الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا: تأكيد على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق    في إطار متابعة تنفيذ برنامج التحضير القتالي لسنة 2023/2024: الفريق أول لسعيد شنڤريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الثالثة    محمد عرقاب : نحو استحداث 4 معاهد تكوينية متخصصة في مجال المناجم    يعقد هذا الجمعة بتركيا.. مجلس الأمة يشارك في مؤتمر "رابطة برلمانيون من أجل القدس"    عطاف يؤكد:الوضع المأساوي في قطاع غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    تكفل الدولة بالمواطن متواصل..!?    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بجسر قسنطينة بالعاصمة: وضع حد لنشاط عصابة إجرامية تحترف سرقة السيارات    المجمع الجزائري للغة العربية : الإعلان عن تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللغة العربية    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    طاقة ومناجم: "نسعى الى استغلال الأملاح الناتجة عن تحلية مياه البحر"    لا بديل عن الرقمنة في جرد وأرشفة الملفات القضائية    80٪ من الجزائريين يستفيدون من الانترنت    استعراض آفاق قطاعات النقل والرقمنة في الجزائر    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    تطوير المنصة الرقمية للمستثمرين في الصناعة الصيدلانية    تم معالجة 40 ألف شكوى تلقاها وسيط الجمهورية وطنيا    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    «داربي» عاصمي واعد من أجل مكان في النّهائي    تضاعفت قيمة عمورة السوقية 4 مرات: سانت جيلواز.. عمورة للبيع لمن يدفع أكثر من 20 مليون يورو    الخطوط الجوية تعلن عن عرض جديد    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    برج بوعريريج.. مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 76 يرى النور قريبا    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    توظيف التراث في الأدب.. عنوان المقاومة..    البنك الوطني الجزائري: رقم الأعمال يرتفع بأكثر من 27 بالمائة في 2023    المدرسة العليا للدّفاع الجوي..صرح علمي بكفاءات عالية    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    الإحصاء للعام للفلاحة : تحضيرات حثيثة بولايات جنوب الوطن    مسؤول أممي: نشعر بالذعر من تقارير عن وجود مقابر جماعية في غزة    فرصة جديدة لحياة صحية    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    بطولات رمز المقاومة بالطاسيلي ناجر..تقديم العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "آق ابكدة .. شمس آزجر"    القضاء على إرهابي واسترجاع مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف بمنطقة الثنية الكحلة بالمدية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    استدعاءات الباك والبيام تُسحب بداية من 9 ماي    وزارة الفلاحة تنظّم ورشات لإعداد دفاتر أعباء نموذجية    مؤشرات اقتصادية هامة حقّقتها الجزائر    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    90 % من الجوعى محاصرون في مناطق الاشتباكات    بن ناصر يُفضل الانتقال إلى الدوري السعودي    الشباب السعودي يقدم عرضا ب12 مليون يورو لبونجاح    مصادر وأرشيف لتوثيق الذاكرة بجهود إفريقية    الدورة 14 مرفوعة إلى الفنان الراحل "الرازي"    رفع مستوى التكوين والاعتماد على أهل الاختصاص    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السحر والشعوذة عالم يغرق رواده في وهم يكلفهم الملايين
رغم معرفتهم بحكم الشرع فيه
نشر في السلام اليوم يوم 02 - 05 - 2012

تشهد ظاهرة الدجل والشعوذة تزايدا رهيبا في السنوات الأخيرة بالرغم مما يشهده العالم من تقدم تكنولوجي في مختلف المجالات وأصبحنا نجد في الكثير من الأحياء بيوتا ومحلات يزاول الدجالون نشاطاتهم فيها لممارسة طقوس السحر، وقد أصبحت هذه الظاهرة موضة يلجأ إليها أشخاص من مختلف فئات المجتمع كوسيلة لحل مشاكلهم الاجتماعية.
