الوزير الأول يجري محادثات بفريتاون    مزيان يرافع للحريّة والمسؤولية    الجزائر لا تقبل أن يزايد عليها أحد في خبرتها في مواجهة الإرهاب "    إطلاق منصة "الحساب الفردي للأجير"    تعبئة أكثر من 194 مليار دينار خلال سنة    تسهيلات استثنائية عبر مينائي الجزائر ووهران    جرائم فرنسا في الجزائر لن تُنسى    غزّة.. مجازر وجوع    الجزائر تعرب عن بالغ قلقها إزاء الاشتباكات المأساوية    إعلان الجزائر" " صوت للشعوب العربية المناصرة للحق الفلسطيني"    مباراة مجنونة    لامين جمال يتعهد بالعودة    البليدة :إخماد حريق مهول في مركز تجاري ببلدية مفتاح    أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات    الجزائر تُنتخب لرئاسة لجنة الملكية الفكرية    برمجة 22 رحلة إلى البقاع المقدسة انطلاقا من المطار الدولي لوهران    شباب: حيداوي يشرف على لقاء تنسيقي مع أعضاء وفد "شباب سفراء الذاكرة"    الإعلام العماني يثمن مخرجات الزيارة التاريخية الناجحة للسلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر    محكمة ميلة: إيداع صاحب محل لبيع اللحوم الحبس المؤقت بجنحة المضاربة غير المشروعة    السيدة شرفي تؤكد من معسكر:"خطوات كبيرة" في مجال حماية الطفولة بالجزائر    الهلال الأحمر الجزائري واللجنة الدولية للصليب الأحمر : التوقيع على الاتفاقية السنوية    مجازر 8 ماي 1945 : الجرائم الاستعمارية المرتكبة في الجزائر كانت بتواطؤ ما بين العسكريين والسياسيين الفرنسيين    أعرب عن "بالغ قلقها" إزاء الاشتباكات "المأساوية" بين الهند وباكستان..الجزائر توجه دعوة ملحة لضبط النفس    6000 ناجح في مسابقة سوناطراك    إصلاحات كبرى في المناجم    عرض حول واقع الإعلام بالجزائر    عناية أكبر بذوي الاحتياجات الخاصة    قويدري يعرض الإستراتيجية الجديدة    حج: انطلاق أول رحلة من غرداية إلى البقاع المقدسة يوم 22 مايو    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    علامات التوفيق من الله    الحزب الشيوعي الجنوب إفريقي يجدد دعمه الثابت لنضال الشعب الصحراوي    إطلاق منصة رقمية مخصصة للتراث الوطني المادي واللامادي    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    البليدة: إقبال كبير للجمهور على تظاهرة أبواب مفتوحة حول الرياضة العسكرية    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى انتيغوا و بربودا    تصفيات شان-2025/الجزائر- غامبيا : "الخضر" على بعد 90 دقيقة من المرحلة النهائية    البطولة الجهوية لكرة القدم داخل القاعة لفئة الصم يومي الجمعة والسبت بالشلف    سعداوي يشرف على انطلاق امتحانات إثبات المستوى ويؤكد التزام القطاع بالتحديث الرقمي والتربوي    خلال محادثات مع "ماتيلاك" اللبنانية، عجال نشجع على توطين النشاط الصناعي بالجزائر وتوسيعه    على الحجاج شراء سندات الهدي من الجهات الرسمية    استقرار أسعار الخضر والفواكه بأسواق الجملة والتجزئة    تحذير من السباحة في السدود والبرك والمجمّعات المائية    الجزائر تبهر تنظيميا وتبعث جيلا رياضيا واعدا    قمة تنافسية على اللقب بين بلوزداد والمولودية في أجواء "باردة"    20 مليار دولار خسائر الجزائر من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي    وهران تنظم ثاني عملية إعادة إسكان بأرزيو    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    ضرورة التصدي لمخططات الصهيونية الخبيثة    الكتابة الإبداعية فضاء أقلّ تقييدا    الإعلان عن تأسيس مهرجان للفيلم الوثائقي التاريخي    "لعوينات" تخلد ذكرى مجازر 08 ماي    رامي بن سبعيني ضمن تشكيلة الأسبوع    الذكاء الاصطناعي منافس افتراضي لعمل الصحفي    تفكيك شبكة إجرامية تروج المهلوسات    تنصيب التشكيلة الجديدة للمجلس الوطني للفنون والآداب..بللو يدعو إلى توفير بيئة مستقرة ومحفّزة لتكوين ودعم الفنان    قبس من نور النبوة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل التمثال؟!
