قلق.. عدوانية وأفكار انتحارية الهواتف الذكية تهدّد الصحة النفسية للأطفال
تحوّلت المنصّات الإلكترونية إلى إدمان حقيقي لدى الأطفال بحيث منعت عنهم الأكل والشرب وحتى التواصل مع الأسرة مما يهدد فئتهم من مختلف الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية فبتنا نجد أطفالا في سن الروضة يحملون هواتف نقالة ويجيدون استعمال تطبيقاتها أفضل من الكبار أحيانا أمام ترحيب واسع من طرف الأولياء متناسين العواقب الوخيمة للاستعمال المبكّر لتلك الأجهزة والتي أكدتها دراسات حديثة ودقّ حولها المختصون ناقوس الخطر. نسيمة خباجة أثرت الحياة الرقمية على الأسر والأطفال وصارت العزلة عنوانهم فلا تواصل ولا نقاشات مما أدى إلى دعوات بضرورة حظر الانترنت لساعات في الفترة الليلية من أجل دفع كل المخاطر وإعادة لمّ شمل العائلة فالتكنولوجيا باتت عدوا لدودا للأسر وتغامر بالأطفال الذين انغمسوا في العالم الرقمي مما كلّفهم المراهنة بصحتهم الجسدية والنفسية. يلاحَظ خلال العطلة الصيفية طويلة المدى انغماس الكثير من الأطفال من مختلف الأعمار في العالم الرّقمي والاستخدام المفرط للمنصات الالكترونية يحدث ذلك أمام أعين الأولياء دون منع فصارت تلك الوسائل حلولا بأيدي بعض الأسر للتخلص من شغب الأطفال متناسين الأضرار الوخيمة لتلك العادات السيئة على الأبناء. مخاطر بالجملة أكدت دراسة جديدة شملت أكثر من 100 ألف شاب وشابة تراوحت أعمارهم بين 18 و24 عاماً إلى أن امتلاك الأطفال للهواتف الذكية قبل بلوغهم سن 13 عاماً يرتبط بتدهور كبير في صحتهم النفسية لاحقاً لا سيما بين الفتيات. وبحسب الدراسة التي استعرضت شبكة أي بي سي نيوز الأمريكية نتائجها فإن الأطفال الذين حصلوا على هواتف ذكية في سن مبكّرة أبلغوا في مرحلة الشباب عن مستويات أعلى من القلق والعدوانية ومشاعر الانفصال عن الواقع إضافة إلى أفكار انتحارية. وتبيّن أن كل سنة من استخدام الهاتف قبل سن 13 كانت مرتبطة بتدهور إضافي في المؤشرات النفسية. وأشارت النتائج إلى أن الفتيات اللواتي امتلكن هواتف قبل سن 13 يعانين من تدن في الصورة الذاتية والثقة بالنفس وانخفاض في القدرة على التكيف العاطفي بينما أبلغ الفتيان عن شعور أقل بالهدوء والاستقرار والتعاطف. وتقول الدكتورة تارا ثياغاراجان إحدى المشاركات في إعداد الدراسة إن كلما حصل الطفل على الهاتف في سن أصغر زاد تأثره النفسي وازداد تشوّه نظرته إلى العالم من حوله . وتكشف الدراسة أن نحو 48 من الشابات اللواتي امتلكن هواتف ذكية في عمر 5 أو 6 سنوات أبلغن عن أفكار انتحارية حادة في سن الشباب مقارنة ب28 فقط ممن حصلن على الهاتف عند سن 13 أو بعده. وفي صفوف الذكور كانت النسبة 31 مقابل 20 على الترتيب. وعزت الدراسة هذا الفارق إلى الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى عوامل أخرى مثل التنمر الإلكتروني وضعف جودة النوم وسوء العلاقات الأسرية. وأوصى الباحثون بوضع ضوابط صارمة لاستخدام الأطفال دون 13 عاماً للهواتف الذكية وتطبيقات التواصل إلى جانب تعزيز برامج التثقيف الرقمي وتحميل الشركات مسؤولية ما يتعرض له الأطفال على منصاتها. دور بارز للأسرة شددت ثياغاراجان على أنه من المثالي ألا يمتلك الطفل هاتفاً ذكياً قبل بلوغ سن 14 عاماً وعند منحه الهاتف ينبغي على الأهل تخصيص وقت للحديث معه عن كيفية التعامل مع الإنترنت وتبعات ما يقوم به على هذه المنصات . وتتزامن نتائج الدراسة مع حملة يقودها عالم النفس الاجتماعي الأمريكي جوناثان هايدت مؤلف كتاب الجيل القَلِق للدعوة إلى فرض قيود وطنية على استخدام الأطفال للهواتف الذكية من بينها عدم منح الهاتف قبل المرحلة الثانوية وعدم استخدام وسائل التواصل قبل سن 16 وتحويل المدارس إلى مناطق خالية من الهواتف. كما حذّرت طبيبة الأطفال ناتاشا بورغرت من أن الأطفال يتعلمون من سلوك الأهل أكثر من أي شيء آخر قائلة: يراقب الأطفال كل ما تقومون به ولن يتوقفوا عن ذلك حتى يغادروا المنزل . وأضافت: خصّصوا دقائق يومياً للتواصل الحقيقي مع أطفالكم وأثبتوا لهم أن البشر الذين نعيش معهم أهم من الشاشات .