مرة أخرى يتم تكذيب خبر مقتل الإرهابي مختار بلمختار في غارة شنتها طائرة أمريكية على مسلحين في ليبيا، فقد تداولت وسائل الإعلام الغربية بيانا منسوبا إلى التنظيم المسمى أنصار الشريعة فيه قائمة بأسماء القتلى الذين قضوا في الغارة الأمريكية، وليس بينهم بلمختار، وليست هذه المرة التي تعلن فيها جهات رسمية مصرع بلمختار، ليتم تكذيب الخبر لاحقا. بصرف النظر عن الأسماء، وهيبة بعض قادة العمل الإرهابي، والتي تصنعها وسائل الإعلام، فإن الأمريكيين لم يتوقفوا عن عمليات اصطياد من وضعتهم على قوائم التصفية، منذ سنة 2001، والطائرات من دون طيار تواصل مهامها في أكثر من دولة في الشرق الأوسط، وتتسع رقعة النشاط دون طلب الإذن من أي جهة، وحتى مؤسس القاعدة أسامة بن لادن تم الوصول إليه في باكستان وقتل وأغرقت جثته في البحر، لكن هل أدى هذا إلى نهاية الخطر الإرهابي؟ الإجابة هي قطعا لا. الأجيال المتعاقبة من التنظيمات الإرهابية تتجه نحو مزيد من الدموية والقدرة على الإيذاء، فمن رحم القاعدة جاء داعش، وظهرت كثير من التنظيمات الإرهابية التي تحمل أسماء مختلفة لكنها تتقاسم نفس الفكر المتطرف، والسلوك الوحشي، وبحسب الحاجة إلى هذه التنظيمات تم تصنيفها في خانات تتراوح بين الثورية والإرهابية، ولا مانع من أن يتم نقل تنظيم من قائمة إلى أخرى بحسب تبدل المهام والظروف. المؤكد أن بلمختار تنقل بين الجزائرومالي والنيجر وليبيا بحسب تطورات الأحداث، ومن الغريب أن نجده حيث يريده الغرب أن يكون، فهو في شمال مالي حين تكون الحاجة ملحة لإطلاق عملية عسكرية فرنسية هناك، ويعاود الظهور في ليبيا التي يراد لها أن تتحول إلى قاعدة تنطلق منها عملية إعادة ترتيب أوضاع المنطقة، وبين الساحل وليبيا، يمكن تنفيذ عمليات استعراضية في الجزائر تكون مفيدة في لي الذراع، وفي إبقاء الضغط عند الدرجة المؤثرة. سيموت بلمختار بصاروخ أمريكي، أو بلسعة عقرب، أو حتى بسبب حمى غير معلومة المصدر، لكن ذهابه لن يغير شيئا في الوضع، فالجماعة الإرهابية ستجد خليفة له، والأرجح أنه سيكون أكثر تشددا، والأفضل هو البحث عن حقيقة هذه التنظيمات والجهات المستفيدة من نشاطها الإجرامي.