت إثر العملية كيسا يحوي قلّتين قديمتين أخفت بداخل إحداهما قفلا حديديّا » كادنة« منحتها لها » شوّافة« خلال العشرية السّوداء، لربط ابنتها التي خافت أن تطالها أيدي الإرهاب فيفعل من لا يخافون الله فيها فعلتهم، محدّثتنا أضافت أن جارتها جنّ جنونها وترجّتها أن تجد حلاّ لابنتها خاصّة وأنها على مقربة من الزواج وتجهل ضياع القفل..
أمّا حادثة أخرى كشفت لنا عنها طالبة جامعية ربطتها علاقة بزميل لها، لم يتوان في خيانتها، وبما أن خبر خطوبته لابنة خالته صدمها، أقسمت أن تسترجع كرامتها الضائعة بنيلها منه، فكان أن طرقت باب عرّافة اتّخذت من إحدى الشقق بحي »الرويسو« بالعاصمة وكرا تزاول به طقوس الشعوذة، استنجدت بها ليس لاستعادة الحبيب الذي ذهب ولكن لربطه ليلة دخلته فتوصمه بالعار طوال عمره.
الطالبة أخبرتنا أن » الشوّافة« طلبت منها شراء » كادنة« دون سؤال البائع عن سعرها، ثم قامت بقراءة بعض العبارات عليها ولفّها داخل قطعة قماش أسود، وطلبت منها الاحتفاظ بها دون الكشف عنها لأن ذلك يبطل مفعول السّحر، مضيفة أن العجوز المشعوذة قرأت طالعها في »صيّار« وضعت أسفله حبّات قمح وأخبرتها أن من خانها شاب غير سويّ وأنها ستخطب قريبا ل »سيد الرجال« وهو ما لم يتحقق طيلة ثلاث سنوات وإلى غاية كتابة هذه الأسطر على حدّ تعبير الطالبة.

»تيزانة بمني مشعوذ لعلاج العقم« !
طرق باب العرّافين لم يقتصر على فئة المربوطين والعوانس وإن كانت أكثر زبائنهم، حيث دفع الجهل وعدم الإيمان بالقدر خيره وشرّه بمتزوجات أكّد الأطباء عقمهنّ إلى زيارة مشعوذين بحثا عن علاج للعقم ! مثلما حدث بوكر مشعوذ اتّخذ من أحد مداشر ولاية تيزي وزّو مرتعا له يستقبل فيه أعدادا كبيرة من هذه الفئة، تجاوزت حدود الولاية إلى مناطق مختلفة من الوطن، بعد أن ذاع صيته في فترة وجيزة وقبل أن يكتشف أمره، حيث كان يوهم ضحياته بقدرته الفائقة على القضاء على عقمهن، وفي خضمّ تناسي هؤلاء أن الله وحده من يهب لمن يشاء ذكورا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما، كان يعدّ لهن خلطات من أعشاب كنّ يجهلن مصدرها ولا حتى محتوياتها،مقابل 15 ألف دينار لكل زيارة شهريّة و4 آلاف دينار لكمشة »تيزانة«، على أن يشترط عليهنّ عدم زيارة طبيبة النساء ولا حتّى إجراء كشف بالموجات فوق صوتية قبل الشهر السابع، حيث كانت المسكينات يشعرن فعلا إثر مفعول الخلطات بأعراض الحمل من وحم وانقطاع للدّورة الشهرية، شعور بالدّوار والغثيان...
حيلة لجأ إليها المشعوذ وراح يؤكد لزبوناته أن مساعديه من الجان سيخبرنه في حال زيارة إحداهن للطبيبة قبل المدّة المحدّدة فيقوم بإبطال مفعول السّحر على الفور، لتكون النتيجة استقبال عيادة التوليد التابعة للمستشفى الجامعي لتيزي وزو حالات عديدة لنساء تعرّضن لحمل وهمي، أوجاع وغازات ضارّة على مستوى بطونهنّ أجمعن أن سبب الإصابة بها تناولهنّ »تيزانة« منحها لهن مشعوذ أدلين على مكانه. . ليكتشف لاحقا أن ذات المشعوذ كان يقوم بعمليات تدليك النساء مثلما كانت تفعل العجائز بواسطة مرهم تداول بانتظار ما تسفر عنه التحريات أنه كان يضيف لخلطاته العشبية منيه الخاص، كما كان يعيد بمساعدة نسوة يشتغلن معه الأرحام إلى مكانها...