رأي الشريعة الإسلامية في السحر والشعوذة
يقول الدكتور عبد الله بن عالية، أستاذ في الشريعة بجامعة الخروبة: "إن السحر ناتج عن أقوال وأفعال ووضع جداول مدروسة بدقة متناهية وبها خطوط وحروف هندسية جد معقدة، فهو ينعت بالقنبلة الشيطانية الموقوتة التي يبطلها القرآن الكريم، هذا الكتاب الذي يحفظ الإنسان من أشرار الجن والسحر لقوله تعالى: (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين)، ولقد ذكر السحر في القرآن الكريم في مجال التعريض حين تكلم عن سحر فرعون فقال الله تعالى:(يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) وقوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)، فالضار والنافع هو الله ولا يستطيع أحد من الخلق أن يضر بأحد آخر إلا بإذن الله، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من مشى إلى عراف فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد"، فالسحر عدو لا يستهان به ويعرض كيان الأمة الإسلامية إلى الخطر ومعظم الدجالين يرتكبون جرائم لا أخلاقية، حيث يعاشرون النساء بحجة إخراج الجن أو فك السحر"، ويضيف الأستاذ "أن هناك غسالة موتى تائبة أخبرته أنها كانت تتعاون مع مشعوذة وتعطيها ماء الموتى لتمارس طقوس السحر به مقابل المال بالإضافة إلى أن هناك من الدجالين من يقوم بتدنيس القرآن الكريم بدم الحيض ويتعدون على حرمة الميت وينبشون القبور"، فهم لا يعترفون بالأعراف السماوية، فالسحر حرمه الله في كتابه الكريم وتوعد من يصدق العرافين بالعذاب العظيم وجعل حدا لهؤلاء الدجالين وهو القتل إن لم يتب، لأن عمل الساحر فيه ضرر كبير على المجتمع، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما".
ويجب مواجهة هؤلاء الدجالين لنشر الوعي بتحريم الإسلام للدجل لدى الناس من خلال الأئمة والدروس الدينية في المساجد.
ويقول "جمال" إمام مسجد ومعالج بالقرآن الكريم إن العلاج الروحاني مبني على العلاج بالرقية الشرعية بالكتاب أو السنة أو الأذكار النبوية فإن كان ذلك هو المراد فإنه لا بأس به شرعا وعقلا فإن الله تعالى قد جعل الشفاء في القرآن الكريم كما قال سبحانه وتعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة ولا يزيد الظالمين إلا خسارا"، ومازال السلف من الأمة يرقون بالقرآن ويتعالجون به من عصر الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا، وهناك قصص كثيرة عن رقية الصحابة.
ويضيف "هناك حالة من الجهل تسيطر على الكثير من النساء لدرجة أنهن يقتنعن أن معاشرة الدجال لها ستفك السحر، فأين العقل وأين الدين، فحتى الرجال أصبحوا يذهبون إلى الساحر في ظل المشاكل الاجتماعية التي يعيشونها، وكثير من الناس يذهبون إلى الساحر لإيذاء الآخرين وتفريق الأزواج أو تدمير الأسر، وهناك من يقوم بعمل سحر لشخص آخر وتدميره من باب الحسد، وقد يلجأ المظلوم إلى الساحر ليسخر له الجان في الانتقام من ظالمه أو تسليط الهموم عليه أو لكشف الغيب أو توقع المستقبل كمعرفة مكان المسروق