من أمام المسجد العتيق المتواجد بوسط مدينة باتنة تصادفك طوابير طويلة لنساء جالسات على الأرض يعرضن سلعتهن المتمثلة في الطاجين الذي يستخدم في طهي الكسرة والذي يصنع من مادة الطين الخام، والبعض منهن يبعن الأعشاب الطبيعية بالإضافة إلى بعض المواد التي تستعملها النساء في التجميل كالسواك والكحل، أما البعض الآخر ففضلن ممارسة تجارة بيع طاجين الطين والحلي "البلاكيور" بحثا عن الرزق وإن كان شحيحا. هو مشهد يتكرر يوميا لنساء يجلسن لساعات طويلة يلتحفن السماء ويفترشن الأرض في بعض الأزقة والممرات يتحدين حرارة الطقس صيفا وبرودته شتاء، ويفضلن الكد والتعب بحثا عن لقمة العيش لهن ولأفراد أسرهن، بدلا من مد أيديهن والكسب غير المشروع مدركات قسوة الحياة، ويعلق أحد المواطنين على الظاهرة بقوله »علينا أن نقدر كل امرأة تكسب رزقها من عرق جبينها سواء كانت تبيع الأعشاب أو غير ذلك فهذا أشرف من أن تمد يدها للآخرين لأنها توجهت للمجال الذي تستطيع أن تعمل فيه بشرف لأنه وببساطة لو كان لدينا رعاية اجتماعية جيدة تتولى هذه الأمور لما رأينا تلك النساء على أرصفة الشوارع فرغم انتشار المخابز بكثرة إلا أن هناك الكثير من المواطنين الذين يحبون أكل الخبز المصنوع من طاجين الطين والذين يستبدلون طواجنهم كل بضعة أشهر تقريبا «. ويرى مواطنون آخرون تحدثنا إليهم أن للضرورة أحكام، وأن ظروف الحياة هي التي دفعت بعض النساء لامتهان هذه المهن، وهذه مهنة بسيطة تستطيع المرأة القيام بها في البيت وتستطيع من خلالها أن تجمع دخلا بسيطا لعائلتها، وتستمر أحلام تلك النساء وقصصهن ببيع الطاجين على الأرصفة وحواف الطرق مع خيار صعب أملته عليهن الحياة، يدفعهن إلى الصبر عزيمة وإيمانا صادقا. ومن جهة أخرى وأثناء تجولنا في إحدى الأسواق وجدنا بعض النسوة يعرض إبداعاتهن في إعداد بعض الأكلات التقليدية التي تتزين بها المائدة الشاوية، فهن يتفنن في إعداد كسرة القمح، كسرة الحرشاية، أوراق الديول، حيث أنهن يعرضنها لعلهن بذلك يساهمن في دعم ميزانيتهن، وتؤكد إحدى النسوة أنها تقوم بإعداد كسرة الحرشاية وكسرة القمح إضافة إلى الحلويات كبقلاوة وقلب اللوز محاولة بذلك الحصول على بعض الأموال لتسد حاجياتها العائلية. فيما تؤكد أخرى أن هذا العمل متعب جدا لكنه الحل الوحيد فهي تعتبر نفسها بأمس الحاجة إلى امتهان هذه المهنة وبدورها تحمد الله أنها استطاعت بهذه المهنة تحقيق بعض المصروف هذا وأضافت لنا أنها تعمل في أوقات أخرى بمقر إقامتها على أنها تعد طلبات ربات البيوت خصوصا العاملات من مختلف الأطباق التقليدية كالتريدة، الشخشوخة، المقرطفة وغيرها حيث تجد نفسها تمتهن أية مهنة من أجل رفع مدخول أسرتها.