.. ويتحوّل »لقطيع« إلى شعوذة
فيما كان القطيع عبارة عن حكمة أتاها الله لبعض عباده حوّله البعض إلى دجل، حيث يطلب من الزبون المصاب بعين أو يشكو من الخلعة أو مرض استعصى علاجه ك »عرق لاسا«، » الحمرة«، آلام الظهر أو في أماكن متعدّدة من الجسم..، اسمه واسم والدته فيمنح له خليطا من الأعشاب بعد أن يقرأ عليها بعض الكلمات أو حجاب يحمله معه لمدّة أسبوع..يدّعي المشعوذ أنه يعالج أمراض نفسية وعضوية متعدّدة منها من عجز الطبّ الحديث عن مداواتها..بينما تأكّد إصابة زبائن هؤلاء بمضاعفات صحية خطيرة عقّدت حالتهم بدل علاجها.
وفي ذات السياق أخبرتنا سيّدة تشكو من » لاتروز« بدرجة متقدّمة وهي حالة معروف أنّه لا علاج لها سوى بإخضاع المريض لعملية جراحية، نصحتها قريبة لها بزيارة عجوز تمارس القطيع بولاية عين الدفلى، غير أنها تفاجأت بها تطلب منها اسمها واسم والدتها، قبل أن تقوم بكيّها على مستوى ركبتيها، ووصفت لها إحضار جزءا من سنمة الجمل لتقرأ عليه بعض الكلمات وتعيده إليها على أن تبيت به مطليّ على ركبتيها طيلة أسبوع كامل، ويا ليتها وقفت عند هذا الحدّ تقول محدّثتنا بل منحتني أوراقا لحرقها، وأعشابا أقوم بغليها وتناولها على أن لا أستحمّ لمدّة أربعين يوما ! وبما أنّ »قلبي عافها« لم أقم بشيء ممّا قالته، ولأنني بصراحة تيقّنت بأنها مشعوذة وليست معالجة بالأعشاب.

العبث بالموتى طلبا للسحر!
عطّار بسوق 12 بالعاصمة كشف لنا أنّ الماء والصّابون المستعمل في غسل الميت وكذا كفنه مفيدة بدورها في عديد أعمال السّحر، ومن أمثلة ذلك أكّد لنا أنّ رشّ ماء تغسيل الميّت ناجع لتوقيف أيّ مشروع، كالزواج، البناء، أو السّفر.... أمّا الزوجة التي يطالها عنف زوجها فيضربها بيديه، تلجأ إلى المشعوذة فتمنحها وصفة عناصرها ماء غسل الميّت، تقرأ عليه بعض الكلمات، تضعه له في إناء دون علمه ليقوم بغسل كلتا يديه به، فيكفّ عن ضربها لأن يديه تشعران بعدم القدرة على الحركة كلّما أراد رفعهما لضربها..من جهتها تستنجد الزوجة الخائنة ببعض الغسّالين لمساعدتها في غلق عيني زوجها حتى لا يكشف أمرها، بمنحهنّ بعض الحروز والكادنات، يتولّين إدخالها في فم الميّت ثمّ إعادة إخراجها بغرض دفنها في قبره.
المواد المستعملة في السّحر الأسود كثيرة حسب مصدرنا، حيث أن بعض المشعوذين يقومون بأنفسهم بأعمال سحر يسلّمونها جاهزة لزبائنهم، على غرار لجوئهم إلى استخدام رؤوس بعض الحيوانات كالماعز مثلا، حيث يملأ رأسها بخلطات تعدّ بمادّتي الجاوي والزّعفران ممزوجة بماء غسل الميّت، الذي يحصلون عليه بتواطؤ بعض الغسّالين مقابل مدّهم بمقابل يتحدّد باتّفاق مسبق، ليدفن في التّراب، والمشعوذ يردّد: »ماشي راس المعزة اللّي ندفن ولكن راس فلان ابن فلانة«.
القبر المهجور من أحب الأمكنة عند المشعوذين حسب محدّثنا، حيث أن دفن السحر في ترابه يضمن عدم إخراجه، ذاك أنه منسي لا يزوره أقرباء الميّت وبالتّالي لا يغرسون به ورودا أو بعض النباتات وسقيها كما جرت العادة.