أو الضائع، وهذا يعني أن الحقد والجهل أصبحا منتشرين بين الناس، فلا يجب أن يكون المسلم عونا للشيطان. ويلجأ العديد من ضعاف النفوس إلى بث سمومهم وأفكارهم المنحرفة لإيذاء الناس والإيقاع بهم من خلال العديد من الوسائل التي تدخلهم الشرك، وتتفاوت درجات السحر في أوساط المشعوذين، إلا أن الهدف الذي يحاولون الوصول إليه هو الإضرار بالأسر وتفريقهم وإلحاق الأذى بالكثير من الناس لأسباب غامضة في مضمونها وتافهة في مجملها وبث الفتن وتعذيب المجتمعات وتفريق الأزواج، ويضيف أن للسحر عدة أنواع منها أسحار أو طلاسم لتعطيل الأزواج عن زوجاتهم وتفريقهم، وأسحار الأمراض والجنون، ويزداد أمر علاجها تعقيدا في غالب الأحيان، وتتمثل الأعراض التي ترافق الشخص المسحور في الأحلام المفزعة المتكررة ورؤية الثعابين السوداء
مصالح الدرك الوطني تعالج 280 قضية نصب واحتيال للمشعوذين في48 ولاية خلال عام 2011
يقول "سليم دحماني"، رئيس كتيبة الدرك الوطني بباب الزوار: "لقد تمت مداهمة العديد من البيوت وغلق الكثير من المحلات التي كانت تستغل كوكر لممارسة السحر والشعوذة، وغالبا ما تمارس طقوس السحر بطريقة سرية، لذلك فنحن لا نستطيع مداهمة أي بيت إلا بناء على معلومات مؤكدة، ونستعين في المداهمات بمتعاونين من النساء أو الرجال، وفي الغالب نتلقى بلاغات من الجيران المنزعجين من تصرفات المشعوذ أو بناء على شكاوى الضحايا أو نضع مرشدين للمراقبة إذا كانت لدينا شكوك في وجود دجالين في منطقة ما، وتمت معالجة 280 قضية في مختلف ولايات الوطن خلال سنة 20، 11وتنتشر الشعوذة بكثرة في الأحياء الشعبية وفي البيوت القصديرية بالإضافة إلى المناطق الموجودة على الحدود مع المغرب كتلمسان وبني صاف وعين تموشنت ومغنية، بالإضافة إلى المناطق الجنوبية الموجودة في الحدود مع مالي والنيجر، وفي العاصمة تم إلقاء القبض على 80 مشعوذا في نفس السنة، ومن بين القضايا إلقاء القبض على مشعوذ كان ينشط في العاصمة ويشترط أن يكون زبائنه من النساء، وبناء على شكاوى اللواتي استولى على مجوهراتهن أو اعتدى عليهن فقمنا بالاستعانة بمتعاونة من الدرك تتخفى كأنها من الزبائن لتسجيل صوت المشعوذ وهو يمارس طقوس السحر، بالإضافة إلى أننا قمنا بحجز المستلزمات المستعملة في السحر كالمداد والرصاص ومادة القطران ومجموعة قصاصات ورقية عليها طلاسم وعقاقير، وغالبا ما يقع العديد من النساء فرائس للمشعوذين الذين يحتالون عليهن ويدعون أنهم يملكون قدرات خارقة ويوهمونهن أن شرط إخراج الجن منهن هو الاعتداء عليهن، فالعديد من الضحايا اللواتي تلقينا شكاويهن قاموا بالإبلاغ عن المشعوذين بعد أن علموا أن العلاج عندهم لا فائدة منه، وأنه مجرد أكاذيب، بالإضافة إلى أنه تم القبض على رعايا أجانب من مالي والنيجر بعد مداهمة شقة بباب الزوار يجلبون مستلزمات السحر من بلدانهم كرأس جدي وجلود ثعابين وعقاقير تستخدم في الشعوذة ويبيعونها للمواطنين بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى الزئبق الأحمر