لم يعد لدى النظام العربي ما يستر به عريه أمام الشعوب وأمام التاريخ، فقد جعلته أمريكا الطاعون وكذا أوروبا المنافقة وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا، فاقدا لكل شرعية أمام عجزه عن حماية الأمة والدفاع عن أبنائها، مثلما ساهم انقسامه في تجرؤ من هبّ ودبّ على هذه المنطقة. لا يقوى هذا النظام على الظفر بأي انتصار سياسي أو دبلوماسي ما دام مصرّا على مواقف الضعف والخطاب غير المجدي وغير المقنع في المحافل الدولية. لقد لا حظ الجميع كيف هلّل وزراء الخارجية العرب في نيويورك بحصولهم على قرار مجلس الأمن 1860 حول وقف العدوان في غزة والذي جاء ضعيفا وغير قابل للتنفيذ، وهاهم اليوم يغرقون في التفاصيل والآليات والضمانات وغيرها من أشكال التسويف التي تخدم جيش الاحتلال على الأرض لولا أن المقاومة صامدة بإذن ربّها. لا يجيد العرب إدارة الحرب مثلما لا يجيدون إدارة نتائجها، فلا يزال التاريخ لم يخبئ أوراق مفاوضات الكلم 101 بعد حرب أكتوبر وما فعل هنري كسينجر، ولا تزال الصور عالقة حول مسار أوسلو والسلام المستحيل بعد تلك الهبّة الشعبية الرائعة بالانتفاضة الأولى والثانية. لا يزال أيضا اتفاق 2005 الخاص بالتهدئة والمعابر يرمي بظلاله على المشهد الفلسطيني، فقد أدت ثغراته إلى الحصار الجائر على أهل غزة أمام رؤوس الأشهاد، ويُراد اليوم العودة بطريقة أو بأخرى إلى مضمون ذاك الاتفاق برعاية مصرية أمريكية بما يرهن ميراث مقاومة وطنية وصمود شعب رفض الموت البطيء وحتى يتمّ التغطية عن المشكلة من أساسها وهي مشكلة الاحتلال. يقينا، هناك اليوم أيد عابثة تحاول سرقة صمود المقاومة وتحريف انتصار الشعب الفلسطيني رغم الضحايا والمجازر وجرائم الحرب التي يقترفها الصهاينة، والغاية أن ينال العدو بالسياسة والدبلوماسية ما عجز عنه بالسلاح والحرب. لقد دلّت الوقائع في ملف القضية الفلسطينية بالذات أن التواطؤ يكاد يكون قاعدة، وأن الخيانات والأدوار المشبوهة ترسم في السرّ مع لا يبدو في العلن، وعلى حماس وباقي الفصائل إلى جانب الأحرار في هذه الأمة أن ينتبهوا لما يدبّر بليل هذا العدوان المتعدّد الأطراف..! "لا تصالح فليس سوى أن تريد أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد وسواك.. المسوخ!" أمل دنقل