مداهمات تفتيشية لأوكارهم كشفت المحظور
خلطات، رصاص، حنّة وشمع، طلاسم وحروز في بيوت المشعوذين
أعداد المشعوذين الذين وقعوا في قبضة رجال الأمن والدرك كبيرة، حيث كشفت المداهمات التفتيشية لأوكار هؤلاء زبائن من الجنسين إلى جانب خلطات، رصاص وحنّة وشمع، تمائم، طلاسم، حروز وتعاويذ، أقفال حديدية »كادنات« كانت تستعمل في أعمال السّحر، وإذ نذكر بعض الحالات فعلى سبيل المثال لا الحصر.
مصادر أمنية كشفت ل »صوت الأحرار« عن أن المداهمات التي تقوم بها ذات المصالح إلى أوكار المشعوذين تسفر عن إلقاء القبض على نسوة ورجال بداخل قاعات الاستقبال من مختلف الفئات الاجتماعية وكذا حجز عديد الخلطات المشبوهة عناصر تكوينها، تمائم، طلاسم، حيوانات كالتّاتة وجلودها، الحنّة، الشمع، النافخ، أقفال حديدية، ملابس داخليّة، حبّات بيض وقمح، وأغراض تستعمل في أعمال الشعوذة، تحجز بغرض التحقيق.
العديد من المشعوذين وقعوا في قبضة رجال الأمن والدرك الوطني وحوكموا بجنحة النّصب والاحتيال وممارسة الشعوذة والتنبؤ بالغيب، ورغم ذلك لم يعتبر زملاؤهم في المهنة، ذاك أن المال يغري وكل حرام مرغوب فيه كما يقولون، مشعوذة الدواودة التي نقلت »صوت الأحرار« مجريات محاكمتها بمحكمة القليعة في حينها، عثر بمنزلها على خلطات، حنّة وشمع، برّرت ذلك بكونها معالجة » مركوبة« وأن أسيادها من الجان يأمرونها بذلك وإلا لحقها ضرر على أيديهم..
مشعوذتان نظرت في قضيتهما محكمة تلاغ التابعة لدائرة اختصاص ولاية سيدي بلعباس نصبتا على سيدة بعد أن أوهمتاها بقدرتهما الفائقة على منع خيانة زوجها لها، حيث طلبتا منها إحضار سلسلة ذهبية وضعتاها على مرآها بداخل كيس سكّر، وضعتاه داخل قدر واشترطا عليها عدم فتحه إلى غاية اليوم الموالي، لتصفع باستبدالهما الكيس وأن الذي تركتاه لها كيس سكر معبّأ بقطعة رصاص وخلطة مشبوهة العناصر.
بدورها أحكمت عناصر الأمن الحضري رقم 12 بمنطقة الكيفان بولاية تلمسان، قبضتها على »عرّاف« كان يوهم العوانس بوجه خاص بالزواج، بينما كانت تمدّه بمقابل يصل إلى 50 مليون سنتيم، فيما عثرت مصالح الأمن عند مداهمتها وكره إثر بلاغ من جيرانه على نساء بقاعة الاستقبال تنتظرن أدوارهنّ، طلاسم، حروز مكتوبة وخلطات عبارة عن جلود حيوانات وفضلاتها، معدّة لمدّها لأصحابها.
منطقة »السوريكال« كانت مسرحا لتحايل مشعوذتين نظرت محكمة الحراش في قضيتهما بعدما تحايلتا على فتاتين وخالتهما العجوز، بإيهامهما بالزواج وإيجاد عريس، والبداية كانت بطلب إحضار قدر وكل مصوغاتهنّ التي بلغت قيمتها حوالي 80 مليون سنتيم، واشترطتا عليهنّ إقفال هواتفهنّ النقّالة وعدم فتحها إلى غاية اليوم الموالي، تظاهرتا برقيتهنّ وطلبتا من الفتيات لبس المصوغات في اليوم الموالي ولمدّة ثلاثة أيام متتالية دون نزعها، وزفتا إليهما بشرى اتّصال العرسان بهواتفهنّ النقّالة بمجرّد فتحها بعد أن وضعتا الأشياء بداخل القدر، غير أنهنّ صفعتا بالقدر لا يحوي سوى الهواتف النقّالة إلى جانب مادّة الرصاص.

