كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج يلتقي أفراد الجالية الجزائرية بالسعودية    مسراتي تبحث بالدوحة مع رئيس هيئة الرقابة الإدارية المصرية سبل التعاون في مكافحة الفساد    الجزائر تُحذّر من انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي وتدعو مجلس الأمن لتحمّل مسؤولياته    تفكيك 32 شبكة إجرامية في النصب الإلكتروني وتوقيف 197 متورطًا    انطلاق الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الدولي لموسيقى الجنوب بتمنراست    الشاي.. ترجمة الحياة وأنيس الجلسات    تأكيد على الكشف المبكر للأشخاص المقبلين على الزواج    أطباء علم السموم يحذّرون من استهلاك الفطريات البرية    المنخفض الجوي يُهدّد بكارثة في غزّة    قرار أممي لفائدة فلسطين    واقعية ترامب    الخضر يشرعون في التحضيرات    من يحرس مرمى الخضر ؟    دور محوري للجامعات الحدودية الجزائرية والتونسية    فرنسا مُطالَبة بتنظيف مواقع التفجيرات النووية    مؤهلات معتبرة تجعل الأغواط قطبا اقتصاديا واعدا    كيفيات جديدة للتسديد بالدينار    شبكات إجرامية تستهدف الأطفال    جامعة البليدة 1 تستضيف الدكتور زرهوني    لاناب توقّع اتّفاقية شراكة    هذه تفاصيل ورزنامة مسابقة توظيف 40 ألف أستاذ    الإدارة الرقمية الفعّالة خدمة للمتعامل الاقتصادي    تحذيرات من استمرار المغرب في "حربه الهجينة"    البرهان يبدي استعداده للتعاون مع الرئيس الأمريكي    شركات التأمين ملزمة بحماية المعطيات الشخصية    قفزة نوعية في إنتاج الأسماك ببومرداس    "غراندي بوندا" في مرحلة التجريب ب20% نسبة إدماج    تعزيز دور البحث العلمي والابتكار كقاطرة للتنمية    160 مليار لرد الاعتبار لعاصمة "روسيكادا"    العناصر الوطنية في تربص إعدادي ببجاية    قافلة متخصصة للكشف المبكر عن سرطان الثدي    نُجري أبحاثا متقدمة لعلاج أمراض السرطان    كأس إفريقيا فرصة إيلان قبال للانتقال إلى نادٍ كبير    بودربلة في مهمة تعبيد الطريق نحو أولمبياد ميلانو    منصة لاكتشاف تجارب سينمائية شابة    "رُقْية" يدخل قاعات السينما ابتداء من 22 ديسمبر    فرصة لتبادل الخبرات وتشجيع العمل الإبداعي    وزيرة البترول والمناجم التشادية في زيارة عمل إلى الجزائر لبحث تعزيز التعاون في قطاعي المحروقات والمناجم    الجزائر تفوز بمنصب مدير المركز العربي لتبادل الأخبار والبرامج لاتحاد إذاعات الدول العربية    اتفاقية شراكة بين قناة "AL24News" واتحاد إذاعات الدول العربية لتعزيز التعاون الإعلامي    ضرورة تعزيز حضور خطاب ديني وطني معتدل و ملتزم    اتحاد العاصمة يتأهّل    نحو رفع سرعة الأنترنت بالجزائر    التلفزيون الجزائري سينقل 17 مبارة لنهائيات للكان    وزيرا السكن والمالية يوقعان القرار الخاص بالسعر النهائي    هل هناك جريدة كبيرة عندنا..؟!    بوغالي يدعو إلى مواصلة دعم القضية الفلسطينية    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    فتاوى : سجل في موقع مراهنات وأعطوه هدية    من أسماء الله الحسنى .. الحليم    اللعبان بركان وبولبينة ضمن قائمة"الخضر"في ال"كان"    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يأس الشباب يدفعهم للموت وأوروبا ليست جنة
نشر في صوت الأحرار يوم 17 - 06 - 2009