الذي يوهمون به الضحايا من التجار وأصحاب الشركات أنه سيجلب لهم الحظ وسيعمل على زيادة مداخيلهم، كما أننا قمنا بالقبض في القبة والحراش على رعايا من بلدان عربية يمارسون طقوس السحر ويتخفون تحت غطاء بيع الأعشاب، وتم الحجز في محلاتهم على عقاقير ومواد تستعمل في السحر، كما أنه تم القبض على رعية من المغرب ينشط في البليدة يجلب مستلزمات السحر من المغرب وتم مداهمة بيته بناء على بلاغات من جيرانه المنزعجين منه، وتم ضبط طلاسم مغربية وريش طيور وفرو ثعلب، وحسب التحقيقات معه أخبرنا أنه يوهم ضحاياه بناء على البرج الذي ينتمي إليه الزبون سواء كان مائيا أو ناريا باستعمال طريقة حسابية تجمع بين اسم الأب أو الأم، وأنه يبيع مستلزمات السحر المجلوبة من المغرب بمبالغ تتراوح بين 10 آلاف و40 ألف دينار، كما أنه تم إلقاء القبض على شيخ يبلغ من العمر 68 سنة في حي قصديري بباش جراح يوهم ضحاياه بأنه شيخ مبروك من أولياء الله، يملك قدرات خارقة تعالج من الأمراض المستعصية، وتم ضبطه متلبسا في بيته يتعدى على إحدى الزبونات، لأنه أخبرهم أن شرط شفائهم هو لمسهم، وقد ألقي القبض عليه بناء على شكاوى العديد من الضحايا اللواتي استولى على مجوهراتهن أو أموالهن بعد فشله في علاجهن، كما أنه تم القبض على العديد من المشعوذين في المناطق الغربية، وخاصة في منطقة مغنية الموجودة على الحدود مع المغرب، وقد تم هناك القبض على ساحرة توهم ضحاياها أنها تجلب ماء (مبروكا) من منبع مغربي وعقاقير تشفي من الأمراض المستعصية وتستولي منهم على أموال كبيرة، وحسب إدلاءات المتورطين من المشعوذين من خلال التحقيقات، فإن أغلب زبائنهم هم إطارات وأصحاب مؤسسات مفلسة أو تجار قصدوهم من كل الولايات وحتى من الخارج قصد إزالة النحس والبحث عن الحظ لعلهم يجدون عند السحرة الحل لاسترجاع أموالهم وتحقيق صفقات أخرى، أو نساء عوانس يبحثن عن زوج ولدفع النحس عنهن، بالإضافة إلى أشخاص يعانون من أمراض مستعصية".
رأي القانون في الظاهرة والقضايا المتداولة في المحاكم
يقول الأستاذ "محمد.ب"، محام لدى مجلس قضاء الجزائر: "إن أغلب قضايا السحر والشعوذة تدخل ضمن مزاولة نشاط بطريقة غير شرعية وضمن جريمة النصب والاحتيال، وفي بعض الأحيان تكون مصحوبة بالاعتداء على حرمة الغير بالإضافة إلى أن الازدياد المطرد والملحوظ في أعمال جريمة النصب والاحتيال يسببه استمرار الضحايا الكثيرين بالتحلي بالبساطة والسذاجة".
ومن جهة أخرى يقول الأستاذ "إن المشرع وضع قوانين صارمة للحد من ممارسات السحر التي تدخل ضمن النصب الذي تعاقب عليه المادة 372 من قانون العقوبات، وتقول هذه المادة: "كل من توصل إلى استلام أو تلقي أموال أو سندات أو إلى اعتماد مالي خيالي أو بإحداث الأمل في الفوز بأي شيء منها يعاقب بالحبس من سنة على الأقل إلى خمس سنوات وبغرامة مالية من 500 دينار إلى 20 ألف دينار"، ونخلص من هذه المادة إلى أن جريمة النصب من الجرائم المادية التي يعتدي فيها الجاني على أموال الغير بالطرق الاحتيالية.