إحصائيات غير رسمية تتحدّث عن وجود 20 ألف مشعوذ في الجزائر
»القريقري« لضمان بقاء شخصيّات في مناصبها عهدات متتالية
إحصائيات غير رسمية تشير إلى وجود حوالي 20 ألف مشعوذ في الجزائر، تلجأ إليه حسب العارفون بخفايا هذا العالم أغلبية ساحقة من النساء، متزوجات، أرامل، مطلقات، عوانس، وحتى مراهقات، ولم يغفل عن مثل هذه الأوكار تجار، رجال أعمال وحتى شخصيات ومن دار في هذا الفلك...يرغبون إلى جانب طرد العين، الاطلاع على الغيب، وضمان البقاء في مناصبهم لعهدات متتالية.
مصادر على اطلاع بخفايا هذا العالم أكدت ل»صوت الحرار« أنّ بعض الشخصيات والمدراء وزوجاتهم يعدّون الأحب عند السحرة نظير سخائهم وجودهم وما يدرنه من أموال طائلة، فيقصدون العراف لضمان بقائهم في مناصبهم مدة أطول، أو لعهدات متتالية، أو تحويلهم إلى منصب مرموق آخر، نظرا لما يمنحه هذا المنصب من امتيازات كبيرة لا يتسع المكان لذكرها، كما فعل أحدهم وهو مدير بمؤسسة، أسرّ لمقرّبيه أنّ مشعوذ معروف بولاية النعامة ب »تجميده الماء« على حد تعبير مرتادي وكره، منحه حرزا كتب فيه بعض الكلمات وقرأ عليه بعض التعاويذ، طلب منه وضعه أسفل صخرة ثقيلة، حتى يمكث في كرسيه ولا أحد يزحزحه عنه..
» أصحاب الشكارة غلاّو علينا الشوربة« على حدّ تعبير زبونة تعوّدت زيارة مشعوذين أضحوا كما صرّحت لنا يتعاملون مع الأغنياء ومن يمدّهم بالملايين والمصوغات، بينما يستسهلون مشاكلنا، فجارتي التي رافقتها إلى بيت مشعوذة منحتها خاتما وسلسلة ذهبية كونها زوجة مدير قضت حوائجها وأفلح » المعمول« الذي منحته لها في بقاء زوجها في منصبه نظير المشاكل التي تسبّب له فيها بعض العمّال وكادت تعصف به، كما نجحت في استعادة قلب زوجها الذي خانها مع شابة صغيرة، بينما تزدريني كلّما منحت لها » واش كتّب ربّي« ولم ينفعني سحرها في شيء، حتى ابنتي رسبت في دراستها ولم تتمكن من نيل شهادة البكالوريا للمرّة الثالثة .. أسرّت إلينا الزبونة.
من جهتها أسرّت إلينا منظفة بمؤسسة عمومية استقلّت برفقتنا سيارة تاكسي وهي تقول » المدير ديالنا داير فينا الباطل، بصّح والله ماراهو رايح« مضيفة أنها عثرت على حرز ملصق أسفل كرسي المدير بطريقة يتعذّر العثور عليه، حيث زجّ أسفل غلافه، ولولا شعورها بانتفاخ المكان عند تمرير المنشفة لما اكتشفت أمره، مضيفة أنها اطلعت على عبارة » فلان ابن فلانة ما يتزحزح من مكانه« مدوّنة به بواسطة حبر خاص إلى جانب كلمات استعصى عليها فهمها، مؤكدة أنها أعادته إلى مكانه خوفا من المدير الذي »عمّر« على كرسيه ولم يتزحزح رغم كره عديد العمّال له.

ETUSA تسبّب خسائر فادحة لهم بتحويلها إلى بطاقات
المشعوذون في رحلة البحث عن تذاكر الحافلات لسحر التجّار
أسرّت إلينا مشعوذة تزاول نشاطها بالعاصمة أن العثور على تذاكر الحافلات أضحى من المستحيلات، وإن وجدت فإنها تباع بالملايين، مضيفة أن خبر استبدال مؤسسة النقل الحضري ETUSA تذاكر نقل المسافرين عبر الحافلات أو المصاعد الالكترونية وتعويضها ببطاقات، يعدّ بمثابة صفعة لجميع المشعوذين، نظرا للأرباح الكبيرة التي كانوا يجنونها من وراء استخدامها في السحر لإنعاش دخلهم وجعل الزبائن يتطابعون بمحلاتهم كما في الحافلات..
