تتضاعف مصاريف العائلات الجزائرية مع حلول فصل الصيف وانطلاق موسم الأفراح والأعراس، ما يشكل مصاريف إضافية تزيدها إرهاقا وإنهاكا بعد تلك التي دفعتها طوال السنة وفي الشهر الفضيل وعيد الفطر، فتضطر العائلات إلى تقديم الهدايا للأقارب والأصدقاء والجيران بمناسبة الأعراس والنجاح في الدراسة، وفي الكثير من الأحيان تجد المرأة نفسها في مواجهة أعباء هذه الحفلات، إما من خلال إلى عدم تلبية الدعوة أو الاستدانة بغرض رد الجميل. يعرف فصل الصيف بكثرة المصاريف التي تضع الأولياء في مأزق حقيقي، فمن مصاريف شهر رمضان الفضيل تليها مصاريف عيد الفطر من ملابس ومستلزمات الحلويات، إلى الرغبة الجامحة في قضاء عطلة على شواطئ البحر، يضاف إليها في نهاية المطاف مصاريف الهدايا المقدمة في حفلات الزفاف والنجاح، هذا الأمر جعل الكثير من الأولياء خاصة ذوي الدخل المتوسط يتيهون وراء تلك الأموال التي يجب توفيرها من أجل تلبية تلك المتطلبات وحفظ ماء الوجه أمام الأهل والجيران، في الوقت الذي هم فيه ملزمون بإتباع سياسة التقشف من أجل توفير حقيبة الدخول المدرسي التي تعتبر هاجسا آخرا. عادة جميلة متوارثة من الأجداد وتعدّ الهدايا عربون محبة وتقدير ودليلاً على صدق المشاعر والنوايا لذا تتكلف العائلات وتبذل قصارى جهدها لاقتناء أبهظها وأغلاها للتعبير عن مشاعرها، ولأن زمن فئة 200 دينار والهدايا الرمزية كفناجين القهوة والشاي قد انقضى، فإن الهدايا لم تعد تختلط في قاعات الحفلات بل أصبح القائمون على الحفل ينصِّبون طاولة كبيرة عند مدخلها يضعون عليها كل الهدايا ويُلصقون عليها بطاقات تحمل اسم صاحب الهدية كي يُعرف بعد فتحها، لتُعاد له هدية بنفس قيمتها في احتفالاته القادمة خاصة وأن هذه العادة سنَّتها عائلاتٌ لها خبرة طويلة في الأعراس وسبق لها وأن تلقت هدايا رأت أنها لا تليق بمقامها. وفي هذا الإطار تقول "منال" أنها تتردد في قبول دعوات بعض المناسبات الاجتماعية الموجهة لها نظرا لأن الظروف المالية لعائلتها باتت صعبة والذهاب إلى مثل هذه المناسبات يحتاج إلى تقديم هدية ما، الأمر الذي يتسبب لها بإحراج خاصة تلك مناسبات الأقارب التي هي مطالبة بتقديم هدايا قيمة وهي الأعباء المادية التي ترهق وتثقل كاهل أسرتها البسيطة. وتكثر خلال هذه الفترة من السنة مناسبات الأفراح وأخرى النجاح في البكالوريا وكذا التخرج من الجامعات وغيرها، مما يتطلب زيارتهم جميعهم، فمن ناحية نكون حقاً مسرورين لكل من وفقه الله بإكمال مشوار نجاحه أو وجد شريك عمره فتزوّج أو غيرها من المناسبات السعيدة التي لا تعد ولا تحصى، ومن ناحية أخرى إلى جانب فرحتنا نصاب بإرهاق فكري ويتبعه إرهاق مادي كوننا لا نريد التقصير في مباركة كل هذه المناسبات لأصحابها. أما الحاجة ربيحه "معلمة متقاعدة " فقالت أن مثل هذا الأمر جميل ومتوارث من الأجداد، وهذه الأفراح تمر من منزل إلى آخر بمعنى أنك اليوم ستقدم الهدايا ويوم ما ستقدم لك الهدايا، ولكن في الوقت الحالي وفي ظل الظروف المالية الصعبة والغلاء الذي نعيشه فإن مثل هذه المناسبات أصبحت متعبة خاصة ماديا، لكن لا يمنك التخلي أو التغاضي عنها لأنك بهذا التصرف تعزل نفسك عن المجتمع وتقطع رحمك، خاصة وأننا في وقت المعاملة بالمثل. المال أفضل هدية حتى لا يتعرض المدعو إلى النقد. من جانبها أكدت "أمال"ربة بيت وأم لأربعة أبناء، أنها ستقيم قريبا حفلا بمناسبة نجاح طفليها في الدراسة أحدهما نال شهادة البكالوريا والثاني تحصل على شهادة الابتدائي، وهي بذلك ستكون أمام فرصة استرجاع ما قدمته للآخرين مؤكدة أنها لن تتوانى عن كتابة نوعية الهدايا وأسماء أصحابها، كي تعيد لكل ذي حق حقه. أما السيدة "جميلة"فأكدت أنها لا تكثرت لمثل هذه المناسبات فهي ترفض أن تضيِّق على نفسها وأبنائها وتقتطع مبالغَ مالية ضخمة من المصروف لشراء هدية قد لا تنال الإعجاب، فإرضاء الناس غاية لا تُدرك، ولأنها مدعوة لعدة أفراح ومناسبات كزفاف أحد أقربها وحفلات نجاح أبناء إخوتها وأخواتها، لم تجد هدايا تناسب ميزانيتها المتواضعة سوى إعطاء مبالغ رمزية كعربون ود ومحبة. مضيفة أن زوجها عامل بسيط ولديها التزامات عائلية أخرى كالدخول المدرسي مثلا الذي بدأت تستعد له، لذا يجب عليها أن تسير وفق إمكانياتها. وتتصدر الأواني قائمة هدايا الأعراس خاصة أطقم القهوة والشاي والعصير وقدور الطهي، والتي تتراوح أسعارها مابين 2000 و5000 دينار، وهناك من يفضل الأفرشة والأغطية الملابس والزرابي خاصة إذا كان الزفافُ لفتاة، أما تلك المتعلقة بالنجاحات الدراسية فتتمثل أساسا في الألعاب كاللوحات الرقمية وغيرها، بينما يفضل البعض منح المال حتى لا تتعرض هداياهم للنقد.