صيحة الفجر••
نشر في الفجر يوم 23 - 12 - 2009

بالأمس فقط قابلت الوزير الأسبق للتربية الوطنية محمد شريف خروبي•• هذا الرجل الهرم الذي يرجع إليه الفضل الأول في الإنجازات التربوية التي حصلت في المدرسة الجزائرية في السبعينيات والثمانينيات••!
ولو كانت الجزائر من الدول التي تمجد أبناءها لأقامت له تمثالا في مدخل وزارة التربية، مثله مثل العديد من الذين احترقوا من أجل أن تسطع أضواء منارة التربية في الجزائر! هذا الخريج من جامعة بغداد في التسعينيات بدأ معركة العربية في الجزائر بمنطقة القبائل كأستاذ، ثم تحول إلى نقابي وممثل للجزائر في منظمة العمل العربي بالقاهرة في بداية السبعينيات!
استدعاه الراحل بومدين من القاهرة ليعيّنه واليا على تيزي وزو في بداية السبعينيات، ليكون ثاني الولاة المعربين الذين يعينون على رأس الولاية، بعد محمد علي غزالي أطال الله عمره!
وصل خروبي إلى مطار الدار البيضاء (هواري بومدين الآن) وملأ بطاقة الاستعلامات الخاصة بالدخول إلى التراب الوطني باللغة العربية، وقدمها مع جواز السفر، فأرجعها له الشرطي بعد أن نظر في البطاقة وفي وجه صاحبها وفي جواز السفر قائلا له: عليك بملء البطاقة بالفرنسية!•
فأجابه خروبي النقابي والأستاذ:'' لا أعرف الفرنسية•• فقال له الشرطي: لقد وضعنا لكم من يملأ لكم البطاقة وها هو هناك، اذهب إليه كي يملأها لك•• فأجابه خروبي بلهجة الواثق من نفسه:''هذه المساعدة وضعت للأميين وأنا لست أميا•• أنا أحمل ليسانس من أعرق جامعة في الكون••!''
فقال الشرطي بلهجة الواثق مما يقول: إذا لم تملأ الإستمارة بالفرنسية فلن تدخل الجزائر، فقال له خروبي: ''سأعود إذاً إلى القاهرة!''• وتنحى جانبا ووقف؟! انتظر الشرطي بعض الوقت لعل شيطان العربية ينزل من رأس خروبي ويقوم بملء الإستمارة بالفرنسية•• ولكنه لم يفعل فذهب الشرطي إلى الضابط الذي فوقه في مكتبه•• بلغه بالحادثة وتعنت خروبي! فنظر الضابط من خلف باب مكتبه خلسة إلى خروبي، فرأى فيه الرجل المهم الواقف بشموخ الجزائري الجرجري الأصيل•• فقال للشرطي: اطبع له جواز السفر واتركه يمر••!