لم تتمالك نفسها وهي مشعوذة معروفة بالعاصمة، اتخذت من أحد أحيائها الشعبية وكرا لها لممارسة أعمال السحر، ونحن نتقمّص دور التاجرة التي فقدت زبائنها وخسرت تجارتها، وهي تردّد على مسامعنا ونحن نسألها عن سرّ غلاء ما تطلبه وقد علمت من أحد زبائنها أن ثمن الزّيارة حدّدته ب 2000 دج، أي ضعف ما يطلبه الطبيب، أن الغلاء مسّ كلّ شيء، حتى المواد الأساسية التي تدخل ضمن مكوّنات الخلطات التي تمدّها لزبائنها قصد علاجهم، معبّرة عن سخطها الشديد إزاء القرار الذي اتخذته مؤسسة النقل الحضري بتغيير تذاكر الحافلات وتعويضها ببطاقات، »لا تنفع سوى لركوب وسائل النقل« على حدّ تعبيرها.
جواب المشعوذة زاد من فضولنا لمعرفة المزيد عن خبايا عالم مليء بالأسرار، حيث كشفت لنا أنّ التجار يلجئون إليها قصد تضخيم تجارتهم، وجلب الناس على الشراء من محلهم أكثر من غيرهم، وبذلك يتمكنوا من تسجيل أكبر نسبة من المبيعات، حيث تمدّهم العرافة إمّا بماء قرأت عليه بعض التعاويذ لرشّه على بضاعتهم، تسحر عيون الزبائن وتدفعهم لاقتنائها، ليكون حرق كمية من تذاكر الحافلات الأنجع عن سابقه حسب محدّثتنا، ذاك أنه يجعل الزبائن يحترقون إعجابا بالبضاعة ويكثر عددهم في المحل إلى أن يتطابعوا كما في الحافلات.
وفيما أبديت رغبة في الحصول على التذاكر خيّرتنا المشعوذة ما بين أن تجلبها لنا أو أن نحصل عليها بمعارفنا، وبتفضيلنا الخيار الأوّل أكّدت لنا أنها تجلبها لنا ب 8000 دج..لأنّ » أسيادها« أخبروها بأنني تاجرة مبتدئة على حدّ زعمها..



ضحايا السّحر يروين حكاياتهم ل»صوت الأحرار«
إيميلات عديدة وقّعها ضحايا السّحر وصلت الجريدة عبر الإيميل المخصّص للشيخ شمس الدين المدوّن بصفحتي روضة المؤمن، هنّ فتيات وسيدات كن ضحايا للسّحر والشعوذة، يروين حكاياتهن بصدق أملا في إيجاد مساعدة أو فتوى على يدي الشيخ، ننقلها بأمانة كما خطّتها أنامل جزائريات وقعن في قبضة من تناسوا أنّ السّحر يذوب كالملح أمام كلمات الله.

نفخوني بالسّحر كما ينفخ البالون
أنا أستاذة جامعية أنعم الله عليّ بالعلم والمال والجمال والتواضع، درست في بريطانيا في أرقى الجامعات، وساعدني والدي وتخرّجت والتحقت بالجامعة أستاذة متمكّنة وناجحة، صلاتي هي كنزي وعلمي هو مالي الذي أنفقه على طلبتي، تهافت الخطّاب على طلب يدي ولا زلت لم أرتبط بعد ولم أقرّر بعد، فلست على عجلة من أمري، أحاطني أهلي وصديقاتي في المسجد وطلبتي بالحب والرحمة والدفء واستمرّت حياتي سعيدة إلى اليوم الذي بدأ بطني ينتفخ، لم أشعر بشيء ولكني رأيته ينتفخ وضحكت على نفسي في البداية وظننت أني » بديت نسمان« بسبب المشروبات الغازية وقرّرت تقليل شربها، ورغم ذلك استمرّ بطني في الانتفاخ فذهبت إلى الطبيبة المختصّة فأجريت التحاليل اللازمة والأشعّة وبشّرتني أني لا أعاني من أي شيء وأن بطني في حالة عادية ونصحتني بترك الوساوس جانبا لأن أحدث الأجهزة المتطوّرة تشير إلى سلامتي..