يتفق المتخصصون في علم الاجتماع وعلم النفس على أن الأسباب التي تقف وراء ارتفاع عدد الجزائريين المهاجرين أو الراغبين في الهجرة، تتمثل في تدني مستوى المعيشة وتشكل دول أوروبا حلم آلاف الشبان الجزائريين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، وإذا كان أبناء البعض يستطيعون تحقيق هذا الحلم في وضح النهار دون ارتكاب المخالفات ويتمكنون من الاستقرار في كبريات العواصم الأوروبية، فإن أبناء الفقراء "الزوالية" تواجههم العراقيل البيروقراطية التي تمنعهم من تحقيق هذا الحلم، الأمر الذي جعل غالبيتهم يتحولون إلى "حراقة" ويضحون بالنفس التي حرم الله قتلها من أجل بلوغ الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
أكد علي بوطاف أستاذ علم النفس بجامعة بوزريعة أن هجرة الشباب غير المشروعة هدفها تحسين الوضعية الاجتماعية والمالية لهم، موضحا أن الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى ذلك متعددة وأهمها التسرب المدرسي والبطالة وكذا الفراغ القاتل الذي يعاني منه الشباب مما يسبب لهم حالة من الضيق والاكتئاب النفسي وهو ما يدفعهم إلى الهجرة بحثا عن ذاتهم و ستقبلهم محاولين إيجاد حياة أفضل في الضفة الشمالية للبحر المتوسط وسط عالم متغير من جميع الجوانب وهو "عالم لا يرحم ولا يعبأ بالضعيف"، فهذه الظاهرة النفسية والاجتماعية والاقتصادية أيضا وإن كانت مشتركة في دوافعها وأسبابها فإنها تختلف من جهة أخرى في ما تتركه من آثار على نفسية كل شاب لأن الحديث هنا متعلق بعدة أصناف من هؤلاء الشباب فهناك من" حرق" ونجح كما هناك من "حرق" ولم ينجح وألقي عليه القبض وسجن ويحاول إعادة الكرة مرة أخرى، كما يوجد أيضا من يفكر في توفير العوامل المساعدة على "الحرقة "، واعتبر محدثنا هذا السلوك نتيجة حتمية لمشاعر الإحباط واليأس الذي يتخبطون فيه، متمسكين بهذا الطريق الذي يرون فيه المحاولة الأخيرة للخروج من الوضع السيئ الذي يتواجدون عليه مهما كانت النتيجة ناجحة أو فاشلة.
فالشاب الذي يحاول مرارا وتكرارا "الحرقة" –يقول الأستاذ- فقد الأمل في الوصول إلى بدائل يمكنها أن تغير مجرى حياته، والأمر الذي يجهله الكثير من الشباب هو أن الحياة ما وراء البحار ليست بالصورة التي يرسمونها في أذهانهم المشكلة من وروود ونعم، وهذا حسب ما يورده عليهم البعض ممن هاجروا والذين لا ينقلون صورة حقيقية عن ذاك الواقع خاصة وأن الدول الأوروبية التي تشكل الوجهة الأولى "للحراقة" تصرح في كل مناسبة بعلانية أنها لا تقبل بهؤلاء والوضعية تبقى دائما جحيما بالنسبة لهم.
وفي ظل غياب إحصائيات ودراسات تحدد حجم الخطورة التي باتت تشكلها هذه الظاهرة، هناك طاقات بشرية تستعبد في الخارج ويتم استغلالها أبشع استغلال، فيما تبقى المحاولات البسيطة التي تدرس الظاهرة محدودة ولا تبحث في أعماق المشكل وبالتالي إيجاد الحلول التي تساعد الشباب على العدول عن هذه المخاطرة، فيما تقوم الجهات المعنية من خلال ما نجده في الواقع باتباع أساليب أخرى أثبتت فشلها، والمتمثلة في العقاب والعنف وهذا الأخير لا يولد سوى العنف، ولذا بات من الضروري يضيف الأستاذ، دراسة الظاهرة دراسة نفسية واجتماعية واقتصادية، للوقوف على الأسباب التي ترمي بهؤلاء إلى هذا الجحيم ويتسنى محاربة الظاهرة التي من خلال توفير مناصب عمل لهم وكل ما هو كفيل بتحسين مستوى معيشتهم وضمان حياة كريمة.
