بعد توجيه وزير العدل الأمريكي يوم الاثنين الماضي 22 افريل تهمة استخدام سلاح القتل الجماعي لجوهر تسارنايف البالغ من العمر 19 أحد مدبري حادثة التفجير الإجرامي التي وقعت يوم الاثنين 15 أفريل2013 خلال فعاليات الماراطون الدولي لمدينة بوسطن والتي ذهب ضحيتها ثلاثة قتلى وحوالي 200 جريح، ورغم تأكيد تسارنايف الذي يواجه عقوبة الإعدام أن أي مجموعة إرهابية دولية لم تشارك في التفجيرين اللذين استهدفا ماراثون المدينة أن شقيقه تيمورلنك 26 عاما الذي قتل الجمعة الماضي بعد مطاردة الشرطة له هو الذي قاد الهجومين. وتصريح مصدر حكومي أمريكي أن الاستجوابات الأولية لتسارنايف أشارت إلى انه من الممكن اعتبار الشقيقين جهاديين اعتنقا التطرف من تلقاء نفسيهما خارج إطار أي منظمة.. أن شقيقه كان يريد رد الهجمات عن الإسلام. عاد الهاجس الأمني ليسيطر على انشغالات السياسيين الأمريكيين بعد أن تراجع هذا الهاجس بشكل ملحوظ إثر نجاح إدارة الرئيس باراك أوباما في قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن المتهم الأول بالمسؤولية عن تفجيرات 11 سبتمبر2001 التي دمرت برجي التجارة العالمية بنيويورك وجزء من مبنى البنتاغون بواشنطن وأزهقت أرواح ما يقارب ثلاثة آلاف شخص. ورغم اللهجة الرصينة والمتعقلة للرئيس باراك أوباما الذي طالب مواطنيه في أول خطاب له بعد تفجيرات بوسطن بعدم التسرع في اللجوء إلى استنتاجات معينة، وهي نفس اللهجة المتريثة التي تبناها مسؤولو الشرطة في تصريحاتهم إلا أن التركيز على الديانة الإسلامية للمتورطين في التفجير الإرهابي الأخير ببوسطن،خصوصا بعد اعتراف جوهر تسارنايف بأن شقيقه تيمورلنك كان يريد رد الهجمات عن الإسلام.جعلت المخاوف تتصاعد في أوساط الجالية العربية والمسلمة بأمريكا من التوظيف السياسي لهذا التفجير الإجرامي ضد المسلمين داخل الولاياتالمتحدة وخارجها. ويعزز هذه المخاوف-حسب موقع الجزيرة-نت: حملة إعلامية تحرض ضد العرب والمسلمين لدرجة أن بعض وسائل الإعلام الأميركية وجهت أصابع الاتهام إلى المسلمين قبل الإعلان عن هوية منفذي التفجيرات. وبعدها بيوم واحد دعا المعلق في قناة فوكس نيوز إريك راش إلى قتل جميع المسلمين، واصفا إياهم بالإرهابيين والأشرار. ويشترك في هذه الحملة أعضاء في الكونغرس، إذ دعا عضو لجنة الاستخبارات فيه بيتر كينغ إلى وضع المسلمين الأميركيين تحت المراقبة، مضيفاً في تصريحات نشرتها نيويورك تايمز ''ندرك أن التهديدات قادمة من المجتمع المسلم، ولذلك نحن بحاجة إلى المزيد من الرقابة عليهم''. وقد طالب السيناتوران الجمهوريان ليندسي غراهام، وجون ماكين منذ البداية اعتبار جوهر تسارنايفس عدو مقاتل وعدم توفير محام لهس.