استأنفت حياتي وتدريسي وحيويّتي محاولة إبعاد الوساوس كما نصحتني الطبيبة ولكن بطني استمرّ في الانتفاخ، أحسست بذلك وأقمت الدّليل من خلال ملابسي التي صارت ضيّقة ومشاهدتي لحال بطني، ذهبت إلى طبيبة أخرى مختصّة فأكّدت لي بعد التحاليل سلامتي ورغم ذلك استمرّ بطني في الانتفاخ وصار يحرجني، فكنت أخفيه بالملابس الواسعة حياءا من والدي وأهلي، ثم استمر وبرز وصار بطني يشبه بطن امرأة حامل في شهرها التاسع، ولم تنفعن كل تلك الحيل في ستر بطني وانكشف أمري لأهلي وطلبوا مني توضيحا لموضوع انتفاخ بطني وكانت الجلسة حسّاسة جدا، تصبّبت عرقا وكادت أوصالي أن تتقطّع وأنا أجلس قبالة والدي وإخوتي وبطني إلى فمي كأني حامل؟ ماذا أقول لهم؟ ومن يصدّقني؟ أخبرتهم بالحقيقة مادام طلبوا سماعها، أخذوني إلى طبيبة مختصّة فأخبرتهم بعد التحاليل أني لا زلت بكرا ولست حاملا ولا شيء في بطني وأنها لا تجد تفسيرا علميّا لهذا النّفخ..
اطمأن أهلي والحق أنهم لم يتّهموني بشيء ولكنهم أهلي ومن حقّهم القلق ومعرفة الحقيقة، وفي الوقت الذي تأكد أهلي من براءتي كانت الجامعة كلّها تتحدّث عن الأستاذة المتحجّبة التي تتظاهر بالتّقوى والصّلاح والتي انكشفت حقيقتها بظهور حملها، بل زادت بعضهن فذكرت أني حامل من أحد طلبتي وزادت أخرى أن الشّرطة قبضت عليّ في وضعيّة مخلّة بالحياء، وأبدع خيال إحدى زميلاتي في الجامعة أني حامل من أحد الأساتذة ولكنّها تكرّمت فلم تتهمني بالزنا بل الزواج به سرّا، وهكذا كنت أتصبّب عرقا وأنا أقف بين طلبتي في الجامعة أدرّسهم وبطني منتفخة كأني حامل على وشك الوضع، وقد تأكّد سلامتي طبيّا، فلم يبق إلا السّحر وهذا ما أكّدته لي إحدى الصديقات الوفيّات، فقد أكدت لي بالدليل أن السّحر من وضع إحدى الحاسدات اللواتي حسدنني على ما أنا عليه من نعم الله تعالى، سيدي وشيخي الفاضل شمس الدين، أنقذني من هذا السحر وأعدني لحالتي الأولى ولا تتخلّى عني، بدوري لن أنساك عند قيامي بالأسحار ولن أنساك عند الوقوف بين يدي الواحد القهّار.

الأستاذة"ن،ف" العاصمة
بخّرت داري براس كلب
أنقذني يا شيخ فأنا أعاني من سحر أسود وضعته لي امرأة طاردتني لأتزوّجها، لكنّي رفضتها وتزوجت ابنة عمّي، فأقسمت على تحطيمي وبالفعل حطّمتني عن طريق السّحر والشعوذة وكلّ يوم يزداد حالي سوءا، كنت شابّا وسيما قويّ البنية ولو تراني اليوم لا تصدّق ما حلّ بي، أنا اليوم هزيل جدّا، مريض جدّا وليس لي مرض معيّن، فالأطبّاء اتفقوا على سلامتي ولكنّي رغم ذلك أشعر بمرض وأنّه في عروقي، وخز كالإبر في كلّ أنحاء جسمي، لا أرى إلّا سوادا، دماغي غير مستقرّ، قلبي غير مستقر، أحوالي غير طبيعيّة، وإذا حلّ اللّيل والظلام أقضي الليل كله في عذاب وعذاب، لا أدري كيف أشرحه، فأنا لا أجد الكلمات لأعبّر عنه لأنه عذاب بداخلي، طلبت النّصيحة من أحد معارفي فنصحني »بطالب« مغربي، شددت الرّحال إلى المغرب وبحثت عنه حتى و


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.