دخل خروبي إلى العاصمة•• وقابل بومدين في اليوم الثاني في رئاسة الجمهورية وعينه واليا على تيزي وزو•• وسلم له جواز سفر ديبلوماسي وأمراً بمهمة، ليذهب إلى القاهرة لتسليم مهامه إلى خليفته هناك ويعود إلى الجزائر لاستلام ولاية تيزي وزو••
وعند مغاردة المطار•• صادف أن تقابل مع نفس الشرطي، فقدم له جواز السفر الديبلوماسي والأمر بمهمة وبطاقة المعلومات مكتوبة بالعربية•• فنظر الشرطي باستغراب في الأوراق وهو لا يصدق ما يقرأ•• وشك في بادئ الأمر أن خروبي قد يكون منتحل صفة••! ولكنه تأكد من أنه بالفعل والٍ بولاية تيز ي وزو، ويملأ البطاقة المعلوماتية بالعربية! فتركه يمر وهو يتبع خطواته بنظراته ويتمتم بالفرنسية•• والٍ لتيزي وزو ويكتب بالعربية!•
وحكى لي سي محمد الشريف خروبي حكايتين تعكس كل واحدة منهما قوة دفاع هذا الرجل عن العربية في الوقت الصعب، الحكاية الأولى هي أنه عندما حضر إلى الجزائر في بداية الاستقلال جلس في مقهى طانطانفيل بساحة بور سعيد•• ورأى أحد المعربين الجبناء يجلس في المقهى ويكفن جريدة الشعب بجريدة المجاهد•• فتقدم منه وقام بعكس الوضع وكفن المجاهد بجريدة الشعب•• قائلا له: هذا هو الوضع الطبيعي فلماذا تعكسه!
والحكاية الثانية: هي أنه عندما عين خروبي وزيرا للتربية الوطنية عقد جلسة عمل مع الإطارات المركزية للوزارة، وأثناء اللقاء سمع أحد المديرين المركزيين يقول لصاحبه: أنا سأغادر الوزارة فلا أستطيع العمل مع هذا الوزير ''المعربز''! وقدم طلب الإعفاء من المهام، فتحرى خروبي خلسة عن الوجهة التي يود الذهاب إليها هذا المدير•• فقيل له إنه يريد أن يذهب للعمل تحت سلطة ''معربز'' آخر عين على رأس كتابة الدولة للتعليم الثانوي•• وهو من منطقة القبائل أيضا! وأن هروب هذا المفرنس ليس من الوزير خروبي المعرب بل الهروب كان لأسباب أخرى!
جمع خروبي إطارات الوزارة من جديد•• وتعمد توجيه كلامه إلى ذلك المدير قائلا له: الوزارة بدونك لا يمكن أن تسير! وأنا لا أعمل شيئا في هذه الوزارة بدون رأيك فأنت الوزير ولست أنا••! ولذلك فإن طلب إعفائك من المهمة غير مقبول••!
اطمأن صاحبنا إلى أنه هو الوزير، فعدل عن فكرة الذهاب إلى وزارة أخرى للبحث عن منصب أفضل••! وعندما عين كاتب الدولة للتعليم الثانوي الإطارات الخاصة به ولم يعد هناك أي مكان شاغر•• قام خروبي باستدعاء صاحبه إلى مكتبه وقال: لقد قدمت لي طلب الإعفاء من مهامك وقلت لزملائك•• أنا الذي تعلمت فن الإدارة من ''لاصاص'' لا يمكن أن أعمل مع الوزير ''المعربز''، فها أنا ذا أوافق لك على طلب الإعفاء من مهامك بعد أن ضاعت الوظيفة عند صاحبك المعربز الآخر! وهذا أول درس تتعمله من ''لاصاص المعربزين''! هذا هو خروبي محمد الشريف!
وإن كنت أنسى لن أنسى قولته الشهيرة وهو يوحد المدرسة الجزائرية ويقول لابد لأبنائنا من بطاقة رمادية واحدة•• في إشارة إلى ظاهرة الازدواجية في التعليم على أساس الأقسام المفرنسية والمعربة، وما أفرزته من ظواهر طبقية بنيت علي أساس اللغة! ويكفيه فخرا أنه كان المحرك الأساسي لفكرة المدرسة الأساسية التي غيرت وجه الجزائر الحديث•• أفلا يستحق تمثالا أمام وزارة التربية؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.