وأشار محدثنا إلى غياب الوازع الديني لدى العديد من المقبلين على هذا الفعل الخطير الذي يعتبره الكثير من المختصين في هذا المجال بمثابة انتحار مستدلا في مجرى حديثه بالآية القرآنية الكريمة التي تحرم قتل النفس حيث يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "ولا تقتلوا النفسَ التي حرَّم اللهُ إلا بالحق" ، يضاف إلى هذا المآسي والأحزان التي تنجر عن هذا الفعل، حيث يترك هذا الشاب فراغا قاتلا في العائلة التي تقضي أيامها في رحلة البحث عن المفقود الذي لا يعلمون إن تمكن من الهجرة أو وقع فريسة للأسماك وهي تحترق في انتظار أي خبر عن فلذة كبدها وما يمكن أن يتعرض له في البلاد التي هاجر إليها خاصة وأنه متواجد هناك بطريقة غير شرعية.
ويرى سمير عيمر أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة بوزريعة، أن الشاب الجزائري لم يعد يحلم بالاستقرار في دول الشمال فقط بسبب المشاكل التقليدية المعروفة من طرف الجميع، وإنما أيضا من أجل اكتشاف هذا العالم الذي تروج له وسائل الإعلام سيما بعد الانفتاح الإعلامي الذي شهدته البلاد بفضل انتشار الهوائيات، مما سمح للشباب باكتشاف حياة أخرى وأوضح أن تدني مستوى عيش الفرد، وارتفاع مستوى البطالة والفقر في المجتمع الجزائري دفعا الشباب أيضا إلى الوقوع في فخ اليأس، وأوجدا الرغبة في التغيير نحو الأفضل مهما كانت الطرق، كما أن حب التسلية والترفيه يزيدان من إصرار هؤلاء الشباب على الهجرة فالممنوع مسموح به ومباح في البلد المستقبل.
وكشف محدثنا أن العقلية والذهنيات الجديدة التي باتت تتميز بها العائلات الجزائرية ساهمت بشكل كبير في ترسيخ حب الهجرة لدى الأبناء، فبعض العائلات أصبحت تغار من تلك التي تملك أبناء في الخارج، فتسعى جاهدة إلى إقناع هؤلاء بالسفر لأنه السبيل الوحيد للخروج من أزمة الفقر التي تعاني منها.
وحذر من الخطورة التي تنعكس بها الظاهرة على الوطن، فأغلبية الشباب يحاولون الهجرة وهذا يعني أن النمو الديمغرافي يصبح غير طبيعي، بمعنى انتشار العنوسة وكذا تحول المجتمع إلى مجتمع نسوي، وشيوخي مما يؤدي إلى إخلال التوازن، بالإضافة إلى أولئك الذين يموتون في عرض البحار، فيما أعاب في هذا الإطار سياسة الدولة للحد من انتشار الظاهرة، لذا بات من الضروري وضع سياسة محكمة من طرف الجهات المعنية، وذلك بتوفير مناصب العمل وتحسين الظروف المعيشية لهؤلاء مشيرا أن الظاهرة لم تعد تقتصر على فئة معينة بل هي تأخذ أبعادا أخطر بسبب التنوع الفئوي للحراقة الذي لم يعد مقتصرا على البطالين فقط وإنما أيضا الإطارات والطلبة وكذا من مختلف الفئات الاجتماعية من أغنياء وفقراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.