رأي علم الاجتماع في انتشار ظاهرة السحر والشعوذة
يقول الأستاذ "يوسف أمليح" دكتور في علم الاجتماع: "إن الانتشار الرهيب للسحر والشعوذة يعود إلى سيطرة الخرافات في أوساط عامة الناس وتزايد المشاكل الاجتماعية والأمراض المستعصية بالإضافة إلى المعتقدات الموجودة في الثقافة الشعبية مثل كلمة (المعيان والتقاف والتابعة وأنت مسحور)، وحسب دراسة ميدانية حول السحر أثبتت أن 70 بالمائة من النساء يلجأن إلى المشعوذين وال30 بالمائة من كلا الجنسين أغلبهم لهم مستوى ثقافي وعلمي جيد، وبالتالي فإن تفشي ظاهرة السحر في أوساط المثقفين يعود بالأساس إلى ابتعاد الإنسان عن دينه وأعرافه الاجتماعية والجهل، وأثبتت أيضا الإحصائيات أن هناك 15 ألف مشعوذ ينتشرون بكثرة لاعتقاد الكثير من الأسر بقدرة هؤلاء على حل الكثير من المشاكل المستعصية، خاصة الاجتماعية منها كالتأخر في الزواج أو الصحية كعدم الإنجاب أو العقم، وإن الدجالين يعمدون إلى ممارسة هذه الخرافات التي يؤمن بها العديد من الناس بهدف جني الأموال بالإضافة إلى أنه حسب الدراسات الاجتماعية تبين أن السحر والشعوذة أصبحت تلجأ له جميع الفئات الاجتماعية سواء من الأغنياء أو الفقراء أو المثقفين أو الأميين".
رأي علم النفس في السحر والشعوذة
تقول الدكتورة "نبيلة صابونجي"، متخصصة في علم النفس الاجتماعي: "إن السحر له تأثيره القوي على شخصية الإنسان سواء من الناحية النفسية أو السيكولوجية، حيث ينجم عنه تحول اجتماعي داخل محيطه، وإذا لم يتفطن ذلك الإنسان المصاب للتغيرات الحاصلة له فيمكن القول أنه سيدخل في دوامة نفسية لا يعرف أولها من آخرها، فبالرغم من التطور الهائل للطب النفسي، إلا أن هناك من يعتقد بأن الطب النفسي للمجانين والمعقدين، ويأتي ذلك من قصور في الفهم، فالعلاج النفسي يطالب المريض بتحدي مشاكله الداخلية، ولكن الكثير من المصابين بأمراض نفسية يخافون من العلاج الداخلي نتيجة ضعف الشخصية وبالتالي يلجأون إلى الدجالين الذين يعتمدون على التشخيص الخارجي، فالمشاكل الاجتماعية التي ليس لديها حل كالعنوسة تسبب للشخص الإصابة باليأس وتشكل له عقدة، وهذا ما يجعله يبحث عن حلول وهمية عندما تضيق في وجهه أبواب الأمل، ويتعلق أكثر بالخرافة ليتمسك بقليل من الأمل"، وتضيف الدكتورة: "إن هذا الكون الذي نعيش فيه يحوي الكثير من الكائنات والقوى التي نستطيع إدراك بعضها بحواسنا والبعض الآخر نعجز عن إدراكه، ومنها قوى الخير وقوى الشر كالشياطين والجن، ولديهم قدرة كبيرة على التأثير، ومن هنا جاء خوف الإنسان من تلك القوى الخفية، ولهذا استغل الدجالون والمشعوذون هذا الخوف وضخموه في عقول العامة من الناس وأقاموا على أساسه كما هائلا من المعتقدات والممارسات السحرية التي جعلت لهم سلطانا على عقول الناس، خاصة في المجتمعات التي تنتشر فيها الأمية، وهم يحيطون ممارساتهم ببعض التصورات شبه الدينية لكي يزيد من تأثيرهم في الناس، وللأسف استطاعوا أن يغزوا عقول الكثير من المتعلمين والمثقفين بالإضافة إلى أن الاكتشافات الطبية أدت إلى الاعتقاد أن كل شيء أصبح واضحا، فما كان يعتقده البعض تأثيرا للجن أصبح مفهوما من خلال اللاشعور مثل الهستيريا