ولكن الإدارة الأمريكية قررت محاكمته في المحاكم المدنية باعتباره مواطنا أمريكيا اقترف الفعل المتهم به داخل أراضي الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقد سارعت أغلب الدول في العالم، ومن بينها الدول العربية والإسلامية والحركات الإسلامية إلى إدانة ذلك العمل الإرهابي الشنيع، والتعبير عن مشاعر التعاطف مع الشعب الأمريكي وتقديم العزاء لعائلات الضحايا. إن معاناة العرب والمسلمين مازالت حاضرة في الواقع وفي الأذهان من آثار تلك الحملة الانتقامية التي شنها الرئيس الأمريكي السابق جورج ولكر بوش على العالم طوال سنوات حكمه ,2001 و أجج سعارها تنظيرات جماعة المحافظين الجدد التي أوجدت التبريرات الإيديولوجية لتصعيد حملة الكراهية والعداء الأمريكي للإسلام، وكان الثمن المباشر لتلك السياسة الجائرة هي احتلال أفغانستان والعراق وازدياد الدعم والانحياز الأمريكي بشكل مطلق للمحتل الإسرائيلي، والغريب أننا نشهد اليوم أن الإعلام العربي أصبح ينافس إعلام اليمين الأمريكي العنصري في إيجاد الروابط بين العمل الإرهابي والدين الإسلامي، وهكذا سارع موقع زالعربية-نتز إلى إقامة علاقة سببية بين تصرف الشقيقين الأمريكيين ذوي الأصل الشيشاني، جوهر تسارنايف وتيمورلنك تسارنايف وبين تنظيرات المدعو أبو مصعب السوري الذي قال موقع العربية نت عنه أن دمشق كانت أفرجت عنه سنة ,2012 بعد أن تسلمته من الولاياتالمتحدةالأمريكية في سنة 2005 في إطار برنامج الترحيل السري الذي نفذته وكالة الاستخبارات الأمريكية ( السي. آي. إي ( للعناصر المتهمة بالإرهاب. وحسب موقع العربية-نت فإن أبا مصعب السوري هو الذي علم الأخوين تسارنايف كيفية اختيار الأهداف التي يمكن فيها إزهاق أكبر عدد من الأرواح بكلفة رخيصة مثل التظاهرات الرياضية. ومهما كان الغرض من نشر مثل هذه الأخبار الموجهة وبغض النظر عن مدى صحتها، فلا يمكن للإنسان أن يجد تبريرا لتصرف المتورطين في تفجيرات بوسطن، فإذا كان هدف تلك التفجيرات الإرهابية هو الانتقام من الولاياتالمتحدةالأمريكية فإن تصرف المتورطين المباشرين فيها لا يدخل إلا في إطار الغدر و التنكر للجميل والإساءة الغبية إلى بلد منحهما حق اللجوء ووفر لهما فرصة التعليم والعيش الكريم في بلد يحلم ملايين البشر بالحصول على فرصة للهجرة إليه والاستفادة من الحقوق والحريات التي يوفرها لمواطنيه، أما إذا كان الهدف هو مجرد القتل من أجل القتل ،فهذا جنون ووحشية لا يبررها عقل ولا يقرها دين ،أما الأدهى والأمر فهو أن يكون الفاعلان المعلن عن تورطهما قد استخدما الإسلام كتبرير لجرمهما بحجة مناصرة قضايا المسلمين المظلومين، وحتى هذه الحجة تصبح أشبه بمن يجسد مغزى المثل القائل: ''يصنع الجاهل بنفسه، ما لا يصنع العدو بعدوه''! لأن تفجير زاوية من شارع في أمريكا لجلب الاهتمام الإعلامي بترويع الآمنين وقتل بضعة أفراد الأمريكيين أو من جنسيات أخرى حضروا للمشاركة في تظاهرة رياضية دولية يعود حتما بأضرار لا يمكن تصور أبعادها وحصر تأثيراتها السلبية على صورة الإسلام وسمعة المسلمين وقضاياهم العادلة،فضلا عن كون الإسلام الذي حرم الغدر والخيانة،حرم كذلك قتل الأبرياء مهما كانت جنسياتهم.