المسؤولة عن التشويش والتي استغلها الدجالون لإثبات صحة عملهم ،وتلك الحالات تصيب الشخصيات غير الناضجة انفعاليا، والقابلة للإيحاء فيحدث انشقاق في مستوى الوعي وحالات إغماء أو صراع هستيري أو يتصرف الشخص كأنه شخص آخر ليعبر عما لا يستطيع التعبير عنه في حالاته العادية وأحيانا يتغير صوته ويأتي بأفعال تثير الدهشة فيلجأ لبعض الدجالين، حيث يقومون ببعض الإيحاءات أو إيلامه بالضرب فيفيق من هذا الانشقاق بسرعة مما يزيد من ثقتهم في الدجال، ولكن الأعراض تعود عند أول ضغط نفسي ما يزيد الأمور تعقيدا، وفي بعض الأحيان يصاب المريض بالجنون نتيجة ضرب الدجال له، فالإحباطات التي يعاني منها الناس والتي معها يشعر الإنسان أنه وحيد عاجز عن تحقيق ما يريده فضلا على أن ضعفه يجعله يلجأ للغيبيات، ومن بين الأشياء التي ساهمت في نشر السحر وجود العديد من القنوات الخاصة بالسحر التي تؤثر في نفسية عدد كبير من المتلقين من خلال جهاز التلفزيون الذي لا يخلو منه أي بيت، وفي الغالب يكون المترددون على هؤلاء المشعوذين من الشخصيات الهشة داخليا والمهزوزة من الناحية النفسية وسهل التأثير عليها وإقناعها من قبل الآخرين بالرغم من أن العديد منهم ليسوا مقتنعين تمام الاقتناع بهذه الطرق، ولكنها تظل الطريقة الأسهل والأكثر سرية وقدرة في حل المشاكل في نظرهم"، وتضيف الدكتورة "أن هناك بعض الناس يلجأون إلى هؤلاء المشعوذين لمجرد الترفيه وكسر الروتين للاطمئنان على المستقبل الذي هو بيد الله، ولكن يكون هؤلاء الناس بلغوا من الرفاهية وامتلاك كل شيء في الحياة تقريبا مما يجعلهم يشعرون بالملل والرغبة في شيء مختلف حتى وإن كان مجرد خرافة" وتضيف "أغلب الناس يشعرون بالضعف في حياتهم والشعور بعدم الثقة في النفس فيلجأون إلى معرفة الغيبيات أو الحصول على مكاسب بأسهل الطرق، وفي علم النفس يسمى هذا بالحياد النفسي، حيث أنهم يستخدمون دفاعات نفسية غير سوية، وأهمها ما يدعى بعدم الفعل، فبدلا من التغلب على مصاعب الحياة أو السعي لتحقيق الآمال الكبيرة بالعمل والاجتهاد، يسعى هؤلاء للوصول إلى الأشياء بسرعة لتبرير عجزهم من خلال الأبراج وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ والتنجيم وغيرها من الأمور الإنتاجية المهدرة للمال والوقت، وقد انتشر السحر بسرعة، لأنه أضيفت عليه صبغة علمية وأصبح موجودا في الانترنت ويصدر عنه الكثير من المطبوعات والكتب التي تسجل أرقاما كبيرة من المبيعات، وقد نجد مبررا إنسانيا بعيدا عن حرمة هذه الأمور شرعا إذا نظرنا إلى أن قراءة الأبراج والحظ قد يدخل إلى النفس القلقة بعض الراحة النفسية، وهو أمر معقول على ألا يتعداه إلى الإدمان والاعتماد على السحر في تسيير أمور حياتنا، لكنني لا أستطيع أن أجد تبريرا لمن يخططون لمستقبلهم ويتخذون قراراتهم على أساس ما يقوله لهم قارئو الفنجان أو الدجالين، لأن هذا كله سيسبب لهم صدمة نفسية كبيرة وإحباطا شديدا عندما يكتشفون أن كل توقعات الدجالين تدخل في باب الأكاذيب والأوهام، وأنهم فقدوا آمالهم وأمنياتهم التي لم تتحقق، وأنهم فقدوا إرادتهم في الحياة".
انتهى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.